دائما ما نؤكد أن مجلس النواب المقبل، ومعه مجلس الشيوخ، هما الأهم خلال المرحلة القادمة من أجل المستقبل، فقد كان مجلس النواب 2015، فى مرحلة صعبة ومواجهة إرهاب وتحديات وحروب من جهات وأطراف عديدة وتدخلات وتقاطعات صعبة، ما جعلها مرحلة استثنائية، ثم جاء مجلس 2020، الذى قضينا معه عامين مع كورونا، وتلتها حرب روسيا وأوكرانيا والأزمة الاقتصادية العالمية التى ألقت بظلالها علينا وكل دول العالم، من تضخم وارتفاعات أسعار، وإجراءات صعبة، وخلال السنوات العشر، كانت الدولة تسير باتجاهات متنوعة، تبنى وتواجه التحديات، وخلال هذه المرحلة كان الشعب المصرى هو بطل الحكاية بالفعل، تحمل الكثير من الصعوبات، وهو أمر كثيرا ما ذكره الرئيس السيسى، وهو يوجه الحكومة والمؤسسات إلى إجراءات تخفيفية يمكنها تقليل آثار الضغوط على المواطنين.
وكان لهذه المراحل الاستثنائية ظروف فرضتها التحديات، وكانت هناك وجهات نظر أن تجتمع الجهود لدفع الدولة وبناء المؤسسات، مع بعض التساهل فيما يتعلق بالمساءلة أو المنافسة، لكن مع البرلمان المقبل نظن أن الأمر بالفعل يتطلب وجود ممثلين للناس يمكنهم التعامل بمسؤولية، وتوازن وعدالة مع القضايا، وكيفية محاسبة الحكومة أو ضبط الموازنات، أو الاتجاه إلى إنهاء تشريعات تأخرت على مدى السنوات الماضية لظروف نعرفها، وربما على رأسها قانون المجالس الشعبية المحلية الذى يعتبر إحدى أهم الخطوات اللازمة لاستكمال المؤسسات الدستورية، والواقع أن التأخر لم يكن فقط فى التشريع بقدر ما كان لوجود بعض النقاط فى الدستور تصنع تقاطعات وتشابكات تحتاج إلى حل، وهذا هو دور مجلس النواب أن يعقد جلسات استماع يمكنه الخروج بتصور، بل إن الحوار الوطنى وضع الكثير من النقاط فيما يتعلق بالمجالس الشعبية المحلية، بل وأيضا بالنظام الانتخابى، لو كانت الحكومة والبرلمان قرآها ربما تلافينا الكثير من التفاصيل التى ظهرت فى الانتخابات الحالية.
فقد تضمنت توصيات الحوار الوطنى مقترحات تتيح إجراء الانتخابات من خلال منافسة وتكافؤ الفرص بين المرشحين وتضع سقفا للإنفاق والتدخل، وتبعد النفوذ والحصانات، منافسة تضمن حماية إرادة الناخبين، لاختيار الأصلح والأكفأ والأقدر على التواجد ضمن مجلس نيابى ينتظر منه الكثير.
وقد تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن «الجمهورية الجديدة» التى تستحق مجلس نواب على قدر المسؤولية، والتحديات، وأيضا أحزاب وحياة سياسية صحية، تخرجها من الحضانات، لتملأ مكانها، وتكون قادرة على تحمل جزء من المسؤولية، يمنع الفراغ ويتناسب مع وعى الشعب الذى أثبت بالفعل أنه سابق للكثير من النخب، وينتظر مجالس وحكومة بقدر وعيه، نواب وبرلمانات يمكنها مناقشة الملفات المهمة مثل الصحة والإسكان والتعليم والخدمات، والطرق والحياة اليومية، وثمار الإصلاح الاقتصادى، والتوجهات الاقتصادية الأفضل للمراحل المقبلة.
لقد كان تدخل الرئيس، ثم قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بعد تدخل الرئيس، ثم حكم الإدارية العليا أصلحت بعض الثغرات، وظهرت النتائج كاشفة عن فروق ضخمة قبل وبعد الإبطال، وفاز معارضون ومستقلون على مرشحين أثرياء أفرطوا فى الإنفاق، وقد حذر الرئيس من تسرب فاسدين أو فاشلين.
المهم أنه فى حال اكتمال مراحل الانتخابات وانعقاد مجلس النواب، أن تكون هناك نظرة على توصيات الحوار الوطنى، والتوصل إلى نظام انتخابى يناسب الواقع والمجتمع المصرى، سواء إعادة النظر فى ترتيبات القوائم، أو خلط القوائم النسبية بالفردى، أو نظام فردى مطعم بقوائم حتى يأتى معبرا بالفعل عن الناخبين، مع وضع قواعد صارمة للإنفاق والدعاية، بتوظيف التكنولوجيا والكاميرات بالشوارع، والداخلية تجيد هذا بشكل كبير، يمكن توظيف هذه الخبرات فى ضبط ومتابعة الانتخابات بحيث يراقبها الجمهور والشعب.
الديمقراطية فى دولة مدنية حديثة، وسيلة تقوم بالتفصيل وليست نقلا أو شتلا، بل هى أساسها المنافسة وتكافؤ الفرص والعدالة، والمحاسبة والمساءلة.
