في صدمة لعشاق القهوة، سجلت الأسواق العالمية ارتفاعًا قياسيًا في أسعار البن خلال الأيام الأخيرة، مع توقعات باستمرار التصاعد خلال الأسابيع القادمة، تراجع الإنتاج في البرازيل و كولومبيا، نتيجة الجفاف والأمطار المفاجئة، جعل قهوة الصباح تحولت إلى سلعة ثمينة.
وحذر المحللون إذا استمر الوضع على ما هو عليه، قد نواجه أزمة عالمية في مشروبات القهوة خلال الثلاث سنوات المقبلة، مع تأثير مباشر على المقاهي والمستهلكين في أوروبا وأمريكا.
البرازيل وكولومبيا تواجه تحديات مناخية
وشهدت البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، انخفاضًا بحوالي 10% في المحصول بسبب موجات الجفاف المتكررة، بينما كولومبيا تعاني من هطولات أمطار غير منتظمة وأمراض فطرية أدت إلى تلف جزء كبير من الحبوب.
الخبراء يؤكدون أن أي اضطراب في الحرارة والرطوبة يؤثر على جودة الحبوب ويزيد العيوب، ما يرفع الأسعار ويقلل العرض العالمي من البن العربيكا.
تحذيرات من أزمة عالمية
ويحذر الزراعيون والتجاريون من تأثير هذا الانخفاض على الأسعار العالمية، موضحين أن المستهلكين قد يشهدون ارتفاعًا كبيرًا في تكلفة المشروبات اليومية. المنظمات الدولية دعت إلى دعم المزارعين، تطوير أصناف مقاومة للجفاف، واستثمارات في أنظمة ري حديثة.
استراتيجيات التخفيف
الشركات الكبرى في البرازيل بدأت الاستثمار في تقنيات الزراعة الدقيقة وأنظمة الري المتقدمة، بينما تقدم الحكومة الكولومبية الدعم المالي والتأمين للمزارعين الصغار. على المستوى الدولي، الاتحاد العالمي للقهوة يشدد على تنويع مصادر الإنتاج لضمان الاستدامة.
إغلاق 200 شركة ومحمصة فى اسبانيا بسبب ارتفاع الأسعار
تعانى إسبانيا من تداعيات ارتفاع غير مسبوق فى أسعار البن الخام عالميا، حيث تسببت الأزمة فى إغلاق أكثر من 200 شركة ومحمصة قهوة فى جزيرة مايوركا وحدها.
وأوضح توني فالكانيراس، رئيس اتحاد محمصي القهوة في جزر البليار، أن الطلب العالمي تجاوز العرض بشكل واضح، والمنتجون هم من يحددون الأسعار الآن.
بعد تراجع طفيف في يوليو الماضي، عادت الأسعار للارتفاع بوتيرة سريعة، ما تسبب في أزمة خانقة داخل إسبانيا، وخصوصًا في قطاع المقاهي الذي يشهد زيادة في تكاليف الشراء دون ارتفاع موازٍ في الأسعار النهائية للمستهلكين، ونتيجة لذلك، اضطر العديد من أصحاب المقاهي والمحمصات الصغيرة إلى الإغلاق أو تقليص النشاط لتفادي الإفلاس.
ويضيف فالكانيراس أن تأثير الأزمة لا يقتصر على التجار فقط، بل بدأ المستهلكون في ملاحظة ارتفاع طفيف في أسعار المشروبات داخل المقاهي، رغم محاولات أصحابها امتصاص الخسائر دون تمرير التكلفة بالكامل.
ويؤكد الخبراء أن القهوة، ثاني سلعة متداولة في العالم بعد النفط، تواجه مستقبلًا غامضًا إذا استمرت موجات الجفاف وتذبذب الإنتاجفي البلدان المنتجة. وبينما تسعى بعض الشركات الأوروبية لتخزين كميات إضافية من البن على أمل استقرار الأسعار قريبًا، يرى آخرون أن الأزمة مرشحة للتفاقم في الأشهر المقبلة، خصوصًا مع توقعات بانخفاض الإنتاج البرازيلي مجددًا.
دول أوروبية آخرى تعانى
وتعتبر إسبانيا ليست الوحيدة فى أوروبا ، حيث أنه بحسب تقرير حديث، محمصو القهوة في النمسا اشتكوا من «صدمة أسعار البن»، وأكدوا أن ارتفاع أسعار الحبوب الخام صار يمثل «صداع كبير» في رأسهم.
ودول أوروبية عديدة (مثل السويد، فنلندا، دول في الاتحاد الأوروبي)، تقرير حديث يبيّن أن أسعار القهوة والشاي والكاكاو ارتفعت في 2025 بشكل لافت في دول مثل السويد وفنلندا وبلغاريا، ما يعني أن أزمة البن ليست فقط في إسبانيا بل تأثرت بها أسواق أوروبية عدة.
حلول مقترحة
مع استمرار موجات الحرارة والجفاف في أكبر الدول المنتجة للقهوة، يعاني عشاق البن حول العالم من صدمة حقيقية في الأسعار، ولمواجهة الأزمة، يرشح الخبراء عدة بدائل ذكية: البن المستدام والمحاصيل المقاومة للجفاف، مشروبات الشعير والجوز أو البقوليات التي تحاكي طعم القهوة، إضافة لتوسيع الإنتاج في دول أفريقية وآسيوية جديدة لتخفيف الضغط على البرازيل وكولومبيا. كما ينصح البعض باستخدام تقنيات الزراعة الحديثة والري الذكي للحفاظ على جودة المحصول.
والقطاع بحاجة عاجلة إلى استراتيجيات طويلة المدى لضمان استقرار الإنتاج والأسعار، مع التوعية بأهمية حماية المزارع الصغيرة والحفاظ على البيئة. الخبراء يحذرون: إذا استمر تجاهل تأثير المناخ على القهوة، فقد نواجه أزمة عالمية للبن لا تعرفها الأسواق من قبل.