قمة البريكس.. الهند تقود المجموعة فى 2026.. رهانات مستقبلية للإصلاح الاقتصادى.. عضوية مصر فى المجموعة فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين لتصدير المنتج المصرى لدول «بريكس»

الأحد، 28 ديسمبر 2025 07:00 م
قمة البريكس.. الهند تقود المجموعة فى 2026.. رهانات مستقبلية للإصلاح الاقتصادى.. عضوية مصر فى المجموعة فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين لتصدير المنتج المصرى لدول «بريكس» مجموعة البريكس

يشهد الاقتصاد العالمي الحديث، قفزات فى السياسة الاقتصادية بداية من قيادة البرازيل للقمة السابعة عشر لمجموعة البريكس، القمة التي قد تكون استثنائية بشكل كبير جدا، نظرا للمستجدات والتطورات الاقتصادية العالمية التي ترفع من حالة عدم اليقين، ما قد يمكن أن يمثل لهذا التكتل الاقتصادي - الأسرع نموا في العالم- فرصة لتحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية التي لطالما سعى إليها أعضاؤه.

وبموجب التناوب والتوافق اللذان تم اعتمادهما في البرازيل في ديسمبر، حيث تولت الهند رئاسة مجموعة بريكس لعام 2026، مما يؤكد عضويتها وفرصة تعزيز مكانة هذه الرابطة الحكومية الدولية كقوة جيوسياسية رائدة في الجنوب العالمي. فكانت البرازيل قد تسلمت رئاسة بريكس من روسيا في 1 يناير 2025. وبعد توسعها، تضم بريكس حاليًا عشر دول هى البرازيل، والصين، ومصر، وإثيوبيا، والهند، وإندونيسيا، وإيران، وروسيا، وجنوب أفريقيا، والإمارات العربية المتحدة.

 وفى نفس السياق، تستهدف مصر من خلال انضمامها لتجمع "بريكس" تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول "بريكس"، ودعم آليات التنسيق حول إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية في الأطر المالية والنقدية الدولية بما يعكس تزايد وزنها الاقتصادي، بجانب تعظيم الاستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين الدول أعضاء المجموعة، لاسيما جذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية.

أبرز المكاسب الاقتصادية من عضوية مصر بمجموعة "بريكس"

من أبرز المكاسب الاقتصادية من عضوية مصر بمجموعة "بريكس" توطيد العلاقات التجارية بينها ودول المجموعة، وزيادة الصادرات المصرية إلى أسواق التكتل العالمى، وبالفعل شهدت نسبة الصادرات المصرية للدول الأعضاء ارتفاعًا منذ انضمامها رسميًا في يناير 2024 للتجمع، حيث زادت الصادرات المصرية بنسبة 13% في الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، وجاءت الهند وروسيا والبرازيل فى المقدمة للدول المستوردة من مصر.

عضوية مصر في تجمع "بريكس" أتاحت فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين، لتصدير المنتج المصري لدول التجمع لاسيما الأسواق الناشئة الرئيسة مثل "الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا"، وبالفعل زاد عدد من القطاعات الصناعية المختلفة في مصر صادراته لدول "بريكس"، وذلك وفقًا لتصريحات الوزير المفوض يحيى الواثق بالله رئيس التمثيل التجاري المصري.

تاريخ نشأة مجموعة البريكس

وترجع جذور المجموع إلى النواة التى ذرعها وزير الخارجية الروسي يفجيني بريماكوف بمفهوم مجموعة البريك عام 1998، ويمكن تتبع جذورها إلى سلسلة من المنتديات غير الرسمية ومجموعات الحوار مثل مجموعة روسيا والهند والصين (RIC) ومجموعة الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا (IBSA). إضافةً إلى هذا الجانب المهم من تاريخها، فإن مصطلح "بريك" (BRIC) كان في الأصل مصطلحًا صاغه الخبير الاقتصادي البريطاني جيم أونيل، ثم تبنّته لاحقًا جهة عمله، غولدمان ساكس، عام 2001، للإشارة إلى مجموعة من الأسواق الناشئة.

عُقدت القمة الافتتاحية للتكتل عام 2009 (قمة يكاترينبورج) بمشاركة الدول المؤسسة: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين. وقد تبنت هذه الدول الأربع اختصار "بريك" (BRIC) وشكلت تجمعًا دبلوماسيًا غير رسمي، حيث تجتمع حكوماتها سنويًا في قمم رسمية لتنسيق السياسات متعددة الأطراف. وفي العام التالي، انضمت جنوب أفريقيا رسميًا إلى المجموعة بعد أن تلقت دعوة ودعمًا من الصين، وتأييدًا كاملًا من الهند وروسيا.

انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة في سبتمبر 2010، والتي أُعيد تسميتها آنذاك إلى مجموعة البريكس، وشاركت في القمة الثالثة عام 2011 كعضو كامل العضوية. وشهد التوسع الأكبر مشاركة إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة في القمة الأولى كدول أعضاء عام 2024 في قازان، بجمهورية تتارستان ذاتية الحكم، التابعة للاتحاد الروسي. وفي وقت لاحق، انضمت إندونيسيا رسميًا مطلع عام 2025، لتصبح أول عضو من جنوب شرق آسيا. ومنذ عام 2024، يُستخدم اختصار بريكس+ أو بريكس بلس بشكل غير رسمي للإشارة إلى العضوية الجديدة.

في 24 أكتوبر 2024، دُعيت 13 دولة إضافية، هي الجزائر، وبيلاروسيا، وبوليفيا، وكوبا، وإندونيسيا، وكازاخستان، وماليزيا، ونيجيريا، وتايلاند، وتركيا، وأوغندا، وأوزبكستان، وفيتنام، للمشاركة كـ"دول شريكة". ويتيح هذا الوضع لهذه الدول المشاركة في مبادرات مجموعة البريكس والاستفادة منها. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الدول قد تلقت دعوات رسمية للانضمام إلى المجموعة، إلا أن هناك احتمالاً كبيراً لانضمامها كأعضاء كاملين في المستقبل.

رئاسة الهند لمجموعة البريكس
 

تُعقد اجتماعات القادة (أو قمم القادة) مرة واحدة سنويًا بالتناوب. لا تمتلك مجموعة البريكس مقرًا دائمًا ولا أمانة عامة. وتُعقد عدة اجتماعات وزارية، على سبيل المثال، بين وزراء الخارجية والمالية ومحافظي البنوك المركزية والتجارة والطاقة في الدولة التي ترأس تحالف البريكس

وقال رئيس الوزراء ناريندرا مودي خلال كلمته في قمة البريكس في عام 2014، أن : "إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية كان على جدول أعمال البريكس منذ إنشائها".

وقبل قمة كازان، صرّح رئيس الوزراء مودي صراحةً بأن مجموعة البريكس لم تكن تهدف قط إلى معاداة أي طرف أو الغرب، وأنها تمثل فقط كيانًا غير غربي. وفي قمة كازان، أضاف رئيس الوزراء مودي قائلًا: "يجب أن نتوخى الحذر لضمان ألا تكتسب هذه المنظمة صورة من يسعى إلى استبدال المؤسسات العالمية".

في قمة البريكس السابعة عشرة التي عقدت في ريو دي جانيرو في 7 يوليو 2025، صرح رئيس الوزراء مودي بأن الهند ستعطي "شكلاً جديداً" لمجموعة البريكس خلال رئاستها في عام 2026.

فيما اقترح رئيس الوزراء مودي إعادة تعريف مجموعة البريكس على أنها "بناء القدرة على الصمود والابتكار من أجل التعاون والاستدامة" وأكد على اتباع نهج يركز على الإنسان، واضعاً أوجه تشابه مع رئاسة الهند لمجموعة العشرين، حيث تم إعطاء الأولوية للجنوب العالمي.

أكد رئيس الوزراء مودي أن الهند ستعمل على تطوير مجموعة البريكس مع التركيز على "الإنسانية أولاً"، مسلطاً الضوء على الحاجة إلى جهود عالمية مشتركة لمعالجة التحديات المشتركة مثل الأوبئة وتغير المناخ.

كما دعا رئيس الوزراء مودي إلى إصلاح عاجل للمؤسسات العالمية لتعكس حقائق القرن الحادي والعشرين، مؤكداً على زيادة تمثيل الجنوب العالمي ومنتقداً الهياكل القديمة مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية.

توضيحًا لموقف مجموعة بريكس+ بشكلٍ جليّ: في إحاطة إعلامية عُقدت في أكتوبر 2024، صرّحت وزارة الخارجية الروسية على موقعها الإلكتروني بأن "إطار عمل بريكس غير تصادمي وبنّاء"، وأنه "بديلٌ عمليٌّ لعالمٍ يخضع لقواعد غريبة"، وبهذا التعريف العملي، يُعزّز دور بريكس في العالم. ويُتاح لأعضاء بريكس فرصة التعامل المتبادل مع أي دولة في العالم، ولا يُحظر عليهم إقامة علاقات ودية مع الولايات المتحدة وأوروبا.

استشهد الرئيس بوتين برئيس الوزراء ناريندرا مودي قائلاً إن "مجموعة البريكس ليست معادية للغرب، بل هي ببساطة غير غربية"، بل واقترح أن دول البريكس يمكن أن تكون جزءًا من عملية السلام في أوكرانيا.

توجد تحليلات كلاسيكية أخرى. فعلى سبيل المثال، كتب جوزيف ناي في يناير 2025 أن مجموعة البريكس، "كوسيلة للخروج من العزلة الدبلوماسية، مفيدة بالتأكيد لروسيا"، وينطبق الأمر نفسه على إيران. ومع ذلك، أوضح الخبير السياسي ناي أن توسع البريكس قد يُؤدي إلى مزيد من "التنافسات الداخلية"، مما يُحد من فعالية المجموعة. ومع ذلك، فقد حوّل توطيد البريكس المجموعة إلى قوة تفاوضية مؤثرة تُشكّل الآن تحديًا لأهداف واشنطن الجيوسياسية والاقتصادية.

على الرغم من الانتقادات المتكررة الموجهة لدونالد ترامب، تسعى معظم دول البريكس إلى تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث عيّن الكرملين كيريل ديميترييف، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، ممثلاً خاصاً للرئيس الروسي للتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية. ومنذ تعيينه، أصبح عودة الشركات الأمريكية إلى السوق الروسية محور اهتمام الولايات المتحدة. وقد كلفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعزيز الحوار التجاري بين البلدين، والتفاوض بشأن عودة الشركات الأمريكية. ولا شك أن توجهات مماثلة لا تخفى على أحد، إذ تركز الهند وإثيوبيا وجنوب أفريقيا على تحديد فرص عملية للتعاون الاقتصادي، وتحقيق عائدات كبيرة من التجارة، بالإضافة إلى إيجاد سبل لدعم التحويلات المالية الضخمة التي يقدمها المغتربون الأمريكيون.

 

الهيكل المالي لمجموعة بريكس+

تهيمن الصين على مجموعة البريكس، إذ تمتلك الحصة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة، بنسبة تقارب 70% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. ويتكون الهيكل المالي لمجموعة البريكس من بنك التنمية الجديد واتفاقية الاحتياطي الطارئ. وقد تم توقيع هذه المكونات في معاهدة عام 2014 ودخلت حيز التنفيذ عام 2015. وبنك التنمية الجديد، المعروف رسميًا باسم بنك تنمية البريكس، هو بنك تنمية متعدد الأطراف تديره الدول الخمس الأعضاء في مجموعة البريكس.

يركز البنك بشكل أساسي على تمويل مشاريع البنية التحتية، حيث تصل قيمة القروض المعتمدة إلى 34 مليار دولار أمريكي سنويًا. وتستضيف جنوب أفريقيا المقر الرئيسي للبنك في أفريقيا. بدأ البنك برأس مال قدره 50 مليار دولار أمريكي، وارتفعت ثروته تدريجيًا إلى 100 مليار دولار أمريكي. وتشير السجلات إلى أن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ساهمت في البداية بمبلغ 10 مليارات دولار أمريكي لكل منها، ليصل إجمالي رأس المال إلى 50 مليار دولار أمريكي. وبحلول عام 2020، كان البنك يُنفذ 53 مشروعًا بقيمة تقارب 15 مليار دولار أمريكي. وبحلول عام 2024، وافق البنك على تمويل أكثر من 32 مليار دولار أمريكي لـ 96 مشروعًا. وفي عام 2021، انضمت بنغلاديش ومصر والإمارات العربية المتحدة وأوروغواي إلى بنك التنمية الجديد.

مستقبل مجموعة بريكس+ في العالم الجيوسياسي
 

في العام الماضي، بدأت عدة دول العمل ضمن إطار مجموعة البريكس، وتخطط دول أخرى للانضمام إليها. عمليًا، تحتاج البريكس إلى تعزيز الأثر الفعلي لشراكتها على مستوى التنمية النوعية، لا الاكتفاء بالرمزية التنظيمية والخطابات العامة كما كان الحال في السنوات الماضية. لقد حان الوقت لتجنب البيروقراطية المفرطة والتمسك الجامد غير المرغوب فيه بالهيكل التنظيمي. على البريكس تعزيز إمكاناتها الاقتصادية وتطوير آليات مناسبة للتعاون المالي والتجاري والاقتصادي.

مع تولي الهند رئاسة مجموعة البريكس عام 2026، والذي يُتوقع أن يكون عامًا حافلًا بالأحداث والفرص الواعدة، فقد حددت الهند بالفعل إطار أولوياتها، كما فعلت خلال رئاستها لمجموعة العشرين قبل عدة سنوات. وبالتنسيق الوثيق مع الدول الأعضاء والشريكة في مجموعة البريكس، يتعين على الهند ضمان توازن المصالح المتعددة الأوجه، وترسيخ الثقة المتبادلة في النظام العالمي متعدد الأقطاب. ويجب أن يتجاوز هدف التحول إلى منظمة دولية متكاملة مجرد معالجة التحديات الجيوسياسية الراهنة، وضرورة تطوير سبل فعّالة للمشاركة في التنمية العالمية بما يعكس تعدد الأقطاب.

منذ تأسيسها، شهدت مجموعة البريكس تحولاً جذرياً ومراحل عديدة من التغيير النوعي. ولا يزال المنظمون يروجون لتوسعها كجزء من خطة لبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب منافس، يستخدم دول الجنوب العالمي لتحدي النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب ومنافسته. وهناك اهتمام واضح بهذه المنصة القائمة على التوافق، وبمئات المجالات الاقتصادية والسياسية للتعاون والتنسيق، بما في ذلك السياسة والتنمية الاقتصادية والتعليم والبحث العلمي. ويمول بنك التنمية الجديد مشاريع متنوعة في الدول الأعضاء: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا.

في الأول من يناير 2024، انضمت خمس دول جديدة رسمياً إلى مجموعة البريكس، وهي مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا. وفي قمة البريكس التي عُقدت فى مدينة كازان الروسية في أكتوبر 2024، تقرر إنشاء فئة جديدة من الدول الشريكة. وكانت أولى الدول التي انضمت إلى المجموعة هي بيلاروسيا وبوليفيا وكازاخستان وكوبا وماليزيا وتايلاند وأوغندا وأوزبكستان. وتُساهم مجموعة البريكس+ الموسعة بنسبة 36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع ذلك، ووفقاً لوحدة الاستخبارات الاقتصادية، سيتجاوز الحجم الإجمالي لاقتصادات البريكس+ حجم اقتصادات مجموعة السبع بحلول عام 2045. واليوم، تُمثل دول البريكس مجتمعةً أكثر من ربع الاقتصاد العالمي، ونحو نصف سكان العالم.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة