بخيت الواحى

الآليات الوطنية لحقوق الإنسان.. خط الدفاع الأول عن كرامة المواطن

الخميس، 25 ديسمبر 2025 01:00 ص


في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه حقوق الإنسان عالميًا وإقليميًا، لم تعد حماية الحقوق والحريات ترفًا أو شعارًا، بل أصبحت ضرورة لاستقرار الدول وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتها. وهنا يبرز الدور المحوري لما يُعرف بالآليات الوطنية لحقوق الإنسان باعتبارها حلقة الوصل بين الالتزامات الدولية للدولة والواقع اليومي للمواطن.

الآليات الوطنية لحقوق الإنسان ليست كيانًا واحدًا، بل منظومة متكاملة تضم مؤسسات رسمية ومستقلة، على رأسها المجالس الوطنية لحقوق الإنسان، ولجان التنسيق الحكومية، والهيئات المعنية بإعداد التقارير الدولية، ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن آليات الأمم المتحدة، وعلى رأسها الاستعراض الدوري الشامل.

وتكمن أهمية هذه الآليات في كونها أدوات وطنية خالصة، تنطلق من الدستور والقانون، وتعمل وفق خصوصية المجتمع واحتياجاته، بعيدًا عن النقل الحرفي للنماذج الخارجية. فهي الأقدر على رصد أوضاع حقوق الإنسان ميدانيًا، والتفاعل المباشر مع شكاوى المواطنين، وتحليل التحديات الواقعية، واقتراح حلول عملية قابلة للتنفيذ.

كما تلعب الآليات الوطنية دورًا بالغ الأهمية في تعزيز مفهوم الوقاية بدلًا من الاكتفاء برد الفعل، من خلال مراجعة السياسات العامة، وتقديم المقترحات التشريعية، وبناء قدرات العاملين في أجهزة الدولة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان داخل المؤسسات التعليمية والإعلامية والمجتمعية .

ولا يمكن إغفال دور هذه الآليات في إدارة العلاقة مع المجتمع الدولي، حيث تمثل الواجهة الرسمية للدولة في الحوار مع آليات الأمم المتحدة، وتعمل على إعداد التقارير الوطنية، ومتابعة تنفيذ التوصيات الدولية بما يحقق التوازن بين الالتزامات الدولية والمصالح الوطنية.

وفي السياق المصري، تمثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان نموذجًا مهمًا لتفعيل دور الآليات الوطنية، حيث وفّرت إطارًا جامعًا للتنسيق بين الجهات المختلفة، وحددت أولويات واضحة، وربطت بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

غير أن نجاح الآليات الوطنية لا يتوقف فقط على وجودها، بل يرتبط بمدى تمكينها الحقيقي، وتوفير الموارد اللازمة لها، وضمان استقلاليتها، وتعزيز التنسيق بينها، وإشراك المجتمع المدني والإعلام كشركاء في دعم وحماية حقوق الإنسان.

إن تعزيز الآليات الوطنية لحقوق الإنسان هو في جوهره استثمار في الإنسان، وحماية لمكتسبات الدولة، وترسيخ لفكرة أن كرامة المواطن ليست ملفًا ثانويًا، بل هي أساس التنمية والاستقرار وبناء المستقبل .

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة