أكرم القصاص

الشباب والأحزاب والانتخابات.. الحق فى تكافؤ الفرص والتقدير ومعالجة الاستنزاف

الخميس، 18 ديسمبر 2025 10:00 ص


إذا ذُكرِت السياسة يذكر الشباب، وبمناسبة الانتخابات أو التحركات والمجتمعات التى يذكر فيها الشباب، هناك حاجة إلى تغيير أسلوب التعامل والمخاطبة، حتى يمكن إقناع الشباب بالمشاركة، وهو أمر يتطلب أن يتم بناء شعور هؤلاء الشباب بأن لهم الحق وأن تتاح لهم تكافؤ الفرص.


نحن مجتمع أغلبيته من الشباب، وحسب جهاز الإحصاءات  21.3 مليون من سكان مصر من الشباب «18 - 29 سنة» عام 2025 ومن 15 إلى 18 نسبة 18 مليون، ونسب الشباب فى مراحل التعليم أيضا والمراهقين والتعليم الجامعى والثانوى، تشير إلى أن المجتمع المصرى أغلبيته شباب من الجنسين، وهؤلاء يتنوعون بين أجيال الألفية وما بعدها وما حولها، وبعيدا عن التقسيمات الجيلية، فان أغلبية هؤلاء ينتمون إلى الطبقة الوسطى التى هى الأوسع والأكثر تاثيرا وتفاعلا فى المجتمع.


وخلال السنوات الأخيرة، كانت هناك تحركات أغلبها تنطلق من الرئيس تجاه الشباب، تنوعت بين المنتدى العالمى للشباب، والمؤتمرات، ويخاطب الرئيس الشباب فى زياراته ولقاءاته بالجامعات والأكاديميات، ويحرص على تأكيد أن المجتمع المصرى مجتمع شاب، وأن هؤلاء الشباب يحتاجون إلى الكثير من الفرص والتدريب والتوجيه نحو الدراسة وربط التعليم بسوق العمل ويتناول تكافؤ الفرص، باعتبارها القضية الأهم التى تتماشى مع تحولات واطلاع من الشباب على أفكار وإغراءات فى العالم قد تغريهم للسفر والهجرة، وهو أمر يمثل بعض الفوائد لكنه يمثل خطرا فى بعض التخصصات التى يحتاجها المجتمع مثل الأطباء وتخصصات التمريض وبعض التخصصات الفنية المرتبطة بالصناعة أو الذكاء الاصطناعى.


وهناك ضرورة لفتح حوارات لصالح هؤلاء الشباب باتجاه التوعية بالمناهج أو احتياجاتهم للتدريب أو التكيف مع سوق العمل، فهؤلاء الشباب يسافرون وبعد فترة تدريب يندمجون فى بيئة العمل فى أوروبا وأمريكا وكندا، بما يشير إلى أنهم متعلمون جيدا ويحتاجون تدريبا وتكيفا ومعادلات معينة، بجانب أن الأسباب المادية مهمة لكن الأهم هو شعور الشباب بقيمتهم، وأن هناك حاجة لهم فى مجتمعهم، مع تقدير للكفاءة والقيمة والمؤهل والقدرات، وكل هذا يرتبط بمدى شعورهم بحقوقهم بالمجتمع وأن صوتهم ووجودهم مؤثران، وبالتالى فالانتماء ليس بالكلام، وإنما بالممارسة، وليس بالمنتديات وحفلات التوظيف الشكلية، وإنما بالعمل الجاد والخطوات والمبادرات التى تتشارك فيها الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمعات الأهلية بالشكل الذى ياتى بشكل مرضى وليس فقط اجتماعات أو جلسات، من دون التقليل من الجهد المبذول من قبل الحكومة والوزارات، مع أهمية أن تكون هذه الجهود عامة ومفتوحة وموزعة جغرافيا وليست مجرد جلسات واجتماعات لملء الفراغ.


وحسب تقرير الزميلة هند مختار، مدير تحرير «اليوم السابع»، فقد استعرض مجلس الوزراء  أهداف افتتاح أكاديمية «شباب بلد» لتمكين 13 مليون شاب وفتاة، ومثل هذه الأكاديميات مهمة بالفعل، بشرط أن تكون مفتوحة للجميع ويتم تسويقها لكل شباب مصر، ومنح فرص لشباب الأقاليم للحضور والحصول على حقهم فى التدريب والتكيف والتقدم، كنوع من تكافؤ الفرص، وهو المبدأ الأهم والذى يطرح نفسه على الحكومة والأحزاب بمناسبة الانتخابات، كما أنهم يعرضون لبث مستمر من مواقع التواصل، ومحتوى متنوع وإغراءات وأفكار كلها تساهم فى بناء أفكارههم.


هل كل هذا معروف لدى الأطراف المختلفة فى الأحزاب أو السبائك أو الحكومة، وهل تكفى الاجتماعات واللجان والدهاليز للتفاهم مع هؤلاء الشباب، وإقناعهم بالذهاب إلى الانتخابات، والمشاركة، أو إقناعهم بأنهم مدعوون بالفعل للمشاركة وأن آرائهم مأخوذة فى الاعتبار، حتى لا يُتركون إلى الإحباط أو الشعور بالاستبعاد، قد تبدو هذه الأسئلة سهلة، لكنها فى الواقع تمثل نوعا من المناقشات التى يجب استيعابها، وليس من قبيل المبالغة أن نقول إن الرئيس السيسى أكثر طرف يتحدث عن الشباب ولهم، بينما تبدو المؤسسات بعيدة بشكل كبير، تكتفى بالجلسات والمنتديات والاجتماعات واللجان، أما الأحزاب فكلها تتحدث عن الشباب مثلما تتحدث عن السياسة نظريا وداخل أسوار وغرف، من دون أن تخرج أو تطرح على نفسها أسئلة، وفى الانتخابات ربما لا يجد الشباب دافعا ليذهبوا، مع اتساع دوائر السلبيات وحتى مع الاعتراف بالمبالغة فى ردود الأفعال لكن تظل الخطابات المتفاعلة طريقا للتفاهم.


ونذكر أنفسنا والأحزاب والحكومة، أن الأطفال والمراهقين فى 25 يناير و30 يونيو 2013، أصبحوا شبابا وبعض الشباب دخل فى الكهولة، بما يعنى أننا أمام طبقات وأجيال، وأفكار تتطلب تفهما ووعيا، وبعضهم يحتل مواقع أو مناصب أو عضوية مجالس نيابية أو نواب وزراء أو معارضين وسياسيين ومرشحين، وتم اتخاذ خطوات نحو تمكينهم شبابا وشابات إلى آخره، وهى أمور تفرض ضرورة الاستيعاب والتفهم، من قبل الحكومة والبرلمان المقبل، بعيدا عن اللجان والبيانات الصماء، الشباب يحتاج أن يصعد لأعلى، والمؤسسات تختزل وتخرج من عزلتها إلى الواقع، حتى يصدق الشباب والمواطن عموما، لأن الوعى اليوم يختلف عما سبق، والطبقة الوسطى لديها طموحات وأفكار وأحلام، فى انتخابات حقيقية ومشاركة فعلية وليس مجرد ملء فراغ.


 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة