تغزو السلاحف البحرية شواطئ إسبانيا ، فى مشهد يبدو للوهلة الأولى مبهجا إلا أن الخبراء حذروا منه ويدقون ناقوس الخطر، مؤكدين أن هذا الغزو الهادئ يختبئ وراءه إنذارا مناخيا واضحا يعكس تسارع آثار التغير المناخى على البحر المتوسط.
ارتفاع درجات الحرارة والرمال يدفع السلاحف للهجرة
وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية إلى أنه على مدار قرون ، السلاحف البحرية، وخاصة السلاحف ضخمة الرأس (كاريتا كاريتا)، بشواطئ تقليدية للتكاثر، مسترشدة بدرجات حرارة ثابتة وأنماط بيئية مستقرة، إلا أن الوضع تغير اليوم، حيث يدفعها ارتفاع حرارة المياه والرمال إلى الهجرة شمالًا، حيث باتت سواحل إسبانيا بيئة مناسبة لوضع البيض وتأسيس مستعمرات جديدة.
ويُعد عامل درجة حرارة الرمال عنصرًا حاسمًا في هذه العملية، إذ لا يحدد فقط نجاح التفريخ، بل يتحكم أيضًا في جنس السلاحف الصغيرة، ففي مناطق التكاثر القديمة، أدى ارتفاع الحرارة إلى ولادة أعداد كبيرة من الإناث مقابل نقص واضح في الذكور، ما يهدد التوازن البيولوجي. في المقابل، توفر الشواطئ الإسبانية حرارة أكثر اعتدالًا، تسمح بولادة الذكور، وهو ما يمنح الأمل في إنقاذ التنوع الجيني، لكنه في الوقت ذاته دليل صريح على تغير المناخ.
زيادة غير مسبوقة فى أعشاش السلاحف بإسبانيا
وخلال العام الجاري فقط، تم تسجيل 16 عشًا جديدًا في إقليم فالنسيا، وهو رقم غير مسبوق. اللافت أن هذه الأعشاش تعود لسلاحف تحمل خليطًا وراثيًا بين الأطلسي والمتوسط، في ظاهرة يصفها العلماء بـ الاستعمار الجيني، إيذانًا بولادة تجمع جديد من السلاحف في إسبانيا.
لكن الخطر لا يزال قائمًا، فالتلوث البلاستيكي والمبيدات الزراعية تفتك بهذه الكائنات بصمت، حيث كشفت دراسات عن وجود 39 نوعًا من المبيداتداخل أجسام السلاحف، ما يؤثر على مناعتها وقدرتها على التكاثر. كما يشكل النشاط السياحي والإضاءة الليلية والصيد تهديدًا مباشرًا لدورات حياتها.
ورغم الجهود المبذولة من الجامعات والسلطات البيئية والمتطوعين، تبقى رسالة السلاحف واضحة: ما يحدث على الشواطئ ليس ظاهرة طبيعية عابرة، بل تحذير حي من كوكب يتغير أسرع مما نتوقع.