عادةً ما نفكر في مشكلات العين على أنها مجرد تغيرات في الرؤية، مثل تشوش الرؤية، والصداع، وربما جفاف العينين بعد قضاء وقت طويل أمام الشاشة، ولكن وظيفة عينيك لا تقتصر على مساعدتك في القراءة أو التصفح، بل تعكس بهدوء ما يحدث داخل جسمك، حيث يقول الأطباء إن العينين نافذة على صحتك العامة، وفقًا لتقرير موقع "مايو كلينيك".
ويمكن للحالات مثل ارتفاع الكوليسترول ومرض السكر لا تظهر أعراضها بوضوح في البداية، بل تتسلل ببطء، وأحيانًا، تظهر أولى العلامات المرئية في العينين وحولهما، قبل وقت طويل من ظهور أعراض خطيرة تجبرك على زيارة الطبيب، وهذه العلامات ليست تشخيصات، لكنها إشارات تستحق الانتباه.
إليك بعض التغيرات في العينين وحولهما التي قد تشير إلى مشكلات كامنة مثل ارتفاع الكوليسترول أو مرض السكر:
بقع صفراء على الجفون أو حولها
إذا لاحظتَ ظهور بقع صفراء ناعمة على جفونك، خاصة بالقرب من الزوايا الداخلية، فقد لا يكون الأمر مجرد مشكلة تجميلية، وتُعرف هذه البقع، التي تُسمى غالبًا بالورم الأصفر الجفني، بأنها مرتبطة بارتفاع مستويات الكوليسترول، وهي غير مؤلمة ولا تُسبب حكة، ولذلك يتجاهلها الكثيرون أو يفترضون أنها مجرد تغيرات جلدية مرتبطة بالتقدم في السن، لكن هذه الترسبات تتكون من دهون، ووجودها قد يُشير إلى زيادة نسبة الكوليسترول في الدم.
لذلك من المهم معرفة أن الورم الأصفر الجفني قد يظهر حتى لدى الأشخاص الذين يشعرون بصحة جيدة، ولا تحتاج إلى ألم في الصدر أو إرهاق لارتفاع نسبة الكوليسترول، أحيانًا، تكون الجفون أول مكان يظهر فيه، وعلى الرغم من أن هذه البقع بحد ذاتها غير ضارة، إلا أنها تُذكرك بضرورة فحص مستويات الدهون في الدم، خاصة إذا كنت شابًا أو لديك تاريخ عائلي لأمراض القلب.
حلقة رمادية أو بيضاء حول القزحية
هل لاحظتَ يومًا حلقة رمادية باهتة أو بيضاءَ تتشكل حول الجزء الملون من عينك؟ تُعرف هذه الظاهرة باسم قوس القرنية، وعند كبار السن، قد تكون جزءًا طبيعيًا من الشيخوخة، ولكن عند ظهورها لدى الشباب، فقد تُشير إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول، وتتشكل هذه الحلقة نتيجة لتراكم الدهون في القرنية، وعادة لا تؤثر على الرؤية، ولذلك لا يلاحظها الكثيرون إلا إذا لفت أحدهم انتباههم إليها، والعامل الأساسي هنا هو العمر، فإذا كنتَ دون الأربعين من العمر وظهرت لديك هذه الحلقة، غالبًا ما ينصح الأطباء بفحص مستويات الكوليسترول، لاحتمال ارتباطها بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
رؤية ضبابية أو متغيرة باستمرار
قد يكون تذبذب الرؤية، بين الوضوح والتشوش، أمرًا مزعجًا، ورغم سهولة إلقاء اللوم على الشاشات أو الإرهاق، إلا أن تذبذب الرؤية قد يرتبط أحيانًا بمرض السكر، فعندما ترتفع مستويات السكر في الدم أو تنخفض، قد تؤثر على عدسة العين، مما يُسبب تغيرات مؤقتة في تركيز الضوء، وبالتالي تشوش الرؤية أو تشوهها، حتى أن بعض الأشخاص يشعرون فجأة بعدم راحة في نظاراتهم، ثم تتحسن الرؤية بمجرد استقرار مستوى السكر في الدم، وقد يختفي هذا النوع من مشكلات الرؤية ويعود للظهور، مما يُسهل تجاهله، ولكن تكرار نوبات تشوش الرؤية غير المبرر يستدعي الاهتمام الجاد، خاصةً إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى كالعطش الشديد، وكثرة التبول، أو الإرهاق.
احمرار أو ظهور أجسام عائمة أو تغيرات مفاجئة في الرؤية
هذا هو الجانب الذي لا يجب تجاهله أبدًا، حيث أن احمرار العين المستمر، ورؤية بقع عائمة، وومضات ضوئية، أو فقدان مفاجئ للرؤية، كلها علامات على تلف الأوعية الدموية الدقيقة في العين، ويُعرف هذا المرض لدى مرضى السكر باسم اعتلال الشبكية السكري، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى إضعاف هذه الأوعية وتلفها مع مرور الوقت، وفي المراحل المبكرة، قد لا تظهر أي أعراض على الإطلاق، ولكن مع تفاقم التلف، قد يلاحظ المرضى وجود أجسام عائمة، أو بقع ضبابية، أو صعوبة في الرؤية بوضوح، وهذه التغيرات ليست مزعجة فحسب، بل قد تُهدد البصر إذا تُركت دون علاج، والأمر المخيف هو أن تلف العين الناتج عن مرض السكر قد يتطور بهدوء، دون ألم.
لماذا ملاحظة هذه العلامات أمر مهم؟
تتميز العينان بكونهما عضوين فريدين، إذ تُمكنان الأطباء من رؤية الأوعية الدموية مباشرةً، دون جراحة أو فحوصات، فالتغيرات التي قد تكون خفية في أماكن أخرى من الجسم، يُمكن أن تظهر بوضوح في العينين، ويُعد ارتفاع الكوليسترول وداء السكري من الحالات التي يُصبح فيها الكشف المبكر أمرًا بالغ الأهمية، فكلما تم تشخيصها مبكرًا، كان من الأسهل السيطرة عليها وذلك من خلال تغييرات بسيطة في نمط الحياة والعلاج في الوقت المناسب.
وتذكر أن ليس كل تغير في العين يعني شيئًا خطيرًا، لكن الاستماع إلى جسدك والمتابعة مهم جدًا، لأنه أحيانًا لا تقتصر وظيفة عينيك على الرؤية فقط، بل تُنذرك أيضًا بما يحدث في جسمك.