يشهد العالم تسارعًا غير مسبوق في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما خلق تحديات استراتيجية عميقة أمام الشركات الساعية للحفاظ على مواقعها في السوق أو توسيع نفوذها، ولم يعد التنافس قائمًا على البرمجيات أو الأفكار فقط، بل انتقل إلى البنية التحتية الحاسوبية ذاتها، حيث أصبحت القدرة على امتلاك وتشغيل أقوى الشرائح الإلكترونية عاملًا حاسمًا في معادلة التفوق.
ما هو الذهب الرقمي وكيف يشعل المنافسة بين عمالقة وادي السيليكون؟
فرض الذكاء الاصطناعي واقعًا جديدًا على الشركات الكبرى، إذ باتت نماذج التدريب والاستدلال المتقدمة تتطلب قدرات حوسبة هائلة واستثمارات بمليارات الدولارات، وهذا التحول وضع ضغوطًا غير مسبوقة على المؤسسات، سواء من حيث سرعة التطوير أو تأمين الموارد التقنية، ما جعل الفجوة تتسع بين من يمتلك البنية التحتية ومن يفتقر إليها.
في قلب هذا السباق، برزت شرائح H100 وA100 التي تطورها شركة إنفيديا باعتبارها ما يمكن وصفه بـالذهب الرقمي، فهذه الشرائح أصبحت هدفًا للتنافس القوي بين عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون وميتا، التي تنفق مليارات الدولارات على بناء مراكز بيانات وبنى تحتية قادرة على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا.
شرائح إنفيديا تعرف بالذهب الرقمي لهذا السبب
ولم يتوقف التفوق عند هذا الحد، إذ أثبتت سلاسل H100 وH200 ثم B100/B200 كفاءتها العالية وتفوقها الواضح في معظم مهام التدريب والاستدلال، ما عزز من مكانة إنفيديا كمزود شبه أساسي لقدرات الذكاء الاصطناعي عالميًا.
لماذا تتفوق شرائح إنفيديا عن المنافسين؟
رغم دخول منافسين مثل AMD، ومحاولات إنشاء منصات بديلة في الصين، لا يزال الفارق في الأداء، إلى جانب الهيمنة البرمجية لمنصة CUDA، يمنح إنفيديا حصانة يصعب اختراقها على المدى القريب، فإن هذا التكامل العميق بين العتاد والبرمجيات يجعل الانتقال إلى بدائل أخرى قرارًا مكلفًا ومعقدًا تقنيًا.
بنية تحتية متكاملة لا مجرد شريحة
الميزة الأهم لإنفيديا أنها لا تبيع شريحة إلكترونية فقط، بل تقدم منظومة متكاملة تشمل العتاد، والبرمجيات، والشبكات، وحتى حلول التبريد المتقدمة، فهذا النموذج يحول الشركة إلى شريك استراتيجي طويل الأمد، ويجعل استبدالها أمرًا بالغ الصعوبة، سواء بالنسبة للشركات الكبرى أو حتى للحكومات التي تعتمد على هذه التقنيات في خططها المستقبلية.
انعكس هذا التفوق التقني والاستراتيجي على الأداء المالي للشركة، حيث تصدرت إنفيديا قائمة أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، منضمة إلى نادي 4 تريليونات دولار إلى جانب أبل، وبلغت القيمة السوقية لإنفيديا نحو 4.441 تريليون دولار، مقابل 4.137 تريليون دولار لصانعة الآيفون.