ينطلق المهرجان القومي للتحطيب، مساء اليوم، بمحافظة الأقصر في دورته الخامسة عشرة ليعيد إحياء واحد من أقدم وأهم الفنون الشعبية التي ارتبطت بالوجدان الصعيدي عبر مئات السنين حيث يمثل التحطيب لعبة الرجولة والنخوة وقيم الاحترام المتبادل التي توارثها أبناء الصعيد جيلا بعد جيل.
وشهدت الدورتان الأولى والثانية إقامة فعاليات المهرجان على المسرح المفتوح بقصر ثقافة الأقصر القديم قبل أن تنتقل إحدى عشرة دورة إلى ساحة سيدي أبو الحجاج أمام معبد الأقصر فيما استضافت قرية حسن فتحي بغرب الأقصر إحدى الدورات في تجربة لاقت تفاعلا واسعا من الجمهور
ويعد المهرجان القومي للتحطيب بالأقصر واحدا من أبرز الفعاليات التراثية التي تجمع بين الفن والهوية الشعبية في احتفالية تؤكد أن تراث الصعيد لا يزال حيا نابضا وقادرا على الوصول إلى الأجيال الجديدة وحفظ مكانته في الذاكرة الثقافية المصرية.
يعد التحطيب واحدًا من أقدم الفنون القتالية في مصر، حيث يستند إلى استخدام العصا الخشبية في مبارزات تجمع بين المهارة واللياقة والالتزام الأخلاقي. وعلى الرغم من جذوره العسكرية التي تعود إلى آلاف السنين، فإن هذا الفن تحوّل اليوم إلى ممارسة احتفالية ترتبط بالهوية الشعبية للصعيد المصري، ولاسيما في الأفراح والمناسبات. وقد حظي التحطيب باهتمام عالمي بعدما أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي.
جذور ضاربة في التاريخ
تشير النقوش الموجودة على جدران المعابد المصرية القديمة إلى أن التحطيب كان وسيلة أساسية لتدريب الجنود على القتال بالعصا. وتُظهر هذه اللوحات مشاهد تدريبية دقيقة تعكس مهارة المحاربين المصريين القدماء، ما يؤكد أن التحطيب لم يكن مجرد لهو، بل جزء من منظومة الدفاع والحرب في الدولة المصرية القديمة.
من القتال إلى الفن الشعبي
مع مرور القرون، تطورت الممارسة العسكرية إلى رقصة شعبية تُعرف بـ رقصة العصا أو رقصة القصب، ترافقها الموسيقى والدفوف، ويتبادل خلالها اللاعبون الضربات بخفة وحرفية، في أداء يجمع بين القوة والجمال والإيقاع.
التحطيب اليوم.. تراث حي في صعيد مصر
لا يزال التحطيب يُمارَس حتى اليوم في محافظات الصعيد، خاصة في الأقصر، سوهاج، وقنا، حيث يشكل جزءًا أصيلًا من الاحتفالات الشعبية مثل الأفراح والموالد. وتحرص العائلات والعائلات الممتدة على تعليم أبنائها هذا الفن بوصفه رمزًا للفروسية والشهامة.