تمر، اليوم، الذكرى الرابعة والثلاثون على إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379، الذى كان قد ساوى بين الصهيونية والعنصرية، في واحد من أكثر القرارات الأممية إثارة للجدل في تاريخ المنظمة الدولية.
وكان القرار رقم 3379 قد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 نوفمبر 1975، ونص صراحة على أن «الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري»، مطالبًا جميع دول العالم بمقاومة الأيديولوجية الصهيونية، التي اعتبرها القرار خطرًا على الأمن والسلم العالميين، ولا يزال هذا القرار يُستشهد به حتى اليوم في المناقشات المتعلقة بالعلاقة بين الصهيونية والعنصرية.
وجرى اعتماد القرار آنذاك بتصويت 72 دولة لصالحه، مقابل 35 دولة صوتت ضده، فيما امتنعت 32 دولة عن التصويت، واستند القرار إلى سلسلة من المرجعيات والقرارات الأممية السابقة التى أكدت رفض جميع أشكال التمييز العنصري والتفوق العرقي.
وأشار نص القرار إلى إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، الصادر بموجب القرار 1904 (د-18) في 20 نوفمبر 1963، والذي أكد أن "أي مذهب يقوم على التفرقة العنصرية أو التفوق العنصري مذهب خاطئ علميًا ومشجوب أدبيًا وظالم وخطر اجتماعيًا"، كما أعرب عن القلق الشديد إزاء استمرار مظاهر التمييز العنصري في بعض مناطق العالم، سواء كانت مفروضة عبر تشريعات أو تدابير حكومية أو غيرها.
كما استند القرار إلى إدانة الجمعية العامة، في قرارها رقم 3151 (د-28) الصادر في 14 ديسمبر 1973، لما وصفه بـ«التحالف الآثم بين العنصرية والصهيونية»، وأشار كذلك إلى إعلان المكسيك بشأن مساواة المرأة وإسهامها في التنمية والسلم، الصادر عن المؤتمر العالمي للسنة الدولية للمرأة الذي انعقد في مكسيكو خلال الفترة من 19 يونيو إلى 2 يوليو 1975، والذي أكد أن التعاون والسلم الدوليين يتطلبان إزالة الاستعمار والاحتلال الأجنبي والصهيونية والفصل العنصري (الأبارتهايد) والتمييز العنصري بجميع أشكاله، مع الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتضمن القرار أيضًا إشارات إلى موقف منظمة الوحدة الأفريقية، حيث أحاط علمًا بالقرار رقم 77 (د-12) الصادر عن مجلس رؤساء دول وحكومات المنظمة خلال دورته العادية الثانية عشرة المنعقدة في كمبالا بين 28 يوليو و1 أغسطس 1975، والذي رأى أن «النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين في زيمبابوي وجنوب أفريقيا يعودون إلى أصل استعماري مشترك، ويشكلون كيانًا واحدًا ذا هيكل عنصري موحد، وترتبط سياساتهم ارتباطًا عضويًا بإهدار كرامة الإنسان وحرمته».
كما استند القرار إلى الإعلان السياسي واستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين، اللذين اعتمدتهما دول عدم الانحياز في مؤتمر وزراء الخارجية المنعقد في ليما خلال الفترة من 25 إلى 30 أغسطس 1975، واللذين أدانا الصهيونية بأشد العبارات واعتبراها تهديدًا للسلم والأمن العالميين، ودعوا جميع الدول إلى مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية الإمبريالية.
ورغم ما حظي به القرار من دعم واسع في حينه، فإن مساره انتهى بعد 16 عامًا من اعتماده، إذ جعلت إسرائيل إلغاء القرار 3379 شرطًا أساسيًا لمشاركتها في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وبالفعل، جرى إلغاء القرار بموجب القرار رقم 46/86 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1991.
ولا يزال قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية، وإلغاؤه لاحقًا، محل جدل سياسي وقانوني واسع، ويُستدعى باستمرار في النقاشات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ودور الأمم المتحدة، وحدود استخدام القرارات الدولية في الصراعات السياسية والأيديولوجية.