هل طبيعى أن امرأة طلَّقها زوجها بالتلاتة، تقول بعد الطلاق إنه رجُل مهذب، وسأظل أُحِبُّه لآخر يوم فى عمرى، هل طبيعى كل هذا التسامح ؟! هل طبيعى أن تقول سمية الألفى اللى تِبْعِد عن فاروق يبقى قلبها مجنون !!؟
مع وفاة الفنانة سمية الألفى منذ أيام، يروى العديد من مُحبيها حكايات عن قصة حُبها لفاروق الفيشاوى، كانت سمية تُحب الحديث عن فاروق، كانت تُحب أن تَروى حكاية تعرُّفها عليه، كانت تقول كثيرًا أنها تعرَّفت على فاروق عندما كان عُمرها 20 سنة، خلال عام 1973، وهو كان عُمره 24 سنة، عندما كانت تقول «فاروق بدأ وقال بحبِّك»، كأنها كانت تَروى قصة الانتصار الأكبر في حياتها..
فى حوار إنسانى منذ عدة سنوات بعد وفاة الفنان فاروق الفيشاوى، حوار من القلب للقلب مع الإعلامى الكبير عمرو الليثي، قالت الفنانة سمية الألفى: "فاروق مش زى كل الرجالة، فاروق شخص متميز، له طبيعة متفردة، تركيبة ملهاش زى، أنا بحترم كل الناس وبقدرهم، بس فاروق فعلًا كان شخص مثقف، تِعرَف تتكلم معاه، بيحترم الصداقة، بيحترم الناس، مهذب، خجول، وبيتكسف رغم شقاوته، ورغم مغامراته الكتير، كنت بسامحه لأنى بحبه، وبحب ولادنا وبيتنا، أنا كنت محافظة على فاروق لإن مش عارفه لو راح حتة تانية هيحافظوا عليه كدا ولا لأ ؟!".. قالت هذه الكلمات بصعوبة.. بصوت مخنوق وهى تبكى.. بسبب اشتياقها له بعد وفاته..
تحدثت الفنانة سمية الألفى عن الخيانة فى حياتها وقالت: "مقدِرتِش أواجه فاروق بأى خيانة عملها، مقدرش أعمل فيه كدا، كل اللى بيهمنى فاروق، لما كنت بحِس بالغيرة، كنت بعقَّل نفسي، وأقول دا شغله"..
عندما تحدثت سمية عن سبب طلاقها من فاروق قالت: "أنا سامحته 16 سنة، لكن طلبت الطلاق علشان نربي أولادنا، محدش فينا ظلم التانى، ستايل حياته كان مختلف عنى، هو كان بيرجع من الشغل، لكن بيحب السهر مع صحابه فى البيت، 30 أو 40 بنى آدم عايزهم يسهروا عندنا كل يوم، لكن أنا بحب الهدوء والبيت، أمى ربتنى إن البيت والأولاد هما أهم حاجة، أولادنا كان المفروض يناموا بدرى علشان المدرسة الصبح، وأنا لازم أنام بدرى وأصحى بدرى علشان أتابع ولادى وأعمل لهم فطارهم، وأتابعهم لحد ما أعمل لهم باي باي من البلكونة، كل دا كان محتاج طاقة ومجهود"..
فاروق كان زوج شقى، زى الطفل، كان طفل شقى زيادة، وأنا كنت بسامحه كتير، قعدنا مع بعض، واتفاهمنا واتفقنا ننفصل بكل هدوء، كنا بنتفق على كل حاجة، عاندت قلبي يوم ما انفصلت عنه، بس كنت صغيرة ومش فاهمة، كان أحمد وعُمر أطفال، وفاروق كان مُحِب للحياة طول عمره..
عند سؤال الفنانة سمية الألفى عن ما حدث بعد اتخاذ قرار الانفصال مباشرة، قالت: نزلنا اطلَّقنا وبكينا، ورجعنا بيتنا مسحنا دموعنا وابتسمنا وأكلنا مع ولادنا وماما على سفرة واحدة.. قرار الطلاق كان صعب جدًا.. حسيت بالخسارة.. صلاح چاهين كتب جملة عبقرية غنِّتها سعاد حسني، قال: «أنا ضاع مني حاجة كبيرة.. أكبر من إني أجيب لها سيرة»..
كانت تفتخر دائمًا سمية أن فاروق هو الحب الحقيقي الوحيد في حياتها، حيث أوضحت وقالت: "مفتاح قلبي خَدُه معاه ومِشي، نسخة واحدة، طَلَّعها وأنا عندى 20 سنة، خدها معاه يوم 25 يوليو 2019 عند وفاته، فِضِل معاه مفتاح قلبي، ورفض أى حد ياخده حتى بعد الانفصال!!".
عندما تحدثت سمية الألفى عن سبب عدم كرهها لفاروق الفيشاوى بعد الطلاق قالت: "فاروق فى الطلاق أحلى كتير من الجواز، لأننا كنا أصدقاء متفاهمين وبنحترم بعض، ولادنا كبروا وسطنا إحنا الاتنين، أنا مكرهتش أى فنانة ارتبطت بفاروق بقصة حب حقيقية، مستحيل، هما مقصدوش يؤذونى، محدش يِقْدَر يتحكِّم فى المشاعر"..
عندما فكرت سمية فى الارتباط بعد فاروق، ذهب لوالدتها باكيًا وقال لها: مش هقدر أستحمل سمية تعمل فيا كدا، ردّت والدة سمية وقالت: بنتى لسة صغيرة، ومن حقها تتجوز تانى..
عن التسامح بين سمية وفاروق قالت: "وإحنا مطلَّقين، كان فى افتتاح فيلم لأحمد ابننا، اتقابلنا فى السينما، كان عدى شهرين تلاتة على خصام بينى أنا وفاروق، لكن سلِّمنا على بعض ومتعاتبناش، كإننا كنا مع بعض امبارح، ومفتكرناش كنا زعلانين من ايه"..
الطلاق كان بالتلاتة، كان نفسنا نرجع لبعض لما كبرنا وعِقِلنا، بس معرفناش.. آخر برنامج عملُه فى حياته كان فى لبنان، فريق الإعداد طلب أرسل لهم ڤويس واتس آب عن فاروق، قولت له بحبك وهفضل أحبك لآخر يوم في عمرى.. رد عليا وقال أنا كمان بحبك يا سمية.. وبقدَّرِك.. وهتفضلى علامة فارقة فى حياتى..
عندما تحدثت سمية الألفى عن الندم قالت: "طبعًا نِدِمْت على الطلاق منه لما كبرت وراجعت نفسي، اكتشفت إنى غلطت، كان لازم أوفَّق بينه وبين ولادنا، كان لازم أعمل له اللى يسعدُه، وفى نفس الوقت يكون معانا أحمد وعُمر، بس الحمد لله"..
بحب فاروق لأنه مكذبش عليا، كان صادق دايمًا معايا، قصتنا قصة كفاح ونضال، واللى تبعد عن فاروق يبقى قلبها مجنون، فاروق كان بيعتبرنى زى أحمد وعُمر، أنا بنته وأمه، أنا من ممتلكاته.. وقت مرضه مكناش بنفترق لأننا أصدقاء، الطلاق لا يمنع وجود مَوَدَّة وعِشْرة ومَحَبَّة خالصة وإنسانية، هو كان إبنى وحبيبي وصديقى..
عادةً، الطلاق بالتلاتة معناه صعوبة إصلاح هذه العلاقة، المرأة هنا تشعر بالرفض والإهانة حتى لو كانت مُخطئة، المرأة ترى أن الطلاق بالتلاتة مهين لكرامتها.. لكن الأمر العجيب هنا أن سمية الألفى ظلّت تحب فاروق الفيشاوى حتى بعد الطلاق بالتلاتة، تزوج عدة مرات بعد سمية، وهى تزوجت عدة مرات، لكنها زيجات لم تستمر فترات طويلة.. و فى نهاية العُمر، اعترفا أن الحب الحقيقي هو فاروق وسمية، اختارت سمية هذه القصة تحديدًا، لم تذكُر فى كتاب حياتها رجال آخرين، كانت تتحدث دائمًا عن فاروق فقط، كما لو كان الرجل الوحيد فى حياتها !!
الطبيعى بعد الطلاق أن تشعُر المرأة أنها تكره طليقها، بسبب إحساس الفقد، وأنه استغنى عنها، وتخلى عنها وتركها وحيدة فى هذه الحياة الصعبة، لكن الفنانة سمية الألفى إنسانة استثنائية، اختارت أن تحب فاروق الفيشاوى للأبد، رغم الطلاق بالتلاتة، لأنها أحبته حب حقيقي، حب غير مشروط، لا يشترط وجود زواج أو إخلاص، حب غير مشروط يعنى تحبه فى جميع الأحوال، تحبه حتى فى الفترات التى يَصْعَب أن نُحِب الآخر الذى خَذَل وترَك وابتعد وهَجَر حبيبته..
أَنظُر لقصة الحب هذه وأراها غريبة واستثنائية ونادرة، لأننا لا نجد علاقات مثلها كل يوم فى حياتنا العادية.. لم تعتبر سمية حُبَّها لفاروق إدمان أو تعلُّق تريد الشفاء منه، بل كانت تتحدث عن هذا الحب فى قلبها بكل فخر، وأنه هدية من الله فى قلبها يضيء قلبها، ويجعلها قادرة على الاستمرار فى الحياة.. كانت تؤكد للمقربين كثيرًا أنها غير قادرة على الاستمرار في هذه الحياة بدون فاروق "حب حياتها"..
والحقيقة أن الفنانة سمية الألفى لها نصيب من اسمها، الذى يعنى العلامة المميزة أو الأثر، حيث رحلت عن عالمنا لكن تركت أثر طيب، أسمى درجات الحب والتسامح نادر الوجود..
نتعلَّم من الفنانة الجميلة سمية الألفى أن رد الإساءة بالإحسان والغفران والصبر والتسامح أعلى درجات الحب، وأنه يمكن أن يكون رد الفعل على التخلى هو استمرار الوِد والاحترام والتقدير والحُب بين الطرفين!!.. الطبيعى أن رد الفعل على التخلى هو الكُره والابتعاد.. لكن الفنانة سمية الألفى تُعلِّمنا درس جديد فى الحياة.. يدعو أن نُفكِّر فيه.. ونُدرِّب المخ على إمكانية تطبيقه فى حياتنا !!
أدعو الله أن يرحمهُما وأن يُحسِن إليهما، وأن يضع فى قلوبنا هذا التسامح الذى وَضَعَهُ فى قلب الفنانة الجميلة سمية الألفى، هذا التسامح نادر الوجود، الذى لغى مشاعر الكُرْه تجاه الفنان الراحل فاروق الفيشاوي..