مع تنامي التوسع العمراني وازدياد أعداد السكان في المدن المصرية، أصبحت الأسواق العشوائية تمثل تحديًا يوميًا أمام المواطنين والحكومات على حد سواء، فبينما يسعى الباعة الجائلون للحصول على لقمة عيشهم وسط ظروف غير مستقرة، يعاني المارة والسكان من الازدحام، وتدهور المشهد الحضري، وتراكم المخلفات، وغياب التنظيم، ومن هنا جاءت الحاجة إلى إنشاء الأسواق الحضرية كحل عملي وتنموي يعالج هذه الإشكاليات من جذورها.
الأسواق الحضرية فى أسيوط
الأسواق الحضرية ليست مجرد مبانٍ جديدة أو أسوار تُنقل إليها الأكشاك، بل هي مفهوم متكامل لتنظيم التجارة الداخلية وتحقيق التوازن بين حق البائع في الكسب وحق المواطن في بيئة حضرية نظيفة وآمنة. هي أيضًا أداة مهمة لدعم الاقتصاد غير الرسمي، وتحويله تدريجيًا إلى اقتصاد منظم، مما يضمن تحسين الخدمات المقدمة وتحقيق العدالة في توزيع الفرص.
وفي هذا الإطار، افتتح اللواء دكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، السوق الحضري الجديد بميدان المجذوب بحي غرب مدينة أسيوط، والمقام على أرض نادي جمعية الشبان المسلمين، ليكون بمثابة نموذج حضاري متكامل يسعى لتنظيم عمل الباعة الجائلين وتحسين جودة الحياة في المدينة.
تصميم عملي.. وبيئة آمنة
تم تصميم السوق بعناية فائقة، ليتماشى مع طبيعة عرض الباعة الجائلين، وتم تخصيص مساحات مناسبة لأنشطة متعددة تشمل بيع الخضروات والفاكهة والملابس وغيرها من السلع اليومية التي يحتاجها المواطن. التصميم الداخلي للسوق راعى توفير عناصر تنظيمية واضحة مثل التندات والأسوار القصيرة التي تفصل بين الباكيات وتمنع التزاحم وتتيح سهولة الحركة للمتسوقين.
ويضم السوق 50 باكية متنوعة الأنشطة، موزعة بطريقة تُسهل الوصول إليها وتحقق الانسيابية المطلوبة في حركة البيع والشراء، مع توفير وسائل تأمين مناسبة لحماية الباعة والمستهلكين على حد سواء.
تنظيم العلاقة بين البائع والمكان والجمهور
أوضح المحافظ أن السوق الحضري يمثل شكلًا متكاملًا للعلاقة التجارية الصحيحة، حيث ترتبط العلاقة بين البائع والجمهور والمكان والمواصلات في حلقة مترابطة لا يمكن فصل أحد عناصرها. فكل عنصر يعتمد على الآخر في نجاح العملية التجارية، وهو ما تم مراعاته أثناء التخطيط والتنفيذ.
الأسواق العشوائية التي كانت منتشرة في محيط ميدان المجذوب والمناطق المجاورة كانت تمثل عبئًا على المرافق العامة، وتؤدي إلى عرقلة المرور، وتدهور النظافة العامة، فضلًا عن عدم استقرار الباعة الذين كانوا يتعرضون دائمًا لمخاطر الإزالات أو التحرير من قبل الجهات المختصة. أما الآن، فيوفر السوق الحضري الجديد بيئة عمل آمنة ومستقرة، تسمح للباعة بالتركيز على نشاطهم التجاري، دون قلق من الملاحقة أو الطرد.
نقلة حضارية.. وتوسّع مرتقب
السوق الجديد لا يمثل فقط مشروعًا خدميًا، بل هو خطوة أولى نحو خطة أشمل لتطوير الأسواق في مختلف مراكز ومدن محافظة أسيوط. وأكد محافظ أسيوط أن النجاح في هذا النموذج الحضاري سيكون دافعًا قويًا لتعميم التجربة على نطاق أوسع، من أجل إنهاء ظاهرة الأسواق العشوائية وتحقيق التنمية المستدامة.
ويتزامن المشروع مع توجهات الدولة نحو تحسين جودة الحياة في المدن، من خلال مشروعات التطوير الحضري وإعادة تأهيل المناطق العشوائية وتقديم خدمات لائقة للمواطنين، وهو ما يعزز ثقة الناس في قدرة الدولة على التنظيم وتحقيق العدالة الاجتماعية.
دعم مهني ومعيشي للبائعين
واحدة من أبرز مزايا السوق الحضري هي مساهمته المباشرة في تعزيز الاستقرار المهني والمعيشي للبائعين. فبدلًا من التنقل اليومي، والتعرض للتقلبات الأمنية والمناخية، أصبح للبائعين مكان ثابت، مؤمَّن، ومنظم، يتيح لهم تحسين دخلهم، وتوسيع نشاطهم، والتعامل مع الزبائن بثقة أكبر.
كما أن وجود السوق في منطقة حيوية مثل ميدان المجذوب يساهم في جذب عدد أكبر من المتسوقين، ما يعني زيادة في حركة البيع والشراء، وتحقيق مردود اقتصادي أوسع يشمل البائع والمستهلك والمجتمع ككل.
وختاما فالسوق الحضري الجديد في حي غرب بمدينة أسيوط ليس مجرد مبادرة محلية، بل هو جزء من مشروع وطني لإعادة تنظيم التجارة الشعبية، ودعم الفئات البسيطة، وتحسين المظهر الحضري للمدن المصرية. وهو يؤكد أن الحلول التي تراعي البُعد الإنساني والاقتصادي معًا، هي وحدها القادرة على تحقيق التنمية الحقيقية.
.jpg)
أسواق حضارية بمحافظة أسيوط
.jpg)
أسواق حضارية بمحافظة أسيوط
.jpg)
أسواق حضارية بأسيوط