تتصاعد على منصات التواصل، مع اقتراب عام 2026، موجة جديدة من "التوقعات" المنسوبة إلى الفلكى والطبيب الفرنسى ميشيل دى نوسترادام (نوستراداموس)، تتحدث عن حروب وكوارث وتحولات كبرى "محددة بسنة 2026"، لكن مراجعة المصادر المرجعية حول أعماله تُظهر أن كتابه الأشهر لا يقدم "قائمة سنوية" للأحداث، بل نصوصًا شعرية مُشفرة تُقرأ بطرق مختلفة، وهو ما يفسر قابلية الرباعيات لأن تُلصَق بها أحداث كل زمن تقريبًا.
بحسب الموسوعة البريطانية، نشر نوستراداموس كتابه "القرون " عام 1555، وكتب نبوءاته فى شكل رباعيات شعرية مقفّاة (quatrains)، ثم جمعها فى مجموعات كل مجموعة مائة رباعية هذا البناء التنظيمي كان جزءًا من طريقة تقديم النصوص، لا “جدولًا زمنيًا” للأعوام المقبلة.
وتضيف "بريتانيكا" نقطة محورية فى فهم الضجة المتكررة: كثير من نصوصه يدور حول أنواع عامة من الأحداث (كوارث طبيعية وصراعات) “تتكرر فى التاريخ”، ومكتوبة بأسلوب “غامض وملتبس”، بما يجعل من السهل—وفق منتقديه—العثور على مقاطع “تبدو وكأنها تنطبق” على أى حدث كبير بعد وقوعه.
اللافت أن "توقعات 2026" تُبنى غالبًا على خطافات زمنية حديثة لا يذكرها نوستراداموس بالاسم، مثل ربط الرباعيات بأحداث فلكية أو سياسية متوقعة سلفًا، ومن أمثلة ما يُستدعى كثيرًا فى المحتوى الشائع: كسوف الشمس الكلى فى 12 أغسطس 2026 الذى تُوثقه مواقع فلكية متخصصة وخدمات تقويمات الكسوف، مع اختلاف مسار الرؤية حسب الجغرافيا.
لكن وجود حدث فلكى مؤكد فى 2026 لا يعنى أن نوستراداموس "تنبأ به"، لأن الربط يتم عادةً عبر تأويلات فضفاضة لا تُحيل إلى رقم رباعية واضح ولا إلى نص أصلى يمكن التحقق منه—وهو جوهر المشكلة فى "التوقعات" المتداولة سنويًا.
فى كل عام تقريبًا تظهر قوائم من النوع نفسه: "حرب كبرى"، "وباء"، "حرائق"، "جرم سماوي"، "انهيار اقتصادي"… وهى عناوين جذابة لأنها تُشبه مفردات النهاية فى المخيال الشعبي، ويشير تقرير حديث لـNational Geographic إلى أن "نبوءات" السنوات (مثل 2025) تُتداول بوصفها قراءات حديثة للنصوص أكثر من كونها نصوصًا مُؤرّخة بسنة محددة.