فى خطوة استراتيجية تعكس التزام الدولة المصرية بحماية حقوق العاملين وضمان حصولهم على مستحقاتهم كاملة، أعلنت وزارة العمل عن حزمة إجراءات جديدة لمتابعة تطبيق قانون العمل الجديد، فى إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحويل حقوق العمال من مجرد نصوص قانونية إلى واقع ملموس يعيشه كل عامل فى موقع عمله، مع التركيز بشكل خاص على تطبيق الحد الأدنى للأجور وإغلاق كافة الثغرات التى قد تستغلها بعض المنشآت للتهرب من التزاماتها تجاه العاملين لديها، وتتضمن هذه الإجراءات إطلاق منصة إلكترونية متطورة، إلى جانب نظام رصد يومى شامل يتابعه محمد جبران وزير العمل شخصيا لحظة بلحظة، فضلا عن حملات تفتيش مكثفة ومفاجئة تستهدف جميع القطاعات والمنشآت دون استثناء، كما تعلن الوزارة عن تنسيق وثيق مع وزارة التخطيط لوضع رؤية مستقبلية للحد الأدنى للأجور تضمن حياة كريمة للعامل المصري.
أكد محمد جبران، وزير العمل، أن الوزارة تبذل جهودا مكثفة لضمان حصول جميع العمال على حقوقهم الكاملة، وعلى رأسها الحد الأدنى للأجور، مشددا على أن هذه الحقوق ليست مطالب بل حقوق أصيلة يجب أن تنفذ دون تأخير أو مماطلة.
وقال جبران: "نحن لا نتحدث عن تفتيش فردى بعد الآن، بل عن حملات مكثفة تتوجه بشكل منظم إلى المنشآت، وأقول لأصحاب الأعمال: انتبهوا، فالغرامات ستكون كبيرة جدا، والأفضل أن تمنحوا العمال حقوقهم بدلا من دفع غرامات أكبر بكثير من الفرق المطلوب، فالعامل هو الأداة الحقيقية لنجاحكم".
التفتيش الميداني
أكد الوزير أنه يتوجه بنفسه للتفتيش على المواقع، وسيستمر فى ذلك حتى يصل الحق إلى كل عامل دون أن يبذل العامل أى جهد إضافى للمطالبة به، قائلا: "توجهت بنفسى إلى المواقع وسأتوجه مرة ثانية وثالثة، ولن نستريح حتى يحصل كل عامل على حقه".
وأشار إلى أن القانون الجديد منح الوزارة صلاحيات أقوى، حيث أصبحت الغرامات مشددة وقادرة على ردع المنشآت المخالفة، مؤكدا أن هذه الغرامات ستطبق فعليا على كل من يستمر فى مخالفة القانون.
منصة إلكترونية وخط ساخن لتلقى شكاوى العمال
كشف وزير العمل عن خطط لإطلاق منصة إلكترونية خاصة بشكاوى العمال، بالإضافة إلى دراسة إنشاء خط ساخن يسهل على العمال تقديم شكاواهم بشكل مباشر وسريع مع ضمان السرية التامة.
وقال جبران: "نحن نتلقى الشكاوى حاليا على الموقع الإلكترونى، وأنا شخصيا أتابع الشكاوى التى تصلنى على هاتفى الخاص وأتواصل مع أصحابها فورا.. لكننا نفكر فى إنشاء منصة خاصة للشكاوى، وقد تلقينا بالفعل عروضا من جهات مختلفة لتسهيل التواصل مع العمال".
وأضاف: "الخط الساخن فكرة ممتازة ستساعدنا كثيرا، خاصة أن كثيرا من العمال قد يجدون صعوبة فى التعامل مع المنصات الإلكترونية، بينما المكالمة الهاتفية أسهل وأسرع.. ونحن نضمن السرية التامة لكل شكوى حتى لا يتعرض العامل لأى انتقام من صاحب العمل".
آليات التفتيش
شدد الوزير على أن التفتيش لا يعتمد على أقوال أصحاب المنشآت فقط، بل يتم التحقق الفعلى من خلال فحص التحويلات البنكية للرواتب للتأكد من مطابقتها للحد الأدنى للأجور، وأوضح: "مهما قال صاحب العمل، فإننا نفحص التحويلات النقدية الموجودة فى البنك للتأكد من أن الراتب المحول يطابق الحد الأدنى المقرر قانونا".
كشف جبران عن إحدى أهم مزايا القانون الجديد، وهى إلزام الشركات الأم بالمسؤولية المتضامنة عن حقوق العمال الذين يعملون لديها من خلال شركات المقاولات، وقال: "فى القانون القديم، كانت شركات الاستعانة بمصادر خارجية نوعا من التهرب من حقوق العمال، لكن القانون الجديد أغلق هذه الثغرة تماما، حيث ألزم الشركة الأم بأنها متضامنة مع الشركة المقاولة فى حقوق العامل".
وأشار إلى أن وزير البترول كان أول من طبق هذا التوجه، حيث أصدر قرارا بإلزام جميع الشركات التابعة، بما فيها شركات الأمن والتغذية التى تعمل كمقاولين، بتطبيق الحد الأدنى للأجور على جميع العاملين لديها.
توجيهات من رئيس الوزراء
أكد وزير العمل، أن الاهتمام بحقوق العمال ليس مقتصرا على وزارة العمل فقط، بل يأتى بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، قائلا: "ليس وزير العمل وحده المهتم بهذا الملف، بل السيد رئيس الوزراء شخصيا، لقد طلب منى تحديدا أن أبعث إلى جميع الوزارات التى لا تطبق الحد الأدنى، وكذلك الشركات المتعاقدة معها، لإلزامها بتطبيق القانون.. ونحن نتابع جميع الوزارات تباعا، وحقوق العمال مسؤوليتنا وهى من أهم الأمور التى أهتم بها شخصيا".
خطة شاملة لمراجعة الحد الأدنى للأجور
كشف جبران عن أن الوزارة بدأت بالفعل التنسيق مع وزيرة التخطيط لمناقشة الحد الأدنى للأجور ووضع رؤية جديدة للمرحلة القادمة، وقال: "فى القريب العاجل، سنبدأ النقاش مع وزيرة التخطيط حول الحد الأدنى من الأجور، وسنضع رؤيتنا للمرحلة القادمة بما يضمن حياة كريمة للعامل".
استهداف خاص للفئات الأكثر احتياجا
أكد الوزير أن حملات التفتيش تركز بشكل خاص على الفئات الأكثر تضررا، وعلى رأسها عمال الأمن، وقال: "توجهنا إلى جميع شركات الأمن الموجودة، وبفضل الله تمكنا من انتزاع حقوق العمال، كما توجهت شخصيا فى حملة تفتيش إلى مجمع البنوك فى التجمع الخامس، واستهدفنا تحديدا عمال الأمن، لأنهم الفئة الأكثر عرضة للاستغلال، حيث يعملون ساعات إضافية دون احتساب أجر العمل الإضافي".
وكشف جبران، عن أن الوزارة بدأت التنسيق مع اتحادات المستثمرين والغرف السياحية لضمان تطبيق القانون بشكل تعاونى، وقال: "اجتمعنا مع جمعية المستثمرين فى العاشر من رمضان، واتفقنا على التعاون فى ضمان تطبيق الحد الأدنى وتنظيم العقود، كما توجهنا إلى مدينة شق الثعبان وتحدثنا مع المستثمرين هناك، وتواصلنا أيضا مع اتحاد الغرف السياحية".