شهد عام 2025 سلسلة من الضربات غير المسبوقة لجماعة الإخوان – الإرهابية قضائيا – وجاءت هذه الضربات على المستوى الدولي أو الإقليمي، لتتراجع قدراتها التنظيمية بعد سنوات من العمل في مناطق رمادية واستغلال الثغرات القانونية والسياسية.
الولايات المتحدة كانت إحدى ساحات المواجهة، حيث أقدمت ولايتا فلوريدا وتكساس على إدراج الجماعة ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولًا مهمًا في التعامل الأمريكي مع الإخوان، بينما واجهت الجماعة أزمات داخلية في الأردن أثرت على نفوذها السياسي وتنظيمها الداخلي.
إبراهيم ربيع: سقوط ورقة التجميل السياسي للإخوان
ويقول إبراهيم ربيع، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والقيادي المنشق عن الإخوان: "إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب يمثل سقوط ورقة التجميل السياسي التي حاولت الجماعة الترويج لها لعقود، ويؤكد أن المؤسسات الرسمية الأمريكية بدأت تتعامل مع الإخوان كخطر أيديولوجي وأمني حقيقي، وليس مجرد تيار سياسي."
ويضيف ربيع، أن الضربات لم تقتصر على الجانب الرمزي، بل شملت تشديد الرقابة على الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بالإخوان ومصادر التمويل، ما أدى إلى تقلص هامش الحركة أمام الجماعة في الولايات المتحدة، مؤكدا أن الإخوان يعتمدون على التمويل الخارجي بشكل رئيسي، وأي ضربة لمصادره تعني شللًا تنظيميًا مباشرًا."
وعن الوضع في الأردن، أشار ربيع إلى أن الجماعة تواجه أزمات داخلية وخارجية نتيجة ازدواج الخطاب الذي مارسته لسنوات، حيث أن الجماعة تتحدث بلغة الدولة في العلن، بينما تحتفظ بعقيدتها الدولية في الخفاء، وهذا ما يفسر تراجع نفوذها وفقدان ثقة المؤسسات الرسمية."
هشام النجار: خطوة إدراج الإخوان رمزية ومحدودة التأثير
ويقول هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية: "رغم أهمية خطوة إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب في الظاهر، إلا أن تأثيرها يظل رمزيًا ومحدودًا، خاصة أن القرار اتخذه عضو بالحزب الجمهوري، الذي لطالما سعى لتصنيف الإخوان إرهابية، لكنه لم يمتلك الأدوات أو الإرادة السياسية الجماعية لتنفيذه."
ويضيف النجار: "هناك أجنحة وأحزاب داخل الولايات المتحدة تربطها علاقات قوية بالإخوان، مثل اليسار الديمقراطي، ما يحد من فعالية القرار عمليًا. وهناك تساؤلات حول مصيره إذا تولى عضو ديمقراطي منصب حاكم تكساس لاحقًا، حيث سيتعامل الحزب الديمقراطي مع الملف بشكل مختلف."
ويختتم النجار: "الخطوة مهمة لأنها أول تحرك حقيقي ضد الإخوان داخل أمريكا، وتشير إلى خطورة التنظيم، لكنها لن تصل لمستوى صد خطره فعليًا إلا إذا تم تبني قرار حظر شامل بالإجماع من جميع الأحزاب، مع تفعيل الإجراءات من المؤسسات السيادية والأجهزة الأمنية، لتجفيف منابع التمويل ومصادرة الأصول المالية وتجريم الانتماء للجماعة."
شهادة وفاة التنظيم بعد 3 سنوات
بدوره قال قال منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب يمثل تحولًا جوهريًا في طريقة تعامل واشنطن مع التنظيم بعد عقود من الدعم غير المباشر، مؤكدًا أن الخطوة تحمل أبعادًا استراتيجية واسعة وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة في تفكيك حضور الجماعات الراديكالية داخل الغرب وخارجه.
وأوضح «أديب» أن القرار الأمريكي يستند إلى عشرة أهداف واضحة تحدد ملامح السياسة الجديدة تجاه التنظيم، مؤكدًا أن أول هذه الأهداف هو القضاء على الملاذات الآمنة التي كان يتمتع بها الإخوان داخل الولايات المتحدة وأوروبا لسنوات طويلة، حيث شكلت تلك الملاذات بيئة خصبة لتحركات قيادات التنظيم وأنشطته الدعائية والتنظيمية.
وأضاف أن واشنطن تسعى أيضًا إلى تفكيك الشبكة المالية الضخمة التي يعتمد عليها الإخوان، والتي يتركز جزء كبير منها في العواصم الغربية، مشيرًا إلى أن هذه الشبكات ظلت لسنوات مصدر قوة للتنظيم وسندًا لتحركاته العابرة للحدود.
الإخوان لم يعودوا صالحين
وتابع الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة أن القرار يعكس رغبة أمريكية حقيقية في التخلص من القوى الراديكالية التي أصبحت عبئًا سياسيًا وأمنيًا على واشنطن بعد أن استُخدمت سابقًا كورقة ضغط أو أداة نفوذ في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الإخوان لم يعودوا صالحين للقيام بهذا الدور.
وأشار «أديب» إلى أن إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب يأتي تمهيدًا لإدراج تنظيمات راديكالية أخرى على القوائم السوداء، وهو ما يوضح أن الإدارة الأمريكية تعيد ترتيب أولوياتها الأمنية في المنطقة والعالم.
وأكد أن الخطوة تأتي أيضًا ضمن عملية إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ولكن هذه المرة من خلال القوى الفاعلة على الأرض، وليس عبر الرهانات القديمة التي أثبتت فشلها، معتبرًا أن تقارير الاستخبارات الأمريكية انعكست بوضوح في هذا التوجه الجديد.
وجود التنظيم يمثل خطرًا على أمن واشنطن القومي
وشدد الباحث على أن وضع الإخوان على قوائم الإرهاب لا يعني أن واشنطن أصبحت مقتنعة بأن التنظيم يمارس الإرهاب بشكل مباشر، بقدر قناعتها بأن وجوده يمثل خطرًا على أمنها القومي وأمن حلفائها في المنطقة، خاصة في ظل سلوك التنظيم العابر للحدود وقدرته على التأثير في الجاليات المسلمة بالغرب.
وأفاد «أديب» بأن هذا القرار جاء متأخرًا رغم مطالبات عربية متواصلة بضرورة التصدي للتنظيم، وقد أصرت واشنطن سابقًا على الإبقاء على علاقة محدودة معه، وهي علاقة قبل بها الإخوان واستفادوا منها حتى بدأت الولايات المتحدة نفسها في تفكيكها خلال السنوات الأخيرة.