التعليم بداية لأى إصلاح، من خلال توفير البئية التعليمية والارتقاء بأطراف المنظومة، وحل كافة مشكلاتها، وفى ذات الوقت مُهم أن لا نتجاهل بعض الثقافات السائدة بالمجتمع، منها أن هناك ثقافة سائدة ترى أنه مهما كانت الظروف أو التحديات، فعلى الدولة أن توفر لكل طالب كتاباً مدرسياً ومعلماً مؤهلاً ومدرسة قريبة من بيته وملعباً رياضياً ووجبة مدرسية، وهذا حق، لكن المهم أيضا أن لا نغفل دور الدولة في الخطوات، والجهود التي يتم اتخاذها على كل الأصعدة، منذ 2014، ونموذجا، التوسع الكبير في منظومة التعليم التكنولوجي في مصر فعدد المدارس التكنولوجية التطبيقية سيصل إلى 89 مدرسة بنهاية العام الجاري، وكذلك قرارات وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، الرادعة، لضبط المنظومة التعليمية بعد عدة وقائع لا ينبغى أن تحدث على الإطلاق فى مدارسنا، فضلا عن نتائج جهوده فيما يخص عودة الطلاب إلى المدارس، وقطع خطوات جيدة فى سد عجز المعلمين، والتى تؤكد أن لديه جرأة القرار والتحرك برؤية، لكن رغم هذه الجهود لا زالت هناك بعض الإشكاليات التي تحتاج إلى مسئولية وطنية من الجميع، - ليس فقط الوزير - بشأن عدة ظواهر منها الدروس الخصوصية، وعدم الانضباط المدرسى، وكذلك الكتاب الخارجي.
وهنا يجب الانتباه إلى خطورة الدروس الخصوصية على وجه الخصوص وسيطرة التعليم الخاص دون ضوابط، لأن الخطورة الحقيقية، أن يصل المعلم أن يمد يده إلى تلميذه، يتقاضي منه راتباً مثل راتب الحكومة، وربما أضعافه، مقابل درس خصوصي ، وأن تصبح السناتر تعليماً موازياً، وأن يصبح الغش حقاً مكتسباً لبعض الفئات والطبقات.
لذلك، فإن - اعتقادى - أن البداية تكون بالرقابة والمساءلة، وبأهمية المناهج والمقررات الدراسية، بأن نزرع فيها كل ما يعمق الوطنية والانتماء والتدين الوسطي والقيم.
وهنا دعوتى، أن يكن التعليم مشروع مصر القومي، فبناء الإنسان لا يُحسب بمنطق السوق والبزنس، لأن أخطر ما يمر به الوطن اليوم هو السيطرة على العقول والغزو الثقافي في ظل حروب الجيل الرابع والخامس، خاصة أنه من المعروف أن أي فئة بعيدا عن الدولة لاتعنيها العملية التعليمية ولا تربية النشأ ولا ترسيخ الانتماء والوطنية وزرع القِيّم والأخلاق في نفوس التلاميذ، بقدر حرصها علي المكسب المادي والتربح، والذي يدفعهم إلى المُغالاة في فرض رسوم خيالية بعشرات ومئات الآلاف من الجنيهات، على الأقل أن يكون هذا في مرحلة ما قبل الجامعة، حتى لا نظل ندور في حلقة مُفرغة، لابداية لها ولا نهاية، ويزداد الأمر تعقيداً.
وأخيرا نستطيع القول.. لا يجب على الإطلاق قصر إصلاح التعليم على إصلاح عنصر واحد فقط ، وهو القضاء على الكثافة بالفصول ولا المحاربة التقليدية للدروس الخصوصية، وإنما هناك عدة عناصر أخرى يجب أن لا نغفلها أثناء التطوير، فالمهمة صعبة وإذا لم يتعاون الجميع، ويتحول الاصلاح إلى هدف لكل مواطن ومسئول لن يتحقق أى شئ.. حفظ الله مصر وشعبه..