تواصل ميليشيات الدعم السريع انتهاكاته ضد الشعب السوداني الذي يعيش وسط تفاقم للمعاناة الإنسانية، جراء الحرب التي اندلعت منذ أبريل 2023، ما تسبب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص وفق منظمات أممية.
ومع سعى الميليشيات المعروفة باسم «الجنجويد» إلى السيطرة على مناطق غرب شمال دارفور لإحكام قبضتها على الإقليم، كشفت مصادر شبكة أطباء السودان وفق شهادات ناجين وصلوا إلى معسكرات النزوح بمنطقة الطينة التشادية عن مقتل أكثر من 200 شخص من بينهم أطفال ونساء ورجال، جرى استهدافهم وقتلهم على أساس عرقي، بمناطق أمبرو سربا وأبو قمرة عقب الهجوم عليها من قبل الدعم السريع، في انتهاك فاضح لكل القوانين الإنسانية والدولية.
وشنّت ميليشيات الدعم السريع، خلال الأيام الماضية، هجمات على مواقع في سربا بغرب دارفور، وعلى أمبرو وأبو قمرة وكونوي في شمال دارفور، وهي مناطق تأوي آلاف النازحين، وسط توقّعات بشنّ هجمات خلال الأيام المقبلة على بقية البلدات في تخوم الحدود مع تشاد.
نزوح واسع نحو تشاد
وذكرت الشبكة في بيان السبت، أن هذه الجرائم تسببت في موجات نزوح واسعة نحو دولة تشاد هربًا من الهجمات المسلحة، حيث يعيش النازحون واللاجئون أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد، تتسم بنقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، وتدهور الخدمات الصحية، وغياب المأوى الآمن، ما يهدد حياة الآلاف، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، وأضافت: أن استمرار هذه الانتهاكات سيدفع بالآلاف من المدنيين نحو تشاد في أكبر عملية لجوء ستشهدها هذه المناطق".
وشدّدت شبكة أطباء السودان على أن الصمت الدولي والتقاعس عن اتخاذ إجراءات رادعة يمثلان مشاركة غير مباشرة في هذه المآسي الإنسانية، وطالبت بضرورة وقف الهجمات لوقف عمليات النزوح التي بدأت بهذه المناطق جراء عمليات القتل الجماعي، كما دعت إلى وصول إنساني آمن وغير مقيّد للمساعدات الطبية والإغاثية.
احتجاز 29 طفلة و73 امرأة بمدينة المجلد
كما أعلنت الشبكة بأن قوة تتبع للدعم السريع احتجزت 29 طفلة و73 امرأة بمدينة المجلد، عقب اجتياح مدينة بابنوسة بتهمة انتماء ذويهم للقوات المسلحة، وقالت الشبكة إنَّ الأطفال والنساء تم ترحيلهن قسرياً واحتجازهن في ظروف إنسانية بالغة السوء تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية والغذائية والنفسية.
من جهته قال متحدث باسم شبكة الأطباء محمد حسن لـ"راديو دبنقا" إنَّ احتجاز النساء والأطفال يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولكافة المواثيق التي تحظر استهداف المدنيين أو استخدامهم كوسيلة ضغط خلال النزاعات المسلحة، وكشف عن تواصلهم ببعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة موضحاً أنهم سيدفعون للبعثة بكل الوثائق والمستندات ووسائل اتصال بالضحايا وذووهم
الوضع كارثي في كردفان
من جهة أخرى وصف حسن الوضع الإنساني في جنوب كردفان بأنه بالغ السوء نتيجة لممارسة قوات الدعم السريع لسياسات الحصار والتجويع والترويع، محذرا من تكرار ماحدث في الفاشر.
وقال لراديو دبنقا إن ولاية جنوب كردفان يقطنها حوالي 2 مليون نسمة، 714 ألف طفل ومن بينهم 295 ألف دون سن الخامسة، مشيراً إلى أن 63 ألف طفل أصيبوا بدرجات متفاوتة بسوء التغذية، من بينهم 10 ألف وصلوا مراحل متقدمة شديدة الخطورة من سوء التغذية الحاد وحياتهم معرضة للخطر.
وأضاف بحسب تقديرات الأمم المتحدة أن حوالي 272 ألف نازح داخلي يتواجدون داخل ولاية جنوب كردفان، 96% من الأسر النازحة لاتستيطع توفير احتياجاتها من الغذاء والماء 75% لديها طفل واحد مصاب بسوء التغذية.
إلى ذلك وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات ريم السالم الوضع الإنساني في السودان بأنه "كارثي وأسوأ من التخيلات"، كاشفة عن استخدام العنف الجنسي والاغتصاب الممنهج كـ"سلاح حرب" لتدمير نسيج المجتمع السوداني.
وكشفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات ريم السالم عن قصص إنسانية بالغة القسوة لناجيات سمعتها من النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب جراء انتهاكات قوات الدعم السريع، وذلك خلال زيارتها -التي هدفت لرصد حال النساء والفتيات- في فترة لم تتجاوز 9 أيام لـ4 ولايات يخضعن للحكومة السودانية وهم (ولاية الجزيرة، الخرطوم، البحر الاحمر، الشمالية).
العنف الجنسي في السودان
وأشارت المقررة الأممية إلى أن العنف الجنسي الممنهج لا يقتصر على حالات فردية بعينها، بل هو أداة حرب لتدمير المجتمع السوداني ككل، “فتلك الانتهاكات لا تفرض قسوتها على النساء فحسب، إذ هن الضحايا المباشرة لحالات الاغتصاب ولكنها تقهر الرجال من ذويهم الذين تجبرهم قوات الدعم السريع على مشاهدة تلك الانتهاكات، ويجدوا أنفسهم عاجزين عن كف الأذى عن نساء عائلاتهم وحماية بيوتهم.
وتحدثت سالم بلسان النساء من الفاشر وبقية الولايات، واللواتي عبرن لها عن خشيتهن من إبلاع المؤسسات الأممية عن ما تعرضن له خوفا من وصمة المجتمع التي تزيد وطأة المعاناة عليهن.