وكالات الأمم المتحدة: المكاسب الهشة فى غزة تتلاشى دون دعم متزايد ومستدام

السبت، 20 ديسمبر 2025 10:23 م
وكالات الأمم المتحدة: المكاسب الهشة فى غزة تتلاشى دون دعم متزايد ومستدام رئيس منظمة الصحة العالمية

كتبت أمل علام

ترحب وكالات الأمم المتحدة بالأنباء التي تفيد بتأجيل المجاعة في قطاع غزة، لكنها تحذر من أن المكاسب الهشة قد تتلاشى دون دعم متزايد ومستدام.

وأكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، إن الجوع وسوء التغذية والأمراض وحجم الدمار الزراعي لا تزال مرتفعة بشكل مثير للقلق.

لا توجد مناطق مصنفة حاليا ضمن مناطق المجاعة

أكد أحدث تحليل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) في غزة أنه لا توجد مناطق في القطاع مصنفة حاليًا ضمن مناطق المجاعة بعد وقف إطلاق النار في أكتوبر وتحسن وصول المساعدات الإنسانية والتجارية، إلا أن هذا التقدم الإيجابي لا يزال هشًا للغاية، إذ لا يزال السكان يعانون من دمار هائل في البنية التحتية وانهيار سبل العيش وإنتاج الغذاء المحلي، في ظل القيود المفروضة على العمليات الإنسانية.

حذرت اليوم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية (WHO) من أنه بدون توسع مستدام وواسع النطاق في المساعدات الغذائية والمعيشية والزراعية والصحية، إلى جانب زيادة التدفقات التجارية، قد ينزلق مئات الآلاف من الناس بسرعة إلى المجاعة مرة أخرى.

بحسب تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الجديد، لا يزال ما لا يقل عن 1.6 مليون شخص - أي 77% من السكان - يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في قطاع غزة، بمن فيهم أكثر من 100 ألف طفل و37 ألف امرأة حامل ومرضعة يُتوقع أن يعانين من سوء التغذية الحاد حتى أبريل من العام المقبل، وتُصنّف 4 محافظات (شمال غزة، ومحافظة غزة، ودير البلح، وخان يونس) حاليًا في حالة طوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) حتى أبريل 2026، مع تخفيض تصنيف محافظة غزة من تصنيف المجاعة السابق، ولا تزال هذه المرحلة تشير إلى انعدام حاد للأمن الغذائي يتسم بفجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد، وارتفاع خطر الوفاة.


رغم أن وقف إطلاق النار قد حسّن بعض عمليات إيصال الغذاء وأعلاف الحيوانات والإمدادات الأساسية والواردات التجارية الضرورية إلى غزة، مما أدى إلى تحسن في حصول بعض الأسر على الغذاء، إلا أن معظم العائلات لا تزال تعاني من نقص حاد في هذه المواد، ومنذ وقف إطلاق النار، نزح أكثر من 730 ألف شخص، يعيش الكثير منهم في ملاجئ مؤقتة ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، إضافة إلى ذلك، فإن محدودية الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الأساسية، والرعاية الصحية، والدمار الواسع النطاق للأراضي الزراعية والثروة الحيوانية وأنشطة الصيد والطرق وغيرها من البنى التحتية الحيوية، تشكل تحديات هائلة للسكان ولجهود الإغاثة المستمرة.

لا تزال الاحتياجات الإنسانية هائلة، إذ لا تغطي المساعدات الحالية سوى أبسط متطلبات البقاء على قيد الحياة، ويظل الأطفال دون سن الخامسة، إلى جانب النساء الحوامل والمرضعات، من بين الفئات الأكثر ضعفاً، حيث يواجهون مستويات مقلقة من سوء التغذية على الرغم من التحسينات الأخيرة.


على الرغم من تحسن وفرة الأغذية المغذية في الأسواق بفضل زيادة تدفق المساعدات الإنسانية والتجارية، إلا أن الأسر الأكثر ضعفاً، وخاصة الأسر التي لديها أطفال، لا تستطيع شراءها، فالأغذية الغنية بالعناصر الغذائية، ولا سيما البروتينات، لا تزال نادرة وباهظة الثمن، مما يجعل 79% من الأسر غير قادرة على شراء الطعام أو الحصول على مياه نظيفة،  ولا يحصل أي طفل على الحد الأدنى من التنوع الغذائي، ويعاني ثلثا الأطفال من فقر غذائي حاد، حيث لا يستهلكون سوى مجموعة أو مجموعتين غذائيتين.

 

الوضع يتفاقم فى الملاجئ

يتفاقم الوضع بسبب الاكتظاظ في الملاجئ المؤقتة، وتضرر شبكات الصرف الصحي، وعدم انتظام إمدادات المياه، ولجوء العائلات إلى حرق الأخشاب أو النفايات للتدفئة، وتساهم هذه الظروف مجتمعة في تفشي الأمراض وتسريع انتشار التهابات الجهاز التنفسي والإسهال والأمراض الجلدية، لا سيما بين الأطفال.

منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية على أهبة الاستعداد لتوسيع نطاق استجاباتها، إلا أن الضغوط الناجمة عن قيود الاستيراد، وصعوبة الوصول، والفجوات التمويلية الكبيرة، تعيق بشدة قدرتها على العمل بالنطاق اللازم، لا سيما فيما يتعلق بالتدخلات الداعمة للأمن الغذائي، والتغذية، والصحة، والمياه، والصرف الصحي، والنظافة، والزراعة، وإنعاش سبل العيش.

قال رين بولسن، مدير مكتب الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو): "إن مزارعي غزة ورعاتها وصياديها على أتم الاستعداد لاستئناف إنتاج الغذاء، لكنهم لا يستطيعون فعل ذلك دون الحصول الفوري على الإمدادات الأساسية والتمويل اللازم. وقد أتاح وقف إطلاق النار فرصة ضئيلة لوصول الإمدادات الزراعية الضرورية للحياة إلى أيدي المزارعين الأكثر ضعفاً، ولن يتسنى استئناف إنتاج الغذاء المحلي وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية إلا من خلال التمويل وتوسيع نطاق الوصول واستدامته.

لم يعد أطفال غزة يواجهون مجاعة مميتة، لكنهم ما زالوا في خطر جسيم، فبعد أكثر من عامين من الصراع المتواصل، تحمل أجساد الأطفال وعقولهم النامية ندوبًا عميقة ودائمة"، هذا ما قالته لوسيا علمي، مديرة عمليات الطوارئ في اليونيسف. وأضافت: "الطعام متوفر الآن في الأسواق، لكن العديد من العائلات لا تستطيع ببساطة شراءه.

وقالت، إن المرافق الصحية بالكاد تعمل، وخدمات المياه النظيفة والصرف الصحي شحيحة، ويجلب الشتاء معاناة متزايدة للنازحين الذين يحتمون في ملاجئ مؤقتة، هذه المكاسب الهشة قد تتلاشى بين عشية وضحاها إذا استؤنف القتال، نحن بحاجة إلى وصول إنساني مستدام، واستعادة الخدمات الأساسية، وقبل كل شيء، سلام دائم. لقد عانى أطفال غزة بما فيه الكفاية. لا يمكن للعالم أن يدير ظهره الآن".
قال روس سميث، مدير قسم التأهب والاستجابة للطوارئ في برنامج الأغذية العالمي: "لقد أثبتنا مرة أخرى قدرتنا على التصدي للمجاعة عندما نمتلك الإمكانيات والأمن والتمويل اللازم لإيصال الغذاء والدعم الحيوي. والآن، حان الوقت لتعزيز هذه المكاسب وضمان حصول الناس على الخدمات الأساسية بشكل موثوق. يلتزم برنامج الأغذية العالمي بدعم الأسر في غزة للانتقال من الاعتماد على المساعدات إلى الاكتفاء الذاتي وبناء مستقبل خالٍ من الجوع وقائم على الأمل والاستقرار والازدهار."

وأكد الطاف موساني، مدير الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث في منظمة الصحة العالمية: "لقد أتاح وقف إطلاق النار فرصة للتعافي، لكنه لم يمحُ آثار عامين من الصراع، ف 50% فقط من المرافق الصحية في غزة تعمل جزئياً، وقد تضرر الكثير منها خلال النزاع   وحتى المرافق الصحية العاملة تعاني من نقص في الإمدادات والمعدات الأساسية، والتي تخضع لإجراءات دخول معقدة وقيود، ويُصنف الكثير منها على أنها ذات استخدام مزدوج محتمل. ولا يزال سوء التغذية مرتفعاً، لا سيما بين الأطفال والنساء. وتدعم منظمة الصحة العالمية سبعة مراكز لاستقرار حالات سوء التغذية الحاد الوخيم في جميع أنحاء قطاع غزة. وهناك حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهود لتلبية الاحتياجات الصحية الهائلة. ولتوسيع نطاق الخدمات المنقذة للحياة وزيادة فرص الحصول على الرعاية، تدعو منظمة الصحة العالمية بشكل عاجل إلى تسريع الموافقة على دخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية والهياكل الجاهزة للمستشفيات."

دعوة للعمل

تحث منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية جميع الأطراف على ما يلي:
- ضمان وصول إنساني وتجاري مستدام وآمن وغير معاق وفي الوقت المناسب عبر غزة.
- رفع القيود المفروضة على الواردات الأساسية، بما في ذلك المدخلات الزراعية والسلع الغذائية والتغذية ومستلزمات الرعاية الصحية.
زيادة التمويل بشكل سريع للخدمات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والتغذية والصحة والمياه والصرف الصحي ودعم الزراعة وسبل العيش، لمنع المزيد من التدهور وتمكين إعادة التأهيل والتعافي؛

إعادة تنشيط إنتاج الغذاء المحلي وسلاسل القيمة.

تحذر الوكالات من أنه بدون اتخاذ إجراءات حاسمة الآن، فإن المكاسب التي تحققت منذ وقف إطلاق النار قد تتلاشى بسرعة، إن توفير الوصول والإمدادات والتمويل على نطاق واسع هو السبيل الوحيد لمنع عودة المجاعة ومساعدة غزة على الانتقال من مرحلة البقاء إلى مرحلة التعافي.
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة