وليد نجا

حروب الشائعات ضمن خصخصة الحروب وتجارة الدم

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 12:37 م


الحروب التقليدية لم تعد ذات جدوى مع تطور الأسلحة وظهور تكنولوجيا المعلومات، ومع زيادة الخسائر البشرية فى حرب احتلال العراق تم اللجوء إلى نمط جديد من الحروب ضمن خصخصة الحروب وتجارة الدم، بحيث تتم صناعة ميليشيات يتم تدريبها وتمويلها لمحاربة الجيوش الوطنية بطرق غير نمطية وتحت شعارات براقة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والهدف الأساسى تحييد القوة الصلبة "القوات المسلحة" وتفتيت الجبهة الداخلية فتنهار الدول بدون حروب تقليدية.

 

ومن هنا اكتملت فكرة حروب الأجيال "حروب القيم والروابط المجتمعية" وتمت دراسة الجبهات الداخلية للمجتمعات المستهدفة عبر العلماء والمتخصصين فى كافة العلوم، وتم استبدال الصاروخ والدبابة بالكلمة والشائعة عبر السوشيال ميديا بحيث تفرق الشائعة بين الأخ وأخيه عبر التطويع والإرغام "حروب الإرهاب" عبر ميليشيات تم تدريبها على أجندات تتعارض مع وحدة المجتمع المستهدف، ورأس الحربة فى تلك النوعية الشيطانية من الحروب الشائعات، وتتم صناعتها لتحقيق أهداف الحرب النفسية والعمليات النفسية عبر خبراء ومتخصصين بحيث تكون صناعة الشائعات عبر عملية علمية دقيقة يتم عبرها تحديد نوع الشائعة "اقتصادية، سياسية، ثقافية،... الخ" وتحديد المستهدف منها والوقت الملائم لسرعة انتشارها لتدمير معنويات القوى الصلبة للدول وتفكيك اللحمة المجتمعية للشعوب، وإشعال الحروب الأهلية إن أمكن.

فعلى مر التاريخ لا تعتبر الهزيمة العسكرية نهاية المطاف للدول صاحبة الحضارة والتاريخ فتقوم بإعادة بناء قوتها، ومقاومة المحتل حتى النصر؛ لكن تلك النوعية من الحروب تستهدف الشعوب بالهزائم النفسية التى تفقدها ثقتها فى نفسها وفى حكومتها، وتشعرها بالإحباط والاكتئاب واليأس، وتفقدها الحلم، والقدرة على تحقيق الإنجازات الحضارية، مما يجعل نهضتها ووحدة أراضيها فى المستقبل القريب من دروب المستحيل وذلك هو المستهدف.

وتعتبر الشائعات من أهم الأسلحة التى يتم استخدامها فى حروب القيم والروابط المجتمعية عبر مواصفات تقنية بحيث تكون موضوعاتها من السهولة بحيث يتذكرها الجمهور ويقوم بترويجها دون إدراك دوافعها الحقيقية عن طريق الاتصال الشخصي، ومن أهم بنود صناعة الشائعة لابد أن تكون بسيطة ومفرداتها من كلمات متداولة ومحددة، وبسيطة التفاصيل بحيث تحقق أمنيات أبناء المجتمع المستهدف وتراعى ظروفه الاقتصادية والنفسية وتعمل على إثارتها، مع حتمية مراعاة السوابق التاريخية لانتشار الشائعات بحيث لا تكون مجهولة المصدر ويتم تداولها على لسان مصدر موثوق به على غير الحقيقة شريطة عدم المبالغة فى صياغة الشائعة لضمان تصديقها وسرعة انتشارها.

وهنا تساؤل: ما هو الرابط بين الشائعات وتطور تكنولوجيا الاتصال؟

يجب أن نعلم جميعًا أنه قبل ظهور الفضاء الإلكترونى كانت الشائعات مرتبطة بالمكان والزمن وكانت تأخذ فترات طويلة للانتشار من داخل الحى الواحد وكانت تندثر بسرعة لعدم التداول، وبعد ظهور عالم الفضاء الإلكترونى يتم تمرير الشائعات داخل محتوى إعلامى يتضمن جزءًا من الحقيقة فى صورة ترند تتهافت عليه بعض المواقع الموجهة لزيادة نسب المشاهدات مع مراعاة قابلية الشائعة للتصديق، وقد وفر عالم الفضاء الإلكترونى مجالًا واسعًا لنشر الشائعات فى عدة دول فى وقت واحد بحيث تحقق شعورًا بالعجز والفشل لدى أبناء الدول المستهدفة ويُرسخ مضمونها لعدم قدرة الحكومات الوطنية على تحقيق إنجازات فى عالم الاقتصاد أو السياسة أو العلم، وتكثر فى منطقتنا الشائعات حيث تمر بعض دول المنطقة بفترة عدم اليقين بعد تفتيت وسقوط أنظمة ودول وطغيان العدوان الإسرائيلى على فلسطين وسوريا ولبنان واليمن وإيران.

وتزيد الشائعات المخلقة عبر مراكز الأبحاث التابعة لأجهزة مخابرات معادية أو صديقة من حالة الغموض والاضطراب بين شعوب المنطقة وتؤدى إلى تفكيك ترابطها المجتمعى وتؤدى إلى إثارة الحروب الأهلية بين مواطنيها؛ فالشائعات سلاح يحمل الكثير من المخاطر، التى تؤدى إلى إشعال نيران حرب حقيقية، فتطور قدرات خبراء الحرب النفسية يمكن أن يسهم فى انهيار النظم المستقرة، فعندما تنطفئ شعلة الأمل فى الحاضر والمستقبل تقوم الشعوب بالثورة لحماية وجودها.

مع حتمية مراعاة أن ما بين الدول المستهدفة من يمتلك أسلحة غير تقليدية عندما تشعر حكومتها بتهديد وجودى يمكن أن يدفعها ذلك لاستخدام تلك الأسلحة؛ ومنذ ظهور تلك الأنماط من الحروب وتعتبر الشائعات هى رأس الحربة، وقد شاهدنا جميعًا كم الشائعات التى استهدفت الدولة المصرية منذ أحداث ٢٥ يناير وحتى الآن، وقد تنوعت فى شتى المجالات ومن بينها شائعات سياسية واقتصادية ودينية... إلخ.

والهدف الرئيسى للشائعات فى هذا التوقيت بالنسبة لمصر استهداف حالة الاستقرار الأمنى والاقتصادى والرشد السياسى والازدهار السياحى بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير وبعد إنجاز الكثير من المشروعات وبداية ظهور بشائر النجاح والاستقرار على الاقتصاد الوطني.

واستغلال البعض لزيادة مساحة الحرية الإعلامية وظهور الرأى والرأى الآخر عبر وسائل الإعلام الوطنية، فالدولة المصرية ترحب بالنقد البناء الهادف وتتعامل مع نبض المواطنين، ويعقد السيد رئيس الوزراء مؤتمرًا أسبوعيًا لتوعية الرأى العام وطرح جميع الموضوعات على الرأى العام، وكل وزارة بها متحدث إعلامى يسارع لتوضيح أى فاعلية تهم المواطن، ومن كثرة الشائعات التى تستهدف الدولة المصرية تم إنشاء هيئة خاصة برصد الشائعات والتعامل معها بسرعة وعلم وشفافية، وقد صرح السيد رئيس الوزراء بتصريح يخص موضوعات الشائعات التى تستهدف الاقتصاد المصري، ومن ضمن تصريحات سيادته أن الدولة ترحب بأى نقد موجه للأداء الحكومى وتناقش الحكومة الانتقادات الموجهة للحكومة وتتفاعل معها.

وهناك محاولات دؤوبة من جهات تتعارض مصالحها مع مصالح مصر الوطنية وتعمل لزعزعة الثقة فى الاقتصاد الوطنى وتحدث بلبلة فى المجتمع عبر الشائعات، وقد أقر سيادته بأن الحكومة ستقوم باتخاذ إجراءات رادعة حيال من يتعمد اختلاق وقائع كاذبة أو نشر أخبار مغلوطة تستهدف النيل من الاقتصاد الوطني، وقد فعلت الحكومة عمل جهات رصد الشائعات والأخبار الكاذبة على مختلف المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وسوف تواجه الحكومة تلك المخالفات عبر تغليظ العقوبات عبر القانون ضد كل من يتعمد الإساءة للمجتمع والإضرار بالاقتصاد الوطنى عبر نشر أكاذيب واختلاق وقائع مفبركة.

وفى الختام ليكن راسخًا فى أذهان الجميع أن مصر هى قلب الخرشوفة الصلب فالقوى التى تتعارض مصالحها مع المصالح العربية لابد أن تستهدف مصر أولًا فمصر هى الحصن الحصين لجميع الدول العربية وبسقوط مصر لا قدر الله تعالى يسقط العالم العربي.

ومنذ ظهور عالم الفضاء الإلكترونى فى العالم وبالأخص فى منطقة الشرق الأوسط ونجد أن الشائعات زادت وتشعبت بصورة عنكبوتية نتيجة سهولة صناعتها وسهولة تأليفها ونشرها عبر عالم السوشيال ميديا بسهولة ويسر خاصة وخوادم تلك المواقع فى دول تختلف مصالحها مع مصالح منطقتنا العربية، ورغم إيجابيات عالم الفضاء الإلكترونى المتعددة إلا أنه عالم بلا ضوابط ولا قوانين يستخدم لدعم دول وأنظمة من قبل أجهزة ومنظمات إقليمية ودولية.

وفى توقيت متزامن يستخدم لتفتيت المجتمعات التى تتعارض مع مصالحهم عبر الفوضى والإرهاب والأزمات، ذلك النوع المستحدث من الحروب عبر ميليشيات يتم دعمها وتجنيدها لتنفيذ أجندات مخابراتية ضمن خصخصة الحروب وتجارة الدم.

حفظ الله تعالى مصر وثبت قيادتها السياسية على الحق فى زمن الفتن.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة