شهدت القارة الأوروبية خلال الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر حالة غير مسبوقة من الارتباك والفوضى في حركة السفر الجوي، بعدما تعرّضت شبكة الرحلات لاضطرابات واسعة النطاق بدأت في 29 ديسمبر، ولا تزال آثارها مستمرة، لتلقي بظلالها الثقيلة على موسم الأعياد ونهاية العام.
1900 حالة تأخير
وسجلت المطارات الأوروبية أكثر من 1900 حالة تأخير وإلغاء للرحلات في فترة زمنية قصيرة، شملت مطارات رئيسية تمتد من السويد شمالًا إلى البرتغال جنوبًا، مرورًا بفرنسا وسويسرا ودول أخرى. هذه الاضطرابات الواسعة تسببت في شلل جزئي لحركة الطيران، وتركت مئات الآلاف من المسافرين عالقين داخل المطارات أو مجبرين على تغيير خططهم في اللحظات الأخيرة.
الطقس العنيف في قلب الأزمة
ويعتبر السبب الرئيسي لهذه الفوضى يعود إلى سوء الأحوال الجوية، حيث ضربت أوروبا موجات متلاحقة من العواصف الشتوية، شملت:تساقط كثيف للثلوج في شمال ووسط القارة، وأمطار غزيرة ورياح قوية في غرب وجنوب أوروبا، وانخفاض حاد في درجات الحرارة تسبب في تجمّد المدارج وتعطل عمليات الإقلاع والهبوط
هذه الظروف الجوية الصعبة فرضت قيودًا صارمة على حركة الطيران، وأجبرت شركات الطيران وسلطات المطارات على إلغاء أو تأجيل عدد كبير من الرحلات حفاظًا على السلامة.
مشكلات تشغيلية تكشف هشاشة القطاع
وساهمت المشكلات التشغيلية إلى جانب الطقس، ونقص الطواقم في تعقيد الأزمة، حيث أنه بعد سنوات من الضغوط التي تعرّض لها قطاع الطيران عقب جائحة كورونا، لا تزال العديد من شركات الطيران الأوروبية تعاني من، نقص في الطيارين وأطقم الضيافة، وضغوط على أنظمة الجدولة، ومحدودية القدرة على التعامل مع الطوارئ واسعة النطاق.
ومع تزامن الأزمة مع ذروة حركة السفر خلال موسم الأعياد، بدت البنية التشغيلية للقطاع عاجزة عن امتصاص الصدمة.
معاناة المسافرين وغضب متصاعد
داخل المطارات الأوروبية، سادت أجواء من الغضب والإرهاق، مسافرون قضوا ساعات، وأحيانا أياما، في صالات الانتظار دون معلومات واضحة، بينما اشتكى آخرون من ضعف التواصل من قبل شركات الطيران وغياب البدائل السريعة.
وتحول موسم يفترض أن يكون وقتًا للراحة ولمّ الشمل العائلي إلى تجربة مرهقة نفسيًا وماديًا، خاصة مع ارتفاع تكاليف الإقامة المفاجئة وفقدان الحجوزات والارتباطات.
تداعيات اقتصادية أوسع
لا تقتصر آثار الفوضى الجوية على المسافرين فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد الأوروبي. فقد تأثرت:قطاعات السياحة والفنادق، وحركة الأعمال والتجارة، وسلاسل الإمداد التي تعتمد على الشحن الجوي
ويرى خبراء أن تكرار مثل هذه الأزمات يهدد صورة أوروبا كمركز موثوق للسفر الدولي، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة مع مراكز طيران خارج القارة.
أسئلة حول الاستعداد للمستقبل
أعادت هذه الأزمة فتح النقاش حول جاهزية قطاع الطيران الأوروبي للتعامل مع التغيرات المناخية المتطرفة، التي أصبحت أكثر تكرارًا وحدة. كما طرحت تساؤلات جدية حول الحاجة إلى:تحديث البنية التحتية للمطارات، و تحسين خطط الطوارئ، وتعزيز التنسيق بين شركات الطيران والسلطات
وتكشف فوضى السفر الجوي في نهاية ديسمبر أن قطاع الطيران الأوروبي يقف أمام اختبار صعب. فبين الطقس العنيف، والهشاشة التشغيلية، والضغط الموسمي، باتت سماء أوروبا مسرحًا لأزمة تعكس تحديات أعمق، ومع اقتراب عام جديد، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تتعلم القارة العجوز من هذا الدرس القاسي، أم ستتكرر الفوضى مع كل شتاء جديد.