في عام 2025، ظهرت سلسلة من التقلبات غير المألوفة في ألوان المياه الطبيعية حول العالم، حيث تحولت مياه أنهار وبحيرات معروفة من ألوانها الطبيعية إلى الأحمر، والبرتقالي، وأحيانًا إلى ألوان غريبة أخرى، مما أثار قلق العلماء وسكان المناطق المتأثرة على حد سواء، وبالرغم من أن الألوان الزاهية قد تبدو غريبة أو حتى جميلة، فإنها غالبًا ما تكون إنذارًا بيئيًا محفورًا فى دلائل تدهور النظم البيئية للمياه العذبة والمالحة.
تحول الأنهار فى ألاسكا إلى اللون البرتقالى
من أبرز هذه الحالات ما شهدته الأنهار في شمال ألاسكا في الولايات المتحدة، التي لونتها الطبيعة بلون برتقالي غريب ومكثف، العلماء يربطون هذه الظاهرة بتسارع ذوبان التربة المتجمدة (permafrost) في القطب الشمالي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى إطلاق معادن ثقيلة مثل الحديد، والكادميوم، والألومنيوم من التربة إلى المياه. عندما تتفاعل هذه المعادن مع الأكسجين والماء، تتحول إلى مركبات تصبغ المياه باللون البرتقالي، وهو ما لوحظ حتى من الفضاء في أجزاء من شبكة الأنهار هناك.
هذه العملية ليست مجرد تغيير في المظهر: المواد المعدنية المنبعثة في المياه قد تكون سامة للكائنات المائية، وتقلل من جودة المياه التي تعتمد عليها الحيوانات المحلية والبشر الذين يعيشون في هذه البيئة، مما يشكل تهديدًا للنظم البيئية الحساسة في القطب الشمالي.
الأرجنتين.. أنهار تتحول إلى الأحمر القرمزى
في فبراير 2025، انتشر مقطع فيديو وصور تُظهر جداول صغيرة وقنوات مائية في ضواحي بوينس آيرس بالأرجنتين وقد تحوّلت إلى لون أحمر قاني، مما أثار ذعراً بين السكان وأثار تساؤلات حول مصدر التلوث، بعض التقارير المحلية أشارت إلى احتمال أن يكون التلوث نتيجة تسرب مواد كيميائية من مواقع صناعية أو مواد معالجة، ما أثر على جريان المياه وأدى إلى تغير لونها بشكل مفاجئ.

وفي هذا النوع من الحالات غالبًا ما تكون المواد الكيميائية الصناعية أو نواتج تصريف المصانع وراء تغيرات اللون المفاجئة، وهي علامة على أن المياه قد تحتوي على مركبات غريبة لا ينبغي أن تكون موجودة، ما يستدعي فحوصات صحية وبيئية دقيقة قبل استخدام هذه المياه.
بحيرة طبريا (بحر الجليل) تتحول إلى اللون الأحمر
من المشاهد اللافتة الأخرى في 2025، تحول بحيرة طبريا في شمال إسرائيل، وهي أكبر بحيرة مياه عذبة في البلاد، إلى لون أحمر قاتم لأيام خلال الصيف. وكشفت التحليلات أن تغير اللون لم يكن نتيجة لوفاة تلوث صناعي خطير، بل ناتج عن ازدهار طحالب خاصة تنتج صبغات حمراء عندما تتعرض لمستويات عالية من الحرارة والضوء، مما يعزز إنتاج هذه الصبغات في الخلايا النباتية المائية.
هذا النوع من التلون، رغم أنه لا يبدو ضارًا في حد ذاته — حيث أكد المسؤولون أن اللون ناتج عن طحالب غير سامة — إلا أنه يعكس ارتفاع درجات حرارة المياه وتغيير أنماط النمو النباتي، وهي ظاهرة مرتبطة بالتغير المناخي وتأثير التدفئة على النظم البيئية.
نهر كولورادو.. أمريكا
ظهرت أجزاء من النهر باللون الأصفر البرتقالي بسبب ارتفاع مستويات المعادن الثقيلة
بحيرة بالاتون، المجر
لوحظت بقع حمراء ووردية نتيجة تكاثر الطحالب السامة بعد موجة حر شديدة.

بالاتون
نهر يانجتسي، الصين
تحوّل في بعض مناطقه إلى الأخضر الداكن والبني بفعل التلوث الصناعي والنفايات الزراعية.

نهر يانجستى
بحيرة أونتاريو، كندا
ظهرت بقع حمراء صغيرة ناجمة عن الطحالب الحمراء عند مصبات الأنهار المؤدية إليها.
نهر الراين، أوروبا
لوحظ تحول اللون إلى البني المحمر نتيجة الرواسب الصناعية والأمطار الحمضية.
نهر ريماك بيرو
وتحول نهر ريماك بمدينة بيرو للون الأحمر ، نتيجة التلوث الناتج عن المنشآت الصناعية في المنطقة، حيث يوجد ما لا يقل 500 أنبوب صرف يتدفق مباشرة إلى النهر.

نهر فى بيرو
الأسباب المشتركة وراء تغير ألوان المياه فى 2025
رغم اختلاف المواقع وذالظواهر، تتداخل غالبية العوامل البيئية وراء تحول الأنهار والبحيرات في 2025:
التغير المناخي وذوبان التربة المتجمدة والأنهار الجليدية:ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تحرير معادن ومواد عالقة في التربة والتربة المتجمدة، مما يساهم في تغيير خصائص المياه ولونها، كما حدث في ألاسكا.
التلوث الصناعي والملوّثات الكيميائية: المواد الناتجة عن المصانع والمصارف غير المعالجة يمكن أن تغير لون الماء إذا تسرّبت في المياه السطحية.
ازدهار الطحالب وتغير الظروف البيئية: ارتفاع درجات الحرارة وتوافر المغذيات يقود أحيانًا إلى ظهور طحالب تنتج ألوانًا مميزة في البحيرات، كما في حالة بحيرة طبريا.
ظروف مناخية محلية قوية: الأمطار الغزيرة أو الجفاف القاسي يمكن أن تغير نسب المواد في الماء، مما يغيّر لونه ويؤثر على الحياة المائية.