في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة صياغة ملف الهجرة النظامية وتوطيد أواصر التعاون مع الشركاء الأوروبيين، أجرى محمد جبران، وزير العمل، زيارة رسمية إلى دولة إيطاليا، لإرساء قواعد جديدة تضمن تدفق العمالة المصرية إلى السوق الإيطالية وفق معايير مهنية وقانونية، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية لا تكتفي بتوفير فرص العمل بالخارج، بل تضع حماية كرامة العامل وحقوقه التأمينية والقانونية في صدارة أولوياتها.
استقدام العمالة المصرية لايطاليا
وأعلن محمد جبران، وزير العمل عن تحقيق نتائج ملموسة تهدف إلى صون حقوق العمالة المصرية وفتح آفاق جديدة للتوظيف المنظم للعالة المصرية فى إيطاليا، موضحا أن زيارته لإيطاليا شهدت توافقا مع الجانب الإيطالي على تجديد اتفاقية استقدام العمالة التي توقفت منذ عام 2014، مع تخصيص "كوتة" أو حصص سنوية محددة للمصريين للعمل بشكل قانوني، بعيدا عن الاستقدام العادي.
وأشاد الوزير بنظيرته الإيطالية، مؤكدا أنه وجه لها الدعوة لزيارة مصر في القريب العاجل للاطلاع على مراكز التدريب وتعميق هذه الشراكة، مع التأكيد على أن كافة الوظائف المتاحة ستلتزم بتطبيق المعايير الدولية والحد الأدنى للأجور.
وأوضح جبران، أنه فى إطار تعزيز هذا التعاون الرسمي، عقد خلال الزيارة لقاء ثنائيا موسعا مع مارينا كالديروني، وزيرة العمل والسياسات الاجتماعية الإيطالية، بحضور السفير بسام راضي سفير مصر في روما، وتناولت المباحثات مقترح مذكرة تفاهم لإنشاء "المركز المصري الإيطالي للتوظيف" في القاهرة، والذي سيضم خبراء إيطاليين لضمان كفاءة العامل المصري مهنيا ولغويا قبل سفره.
وتهدف المذكرة إلى تنظيم تدفق العمالة والتحقق من جدية أصحاب الأعمال عبر مكتب التمثيل العمالي المصري، لضمان عدم تنصلهم من التزاماتهم، كما تم الاتفاق على تفعيل آلية تواصل مباشرة مع معهد التأمينات والمعاشات الإيطالي (INPS) لضمان مستحقات المصريين، ومناقشة اتفاقية للتأمينات الاجتماعية تضمن حقوقهم التقاعدية، وتطوير مراكز التدريب المصرية لاعتماد شهاداتها أوروبيا.
برامج للتدريب المهني والتحويلي
وأضاف: عقدنا لقاء مع قيادات مدرسة "ESEM-CPT" في ميلانو، وعلى رأسهم مديرة المدرسة كاتيا باربيراتو، وبمشاركة وفد نقابي إيطالي ضم ممثلين عن اتحاد شركات المقاولات (ANCE)، ونقابات (CGIL, CISL, UIL).
وبحث اللقاء مقترح بروتوكول لدعم استقدام العمالة المصرية في قطاع المعمار، يتضمن برامج للتدريب المهني والتحويلي للعاملين خارج هذا القطاع لدمجهم في سوق العمل الإيطالي.
وأكد الجانب الإيطالي تطلعه لبدء تنفيذ هذا البروتوكول في أقرب وقت، مشيدا بقدرة العمالة المصرية على الالتزام الفني، مع التركيز على مهارات الصحة والسلامة المهنية والمعايير التقنية الحديثة.
توفيق أوضاع العمال المصريين
وفي خطوة جوهرية لحماية حقوق العمالة المتواجدة بالفعل، التقى الوزير محمد جبران بكارلو كالوبي، مدير مفتشية عمل ميلانو، والقيادات الإقليمية الشمالية لهيئة التفتيش، وجرى الاتفاق خلال اللقاء على توفيق أوضاع العمال المصريين الذين واجهوا عقبات في الحصول على تصاريح الإقامة لأسباب تتعلق بأصحاب العمل، وذلك عبر تقنين أوضاعهم ومنحهم تصاريح إقامة خاصة وفق المادة 18 من قانون الهجرة الإيطالي، لحين العثور على عمل نظامي وتحويلها إلى إقامة عمل، كما تناول اللقاء الاستفادة من التجربة الإيطالية في تطوير منظومة التفتيش، واستعرض الوزير دور قانون العمل المصري الجديد رقم 14 لسنة 2025 في تحقيق التوازن بين طرفي الإنتاج وتشجيع الاستثمار.
وامتدت المباحثات لتشمل الصناعات الحرفية والمنشآت الصغيرة، حيث التقى الوزير بداريو كوستانتيني، رئيس الاتحاد الوطني للحرف (CNA)، وناقش الجانبان "المشروع الأوروبي التجريبي" الذي يهدف إلى خلق مسارات عمل للمصريين في مجالات الحرف والتجارة، مع تقديم تدريب لغوي وتقني قبل السفر يدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي، كما عقد الوزير لقاءات مكثفة مع مسؤولي مؤسسات توظيف وتدريب كبرى، وأكاديميات "ITS Apulia Digital" و"ITS Meccatronico Lazio" و"ITS Udine" واستعرض الوزير خلالها جاهزية مراكز التدريب المصرية، ومنها معهد "السالزيان"، لتنفيذ برامج متخصصة في الميكاترونيكس والابتكار، داعيا الشركات الإيطالية لاستقدام العمالة عبر القنوات الرسمية والمنظمة لضمان حقوق العمال ومصالح أصحاب العمل في آن واحد.