بعد ما يقرب من أربعة عقود على أسوأ كارثة نووية في التاريخ، يعود اسم تشرنوبل إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة ليس بسبب انفجار، بل بسبب تدهور الدرع الأخير الذي كان يفترض أن يدفن الخطر النووي إلى الأبد.
كارثة نووية
في عام 2025، لم تعد تشرنوبل مجرد ذكرى سوداء، بل تحولت إلى سؤال مفتوح يقلق العالم: هل نحن أمام كارثة مؤجلة أم مجرد إنذار مبكر؟
الهيكل الواقي العملاق، المعروف باسم القبة الواقية الجديدة، صُمم ليحتوي بقايا المفاعل المنفجر لـ100 عام على الأقل، ويمنع أي تسرب إشعاعي مهما كانت الظروف. غير أن الحرب في أوكرانيا قلبت المعادلة. فبعد تعرض الهيكل لأضرار مباشرة نتيجة هجوم بطائرة مسيرة، أكدت تقارير فنية أن قدرته على العزل لم تعد مضمونة بالكامل.
حتى الآن، لا توجد تسريبات إشعاعية خطيرة، لكن الخطر الحقيقي يكمن في المدى الطويل، فوجود فتحات أو نقاط ضعف في الهيكل يعني احتمال تسرب غبار مشع مع الزمن، أو دخول مياه وأمطار قد تتفاعل مع المواد النووية شديدة الخطورة داخل المفاعل المدمر. وهنا تتحول المشكلة من تهديد محلي إلى خطر عابر للحدود.
المقلق أكثر أن إصلاح الهيكل ليس عملية عادية. فالعمل فوق أحد أخطر المواقع الإشعاعية في العالم يتطلب تقنيات معقدة، وتمويلاً دوليًا، واستقرارًا أمنيًا مفقودًا حتى الآن. ومع استمرار الحرب، يبقى موقع تشرنوبل في قلب منطقة صراع، ما يزيد احتمالات تكرار الحوادث.
وأطلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنذار عاجل دون تحرك بشأن شروخ طالت الهيكل المعدني الذي يحيط بمفاعل تشرنوبل النووى، وأفقدته علي حد قول الوكالة «وظائفه الأساسية»، وسط غياب تام لخريطة الإصلاحات وموعدها الذي حددته الوكالة بشكل تقريبي في مطلع عام 2026 أو في حال انتهاء الحرب الأوكرانية.
تشرنوبل 2025 ليست انفجارًا جديدًا، لكنها رسالة تحذير قاسية: المواقع النووية، مهما بدت محصنة، يمكن أن تتحول في زمن الحروب إلى قنابل صامتة. والسؤال لم يعد إن كانت الكارثة ستقع اليوم، بل متى… وهل العالم مستعد قبل فوات الأوان؟.