اغتيال راسبوتين.. لماذا أثار الراهب الروسى كل هذا الجدل؟

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 08:00 م
اغتيال راسبوتين.. لماذا أثار الراهب الروسى كل هذا الجدل؟ راسبوتين

محمد عبد الرحمن

تمر، اليوم، الذكرى الـ109 على اغتيال الراهب الروسي جريجوري راسبوتين على يد النبلاء الروس الذين كانوا يتوقون لإنهاء تأثيره على العائلة المالكة، وذلك في 16 ديسمبر عام 1916.

أثار مقتل راسبوتين جدلاً واسعًا واستمر لغز مقتله وتفاصيله، حيث احتفل به البعض كتحرير لروسيا من نفوذ فاسد، بينما اعتبره آخرون شهيدًا أو رمزًا، وشكّلت الشائعات حول قدراته الخارقة وقسوة مقتله (محاولات التسميم والرصاص ثم الغرق) جزءًا كبيرًا من الجدل، مما ساهم في تزايد عدم الثقة بالنظام الملكي ومهد الطريق لانهيار سلالة رومانوف.

وجاء الجدل حول راسبوتين من مزيج من تأثيره الهائل على العائلة المالكة الروسية، وشخصيته الغامضة والمثيرة للجدل (كراهب فلاح ذي سمعة سيئة)، ونبوءاته، ودوره المزعوم في إضعاف النظام القيصري قبل الثورة، بالإضافة إلى محاولات اغتياله الأسطورية التي زادت من غموضه، مما جعل منه شخصية أسطورية تجمع بين الحقيقة والخيال.

وُلد جريجوري راسبوتين عام 1869 في قرية بوكروفسكويه السيبيرية، ولا يُعرف سوى القليل عن حياته المبكرة، وفي مرحلة ما، أصبح واعظًا علمانيًا، أي شخصًا لا يشغل منصبًا رسميًا في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، لكنه كان مع ذلك مقصدًا للناس طلبًا للإرشاد الروحي.

 

راسبوتين.. سيرة مليئة بالألغاز

في عام 1905، التقى بالقيصر نيقولا الثاني، آخر أباطرة روسيا، وفي ذلك الوقت كان راسبوتين معروفًا بالفعل بوصفه صوفيًا ومعالجًا، وربما حتى نبيًا في نظر البعض، لكن انضمامه الفعلي إلى بلاط القيصر لم يحدث إلا عام 1906.

كان تساريفيتش أليكسي، ولي عهد العرش، يعاني من مرض الهيموفيليا، وهو اضطراب لا يتجلط فيه الدم بسهولة، ما يجعل حتى أبسط الإصابات مهددة للحياة، وفي ذلك العام، ساءت حالة أليكسي الصحية، فكتبت القيصرة إلى راسبوتين تطلب منه المساعدة، بعد أن فشل الطب الحديث في علاج ابنها، ودفعها اليأس إلى تجربة أي وسيلة ممكنة.

وهكذا توجّه راسبوتين إلى سانت بطرسبرج، وتحسنت صحة أليكسي. ولا يزال الجدل قائمًا حول سبب ذلك؛ فالبعض يعتقد أن راسبوتين كان مباركًا من الله، بينما يرى آخرون أن الأمر لم يكن سوى مصادفة.

وبغضّ النظر عن السبب، اقتنعت القيصرة تمامًا بقدرات راسبوتين، فأصبح شخصية دائمة في بلاط القيصر. وهنا بدأت المشكلات. إذ أن إدخال رجل من عامة الشعب إلى البلاط، ويتمتع بنفوذ مباشر لدى القيصرة، أخلّ بتوازن القوى الهش القائم آنذاك. وكان الأمر أكثر تعقيدًا لأن القيصر نفسه كان حاكمًا ضعيف الكفاءة، غير محبوب على نطاق واسع، ومنفصلًا تمامًا عن شعبه. وبحلول وقت وفاته، كان نصف الروس تقريبًا يعتقدون أن نيقولا هو المسيح الدجال.

وهكذا بدأت الشائعات تنتشر: راسبوتين ساحر شرير، راسبوتين على علاقة غير مشروعة بالقيصرة ألكسندرا، راسبوتين هو من يدير الأمور فعليًا من خلف الستار. ولم يساعد الوضع أن راسبوتين كان ينتمي إلى طائفة مسيحية هامشية نسبيًا، تؤمن بضرورة الانغماس في الخطيئة ثم طلب المغفرة من المسيح.

وفي النهاية، سئمت مجموعة من النبلاء من هذا الدخيل، فقاموا بقتله. قيل إن راسبوتين سُمِّم، ثم أُطلق عليه الرصاص، وطُعن، وأُغرق، ودُفن، بل ويُزعم أنه عندما أُحرقت جثته بعد نبش قبره، انتصبت واقفة كما لو كان لا يزال حيًا. وبعد أقل من عام على ذلك، اندلعت ثورة أكتوبر، وقُتلت العائلة المالكة على يد البلاشفة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة