الشعور بالغثيان المستمر ليس مجرد انزعاج عابر بعد تناول وجبة ثقيلة، بل عرض معقد قد يشير إلى خلل في واحد من أجهزة الجسم الحيوية. فالمعدة، والعقل، وحتى الهرمونات، جميعها يمكن أن تشترك في هذه الإشارة المزعجة التي تدفع الإنسان إلى التساؤل: ما الذي يحدث داخل جسدي؟
وفقًا لتقرير نشره موقع ubiehealth فإن الغثيان يمكن أن يكون نتيجة تفاعل مؤقت بسبب الطعام أو العدوى، كما يمكن أن يكون علامة على مشكلة أعمق تحتاج إلى تشخيص دقيق. تتنوع الأسباب بين الحادة والمزمنة، وتشمل عوامل هضمية، وعصبية، وهرمونية، بل ونفسية أيضًا.
أولًا: الأسباب الحادة – عندما يبدأ الغثيان فجأة
1. ارتجاع المريء واضطراب الهضم
عندما ترتفع أحماض المعدة إلى المريء بعد تناول أطعمة دسمة أو حارة، يشعر المصاب بحرقة وغثيان يصعب تجاهله. غالبًا ما تتحسن الحالة بتقليل كميات الطعام، والامتناع عن الاستلقاء مباشرة بعد الأكل، وتجنب الأطعمة الغنية بالصلصات أو الدهون.
2. التسمم الغذائي
تناول طعام ملوث ببكتيريا مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية يؤدي إلى غثيان شديد يرافقه قيء أو إسهال. هذا النوع من الغثيان يظهر خلال ساعات من تناول الوجبة الملوثة ويستمر حتى يتخلص الجسم من السموم. الراحة وتعويض السوائل هما أساس التعافي.
3. العدوى الفيروسية (النزلات المعوية)
تُعد من أكثر الأسباب انتشارًا، إذ تصيب الجهاز الهضمي بفيروس يؤدي إلى الغثيان والقيء وآلام المعدة، وغالبًا ما يصاحبها ارتفاع بسيط في الحرارة. هذه العدوى لا تُعالج بالمضادات الحيوية، بل تحتاج إلى راحة وترطيب كافٍ حتى تختفي الأعراض تدريجيًا.
4. تأثير الكافيين
منبه قوي للجهاز العصبي والمعدة، لكن الإفراط في تناولهما يسبب تهيجًا لجدار المعدة ويؤدي إلى الغثيان. حتى الانقطاع المفاجئ عن الكافيين بعد الاعتياد عليه يمكن أن يسبب شعورًا بعدم الاتزان والرغبة في التقيؤ.
5. حصوات المرارة
انسداد القنوات الصفراوية بسبب الحصوات قد يؤدي إلى ألم حاد في الجزء العلوي من البطن، يرافقه غثيان شديد وقيء بعد تناول الأطعمة الدهنية. ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي قليل الدسم وتجنب المقليات للحفاظ على صحة المرارة.
ثانيًا: الأسباب المزمنة – الغثيان كعرض مستمر
6. الأدوية وآثارها الجانبية
العديد من الأدوية مثل المسكنات القوية أو بعض المضادات الحيوية قد تسبب غثيانًا خفيفًا أو مستمرًا. تناول الدواء مع الطعام يخفف من حدته، لكن في حال استمراره يُنصح بمراجعة الطبيب لتعديل الجرعة أو وصف بديل مناسب.
7. الصداع النصفي
الدماغ والمعدة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا؛ لذلك يعاني المصابون بالصداع النصفي غالبًا من غثيان يسبق أو يصاحب نوبة الصداع. الراحة في مكان مظلم، وتناول العلاج الموصوف مبكرًا، يحدان من شدة الأعراض.
8. الحمل
غثيان الصباح من أكثر الأعراض المبكرة شيوعًا في الحمل، خصوصًا في الأشهر الثلاثة الأولى. ينتج عن تغيرات هرمونية مفاجئة في جسم الأم، وغالبًا ما يتحسن بتناول وجبات صغيرة على فترات متقاربة، وتجنب الروائح القوية أو الأطعمة الدسمة.
9. اضطرابات الجهاز العصبي والتوازن
أي خلل في الأذن الداخلية أو إصابات الرأس يمكن أن يؤثر في توازن الجسم ويسبب شعورًا دائمًا بالغثيان أو الدوار. أحيانًا يحدث هذا الإحساس أثناء السفر أو الحركة السريعة، ويُعرف بدوار الحركة.
10. مشكلات الجهاز الهضمي المزمنة
بعض الأمراض مثل القولون العصبي أو بطء تفريغ المعدة الناتج عن داء السكري قد تؤدي إلى غثيان مستمر. يشعر المريض بالانتفاخ والشبع السريع بعد كميات صغيرة من الطعام. في هذه الحالات، يُوصى بالمتابعة مع أخصائي جهاز هضمي لتنسيق خطة علاجية فعالة.
العوامل العصبية والهرمونية والنفسية
في بعض الأحيان، يكون السبب أبعد مما نتخيل. اضطرابات الغدة الدرقية، وارتفاع أو انخفاض سكر الدم، وحتى التوتر المزمن والقلق النفسي، جميعها يمكن أن تُحدث اضطرابًا في إشارات الدماغ المسؤولة عن الغثيان. عندما يترافق الغثيان مع دوخة، أو ضعف في التوازن، أو تغيرات في الرؤية، فلابد من مراجعة الطبيب فورًا لاستبعاد الأسباب العصبية.
متى تحتاج إلى استشارة طبية عاجلة؟
إذا ترافق الغثيان مع تقيؤ دموي، أو حمى مرتفعة، أو ألم شديد في البطن، أو علامات جفاف واضحة مثل قلة التبول أو الشعور بالدوخة المستمرة، فهذه مؤشرات تتطلب تقييمًا طبيًا عاجلًا. التشخيص السليم هو الخطوة الأولى نحو علاج فعال وحماية الصحة العامة.