بمناسبة التصريحات التى يطلقها رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، فى اجتماعاته الأسبوعية، والتى تتزامن مع نشاط زائد فى جولاته بقرى «حياة كريمة»، وحواراته الودية مع مواطنين، للمرة الأولى، بعد سنوات من «التوحد»، نلاحظ أن رئيس الوزراء يركز على شهادات المؤسسات الدولية للاقتصاد المصرى، وهو أمر جيد لكن الأهم هو شهادات ومشاعر المواطن العادى، الذى ينتظر أن تتحقق الوعود وتتحسن الأحوال، وأن تكون تصريحات ووعود رئيس الوزراء ليست تكرارا لوعود وتصريحات سابقة، وأن تتحقق بالفعل هذه الوعود، التى ربما لا يرى لها المواطن علامة.
وما زالت تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، الأخيرة، من مجلس الوزراء، تثير الكثير من التوقعات، وإن كانت السوابق تحكم على التوقعات، لكن هناك رهانا على أن تصدق هذه الوعود هذه المرة، خاصة فى ما يتعلق بخفض الدين الخارجى حسب تعبير مدبولى إلى مستوى غير مسبوق منذ 50 عاما، وهو تصريح فتح شهية بعض «الهبّادين» لينطلقوا فى تحليلات لا علاقة لها بالاقتصاد ولا بالديون، خاصة أن نفس التصريحات رافقتها شروحات للاتفاق مع صندوق النقد، وإشارات إلى إشادات من قبل المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصرى، ووعود بعدم فرض أعباء جديدة، لكن - ومرة أخرى - لا بد أن يشعر المواطن بهذه التطورات فى مستوى معيشته، وأن تتراجع الضغوط والتضخم بشكل يمنح المواطن نفَسا، ويجعله شريكا فى هذه التطورات والإنجازات.
رئيس الوزراء، قال إن صندوق النقد الدولى أعلن إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه مصر، موضحا أن برنامج الصندوق سينتهى خلال عام من الآن، وأن تقرير الصندوق يُشيد بمختلف الإجراءات والخطوات التى اتخذتها الدولة، وأن هناك تحسنا فى ميزان المدفوعات بشكل ملحوظ، وبشر «مدبولى» بأن مصر على أعتاب مرحلة جديدة، يدخل فيها الاقتصاد بقوة، والتركيز على زيادة معدلات الاستثمار الأجنبى ، وزيادة تمكين القطاعين الخاص والأجنبى، وقال إن المستهدفات لا تتعلق بأى شىء يمس المواطن، ولا توجد أعباء جديدة على المواطن فى قطاع الطاقة سواء البترول أو الغاز، وأن بيان الصندوق تزامن مع تقرير لوكالة «موديز»، أشاد بالوضع الاقتصادى وتراجع التضخم.
وقال «مدبولى» إنه يتابع ما يثار على مواقع التواصل والتحليلات وان هناك من يشكك ويقول بأن هذا الكلام فيه قدر من المبالغة، ولكن عندما يصدر من مؤسسات دولية معروفة فإن هذا الأمر يجب وضعه فى الاعتبار، والواقع أن «مدبولى» لم يكن يرد فقط على مواقع التواصل ولكن على تقارير متنوعة أصدرها بعض المحسوبين على خبراء الاقتصاد، تتضمن أرقاما أو قراءات مختلفة للواقع الاقتصادى، وبعضها بالفعل يتضمن مبالغات، لكن ربما على الحكومة أن ترد على هذا بشكل واضح ومباشر، على تحليلات وآراء لاقتصاديين ليسوا كلهم مدفوعين، بل إن منهم من كان يعمل مع بعض الجامعات أو المؤسسات، وطبعا منهم مشتاقون مثل باقى المشتاقين الذين قد يشعرون باستبعاد أو تجاهل لآرائهم، فيندمجون فى تحليلات داكنة.
ومع كامل الإعجاب بتصريحات «مدبولى» حول السياحة، والقطاع الخاص، والصناعة، فلا تزال الملفات الحيوية بحاجة إلى عمل، خاصة ما يتعلق بملف الصحة، حيث لفت رئيس الوزراء إلى أنه كانت هناك أيضا متابعة لمنظومة التأمين الصحى الشامل، وما تم تحقيقه فى المرحلة الأولى من تطبيق المنظومة، وكان هناك توجيه لنائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، بإسراع الخطى لتنفيذ المراحل التالية لهذه المنظومة، وهناك توجه مع وزارة المالية بالتنسيق مع الحكومة أن تُعطى الأولوية لمشروعين مهمين خلال الفترة المقبلة، هما «التأمين الصحى الشامل»، و«حياة كريمة»، بحيث يتم الانتهاء من أكبر قدر ممكن من هذين المشروعين، باعتبارهما يهمان المواطن البسيط بدرجة كبيرة.
فقد توقف كل من التأمين الصحى الشامل عند المرحلة الأولى، بينما كان التوقع أن تنتهى كل المراحل خلال خمس سنوات فى 2023، ومع الأخذ فى الاعتبار لتطورات وعراقيل وأزمات عالمية وداخلية، لكن هذه الملفات هى التى يفترض أنها تخص الناس، ثم إن أى إنجازات فى مجالات الصحة - بل والعشوائيات - تمت بمبادرات وتحركات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتحدثنا خلال السنوات الماضية عن ضرورة التعلم من مبادرات الرئيس فى الصحة، والتى لا تزال خارج التوقعات، بل ولم تصل للحد الأدنى، فى كل المجالات.
الشاهد أن وعود رئيس الوزراء، تشبه وعودا سبق إطلاقها، لم تتحقق، ويشعر المواطن أنه أمام تحركات موسمية، ترتبط بتغيير متوقع، ومحاولة تقديم مسوغات جديدة، لحكومة قديمة.