قد يبدو ضغط الدم مسألة بسيطة لا تستحق القلق، لكنه في الحقيقة أحد أكثر المشكلات الصحية خطورة على المدى الطويل، إذ يمكن أن يتسلل إلى الجسم بهدوء تام دون أن يترك أي أثر ظاهر، لهذا يُطلق عليه الأطباء اسم «القاتل الصامت»، لأنه يهاجم دون إنذار مسبق، ومع مرور الوقت يضعف القلب والشرايين والكليتين والدماغ.
وفقًا لتقرير نشره موقع American Heart Association، فإن ارتفاع ضغط الدم لا يُظهر أعراضًا واضحة في أغلب الأحيان، ولا يمكن التأكد من وجوده إلا من خلال قياس ضغط الدم في بيئة طبية موثوقة، لذلك، يعتمد التشخيص السليم على مراقبة الأرقام بدقة، وليس على الإحساس أو التخمين.
ما هو ضغط الدم ولماذا يرتفع؟
ضغط الدم هو القوة التي يندفع بها الدم عبر جدران الشرايين أثناء ضخ القلب. عندما تزيد هذه القوة عن المعدل الطبيعي لفترة طويلة، تبدأ الأنسجة الداخلية للأوعية في التآكل، مما يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين والنوبات القلبية.
عادة ما يتأثر الضغط بعدة عوامل مثل النظام الغذائي الغني بالأملاح، قلة الحركة، السمنة، التوتر النفسي، أو حتى العوامل الوراثية. كما قد يؤدي الإفراط في تناول الكحول أو التدخين إلى مضاعفة الخطر.
كيف يتم قياس ضغط الدم؟
يُقاس الضغط بجهاز خاص يلف حول الذراع يسمى الكفة الهوائية. تُسجَّل النتيجة على شكل رقمين:
ـ الانقباضي (الرقم العلوي): وهو الضغط الناتج عن انقباض القلب أثناء ضخ الدم.
ـ الانبساطي (الرقم السفلي): وهو الضغط في الشرايين أثناء راحة القلب بين النبضات.
إذا كانت القراءة أقل من 120/80 ملم زئبق، فهي طبيعية. أما القيم الأعلى من ذلك فتشير إلى مراحل متفاوتة من ارتفاع الضغط تتطلب المتابعة أو العلاج.
الأعراض التي قد تشير إلى ارتفاع ضغط الدم
رغم أن معظم الحالات تمر دون مؤشرات ظاهرة، إلا أن بعض الأشخاص قد يشعرون بأعراض خفيفة أو متقطعة، مثل:
ـ صداع متكرر في مؤخرة الرأس أو عند الاستيقاظ صباحًا.
ـ دوخة أو تشوش في الرؤية نتيجة ضعف تدفق الدم إلى الدماغ والعينين.
ـ خفقان في القلب أو ضيق في التنفس عند بذل مجهود بسيط.
ـ نزيف من الأنف في بعض الحالات الشديدة.
ـ إحساس بثقل في الصدر أو خدر في الأطراف بسبب تأثر الدورة الدموية.
تُعد هذه العلامات بمثابة إنذارات مبكرة تستدعي فحصًا طبيًا عاجلًا، خصوصًا إذا تكررت أو ازدادت حدتها.
متى يجب التوجه إلى الطبيب فورًا؟
عندما يتجاوز ضغط الدم 180/120 ملم زئبق، تصبح الحالة طارئة تستدعي التدخل الطبي الفوري. وإذا رافقت هذه القراءات أعراض مثل ألم في الصدر، صعوبة في الكلام، ضعف مفاجئ، أو اضطراب في الرؤية، فذلك قد يشير إلى خطر حدوث سكتة دماغية أو نوبة قلبية.
في هذه الحالة، لا يُنصح بالانتظار أو الاكتفاء بقياس جديد في المنزل، بل يجب الاتصال بخدمات الطوارئ فورًا.
أهمية المراقبة المنتظمة
ينصح الأطباء بقياس ضغط الدم مرة واحدة سنويًا على الأقل للأشخاص الأصحاء فوق سن العشرين، بينما يجب على من لديهم تاريخ عائلي أو أمراض مزمنة مثل السكري أو السمنة إجراء القياس بانتظام أكبر.
كما يُفضَّل استخدام جهاز منزلي موثوق لمتابعة الضغط بين الزيارات الطبية، لكن لا يُعتمد على قراءة واحدة للحكم، بل على متوسط قراءات متكررة تؤخذ في أوقات مختلفة من اليوم.
الحياة اليومية وضبط الضغط
التحكم في ضغط الدم لا يقتصر على الأدوية فقط. فالتعديلات البسيطة في نمط الحياة قد تكون فعالة جدًا، مثل تقليل الملح في الطعام، ممارسة النشاط البدني بانتظام، الإقلاع عن التدخين، والابتعاد عن مصادر القلق المستمر. هذه العادات تساعد على إبقاء القلب والشرايين في حالة صحية مستقرة وتحمي من المضاعفات المستقبلية.