أحمد جمعة

التمدد الإسرائيلي في القرن الأفريقي

السبت، 27 ديسمبر 2025 12:11 م


لم يكن الاعتراف الإسرائيلي بـ"أرض الصومال" ككيان مستقل مفاجئا في ظل التحركات المكثفة التي تقودها الأجهزة السياسية والأمنية الإسرائيلية في القرن الافريقي خلال العقود الماضية، وذلك عبر وعود تل أبيب بتقديم الدعم العسكري والتقني إلى الدول التي تعاني من أوضاع عسكرية وأمنية هشة.

البعض يظن أن إسرائيل تتعامل مع القارة الافريقية باعتبارها سوق سلاح اعتيادي وهذا غير دقيق لأن الاستراتيجية التي وضعتها تل أبيب وتطبقها في القارة السمراء تعتمد على بناء نفوذ أمني معقد ومركب داخل دول القرن الافريقي، بحيث يتم دمج السلاح بالتكنولوجيا والتمويل والتدريب بما يجعل الدول تعتمد على المنظومة الإسرائيلية لفترات طويلة الأمد.

ركزت إسرائيل خلال عامي 2024 و2025 على أشكال عدة للتغلغل في افريقيا وهي نقل منظومات شبكية وأنظمة دفاع جوي لا يمكن تشغليها إلا عن طريق مستشارين عسكريين إسرائيليين، نقل التكنولوجيا التصنيع العسكري المشترك مع بعض الدول الحليفة لها في افريقيا مع اختراق خريطة الأمن الداخلي في افريقيا عبر أدوات مراقبة رقمية.

وركزت إسرائيل خلال الأعوام الماضية على توريد أنظمة الدفاع الجوي والمسيرات والرادارات وفق رؤية تستند إلى الحاجة المستمرة للدول التي تورد لها هذه الأسلحة إلى تحديثات برمجية مستمرة ومتواصلة، والحاجة لخبراء تدريب ومستشارين بشكل مستمر، ما يدفع الدول الافريقية إلى الموافقة على علاقات أمنية طويلة الأمد مع إسرائيل للاستفادة والميزة التي يقدمها المورد الإسرائيلي لهذه الدول.

ما تقوم به إسرائيل في القرن الافريقي هو جزء من استراتيجية التوسع والتمدد مثلما تحاول اختراق الدول في منطقة الشرق الأوسط، وذلك ضمن صراع إقليمي ودولي مستمر على كعكة النفوذ في الإقليم، مما يهدد بحالة من عدم الاستقرار الأمني في القارة السمراء التي تعاني مان التدخلات الخارجية وصراع المحاور، وتقدم إسرائيل ذرائع واهية حول أسباب توسعها في القرن الافريقي منها حركة الملاحة في البحر الأحمر وتهديدات الحوثي، إلا أن الحقائق الواضحة للجميع أن إسرائيل تسعى للعبث بالنظام الإقليمي سواء بسعيها للتمدد على حساب سوريا ولبنان وغزة مع خلط الأوراق في القارة الافريقية التي يتخوف الجميع من سياسة لجوء البعض للانفصال والمطالبة بالاعتراف الدولي.

تتصارع الولايات المتحدة ودول أسيوية وأوروبية على النفوذ في الدول الافريقية المطلة على البحر الأحمر ضمن سياسة التحرك للسيطرة على الموانئ والمنافذ البحرية، وتستخدم هذه الدول كيانات محلية كي لخدمة أجندتها وهو ما تقوم به إسرائيل بالسعي لإيجاد موطئ قدم أمني وعسكري مستدام في غرب وشرق ووسط افريقيا.

بدأ الاهتمام الإسرائيلي بالقارة الأفريقية منذ خمسينيات القرن الماضي، وتحولت القارة السمراء إلى صراع خفي بين الدول الاستعمارية والغربية، ولعل جهاز الموساد دورا بارزا في مشهد تمدد إسرائيل داخل القارة الافريقية.

وتمكنت إسرائيل من اختراق الدوائر الأمنية الأفريقية من خلال المدربين الخاصين، وبحلول عام 2024، أشارت التقارير إلى أن قوات الكوماندوز الإسرائيلية تدرب قوات محلية في أكثر من 12 دولة أفريقية.

الواضح أن الإسرائيلي قد نجح فعليا بناء نموذج أمني مستدام في افريقيا دون الحاجة إلى صفقات ضخمة معلنة حيث تستخدم تل أبيب أخطر أدوات النفوذ بالمراقبة الرقمية والتمويل المشروط بعيدا عن السلاح الثقيل، وتركز إسرائيل خلال الفترة الراهنة على التمدد والتوسع في القارة السمراء في إطار رؤيتها الأمنية التوسعية التي تسعى لترسيخها في افريقيا.

 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة