عصام محمد عبد القادر

التربية القيمية عبر البوابة الأسرية

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 07:00 ص


نتفق على أن القيم تُعد بمثابة الموجهات، التي نرتكز عليها في تعاملاتنا بكافة مجالاتها؛ ومن ثم يفقه الإنسان معتقده، ويدرك تفاصيل محيطه وما يجب أن يقوم به نحوه، ويتفاعل مع الآخرين في خضم ما تعنيه الفضائل والشمائل، وعلى أثر ذلك نعي فلسفة التربية على مشرب القيم؛ حيث التنشئة المعززة لصور الممارسات المعتادة، والمتشبعة بالعدالة، والمساواة، والكرم، والتقدير، والاحترام، والمصداقية، والأمانة، والشرف، والتعايش السلمي، والتعاون، والتكافل، والمثابرة، والصبر الجميل؛ من أجل بلوغ الغاية، وإتقان العمل، وغير ذلك مما يساهم في بناء إنسان، ويشكل لبنة النهضة والتقدم والرقي، في بنيان وطنه الصغير والكبير.


التربية القيمية داخل سياج الأسرة، تعني بشكل صريح العمل المتواصل؛ من أجل تعزيز السلوك القويم قولًا وفعلًا، وهنا ندرك أن الترجمة مؤشر شرطي للتطبيع على الاتصاف القيمي؛ فما تحمله المشاعر، وما تكنه الوجدانيات، نرصدها في أعمال، وممارسات، وأداءات؛ ومن ثم نوقن أن القيمة نابضة بالحياة، وليست كلمات نتغنى بها، أو معان ننعم بنغمها، وهنا يأتي دور الأنموذج الحسن، أو ما تعرف بالقدوة المولدة للمشاعر الإيجابية، والمعضدة للسلوك الصحيح، في إطار ما يتعرض له الأبناء من مواقف أو قضايا؛ حينئذ نضمن صورة الثبات على ترجمات ما تعنية الفضائل المكتسبة.


الأسرة الواعية بأمور التربية القويمة، تدرك جليًا أهمية غرس منظومة القيم منذ المهد، لدى فلذات أكبادها، عبر الممارسات المقصودة، والمواقف الطبيعية، والنشاط الحيوي اللحظي، وتتفهم أيضًا أن القيم النبيلة، أدوات فاعلة، تستهدف تنشيط الضمير؛ ليصبح يقظًا؛ فلا يتحمل النشء الظلم، أو الجور، أو العدوان، أو الإضرار، وهنا تبنى ملامح الكرامة الداعمة لجاهزية تحقيق العدالة، كما تعزز لدى الفرد الانتماء والولاء للوطن، الذي يدافع عنه بكل ما أوتي من قوة، ويثأر ممن يعتدي على مقدراته، وهذا ينقلنا إلى مربع مهم، يتمثل في الشعور بمعنى الحرية المستندة على تحمل المسؤولية، وعشق المسار الديمقراطي القائم على وعي رشيد، بماهية الحقوق والواجبات وأصول بناء الأوطان، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة.


أعتقد أن السلاح الآمن الذي تواجه به الأسرة عواصف الفضاء المفتوح وسلبياته اللامتناهية، ومخاطره المتجددة، يتمثل في التربية القيمية المعززة لسياج الحماية، والمكملة لأطر الجوانب التربوية الأخرى؛ ومن ثم نضمن التكامل في بناء إنسان يمتلك الحصانة الفكرية، ويتعاطى المدّ المعلوماتي بفقه النقد، والتحليل، والاستنتاج، والمحاجة المستندة إلى الدليل والشاهد والبرهان، وهنا يجب أن ندرك المنظومة القيمية، التي تعد عمود الاستقرار الأسري والمجتمع على حد سواء، وأنها بوابة تمنح الأبناء فرص الريادة، من خلال نهل خبرات تتضمن معارف ومهارات، تولد الابتكار وتحقق التنافسية؛ ومن ثم نضمن جيل يمتلك أدوات البناء، ومقومات النهضة، وطرائق الرقي والازدهار.


الأسرة النابغة، تعزز لدى الأبناء ماهية الكرامة الإنسانية؛ حيث تبدأ باحترام وتقدير الآخرين، وتمر بتقدير الذات، والتعفف، وتجنب الطلب عند مقدرة الأداء، والحرص على التعاون، والتشارك حينما يطلب ذلك، ويقف على باب الحقوق والواجبات، والمهام المكلف بها الفرد، سواءً داخل الإطار الأسري، أو خارجه، تحت رعاية الكبار، وهذا بالطبع لا ينفصل عن تقدير المسؤولية المعززة في صفاء وجدانيات فلذات الأكباد؛ حيث الحرص على أداء الواجب، والسعي في طرق تحقيق الغاية، وبالطبع لا يفارق ذلك؛ لكنه تفهم مغزى الإخلاص، والوفاء بالوعود، والعهود والمواثيق، التي يقطعها الإنسان على نفسه.


المودة والرحمة من الدعائم الحافظة لكيان الأسرة، ومن القيم التي ينبغي أن تعمل على تعزيزها في أذهان الأبناء؛ فترصد المشاهد الدالة على قوة الرباط بين الجميع، وعلى ملامح المحبة المنزرعة في القلوب؛ حيث تتوافر البيئة المواتية لإيجاد شخصيات، تمتلك النفسية المتزنة والمستقرة؛ فنرى نموًا صحيًا، وعاطفيًا، واجتماعيًا لجيل تلو آخر؛ ومن ثم نطمئن على الأسرة وغرسها الثمين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة