لم تعد ريادة الأعمال في مصر مجرد شعارات أوعناوين تُطرح على الورق، بل تحولت إلى منظومة متكاملة تتبناها الدولة بجدية، وتُوليها اهتماما متصاعدا باعتبارها أحد أهم روافد الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار.
وفي هذا الإطار، كشفت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن حزمة من الجهود والخطوات التي تستهدف دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، وتحويل أفكار الشباب إلى طاقة اقتصادية حقيقية تُسهم في خلق فرص عمل وتحسين التنافسية.
وفي خطوة تعكس هذا التوجه، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 2878 لسنة 2024 بتشكيل المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، وهي الآلية الحكومية الأعلى تنسيقًا وتنفيذًا للسياسات الخاصة بتمكين الشركات الناشئة.
وتترأس المجموعة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وتضم في عضويتها عدة وزارات وهيئات رئيسية، تشمل الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التعليم العالي، المالية، التموين والتجارة الداخلية، الاستثمار والتجارة الخارجية، إلى جانب جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
ويأتي تشكيل هذه المجموعة في إطار رؤية حكومية واضحة تستهدف تعزيز بيئة ريادة الأعمال باعتبارها محركًا للنمو الاقتصادي المستدام، وقادرة على خلق فرص عمل لائقة، خاصة للشباب. وتعمل المجموعة عبر خمسة محاور رئيسية تشكل أساس المنظومة الجديدة لدعم الشركات الناشئة.
المحور الأول يركز على توحيد وتنسيق السياسات الحكومية من خلال وضع مستهدفات واضحة ومتجانسة بين الجهات المعنية، وتبسيط الإجراءات الخاصة بالتأسيس والتشغيل، إلى جانب تحديث التشريعات لتكون أكثر مرونة بما يتناسب مع طبيعة الشركات الناشئة وسرعة نموها.
أما المحور الثاني فيتعلق بتعظيم دور الشركات الناشئة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، عبر تحفيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، ودعم الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا، وتوفير آليات تمويل متنوعة تشمل صناديق رأس المال المخاطر وربطها بالمبادرات الحكومية.
ويأتي المحور الثالث ليضع إطارا واضحا لتمكين الشركات المصرية من التوسع في الأسواق الدولية، من خلال تقديم حوافز ضريبية وتمويلية، وخدمات استشارية، مع الحفاظ على مقارها داخل مصر. كما يشمل هذا المحور استقطاب الشركات الدولية، وتوفير بيئة داعمة للمهنيين المستقلين أو ما يعرف بـ “الرحالة الرقميين”.
في حين يركز المحور الرابع على ربط التحديات التنموية في القطاعات المختلفة بالحلول المبتكرة التي تقدمها الشركات الناشئة، مع إنشاء آلية موحدة لتعزيز التواصل بين الحكومة ورواد الأعمال، ورفع وعي موظفي الدولة بأهمية الابتكار وربطه بالخطط الاستثمارية
أما المحور الخامس والأخير فيستهدف الحد من هجرة العقول من خلال دعم الشباب والمرأة وتشجيع المصريين بالخارج على الاستثمار داخل البلاد، مع منح أولوية للمشروعات كثيفة العمالة التي تفتح مجالات واسعة للتشغيل.
وتستعد الحكومة لإطلاق حملة ترويجية موسعة تتضمن الإعلان عن التعريف الموحد للشركات الناشئة، وما يتضمنه من حوافز ومزايا، إلى جانب مبادرة تمويلية موحدة، والإعلان عن ميثاق مجتمع ريادة الأعمال الذي يجري إعداده بالتعاون مع مختلف شركاء المنظومة