<< عمة الطفلة: تتمنى أن تتحرك لحالها دون أن يساعدها أحد
<< ديما بقيت وحدها تواجه الوجع بابتسامة ملاك
<< مدير مستشفى غزة الأوروبي: الوضع الصحى في القطاع صعب للغاية بعد الحرب
<< الصحة العالمية: غزة بحاجة لمزيد من الدول التي تستقبل مرضى القطاع
<< متحدث الأونروا: انطلاق التعليم داخل غزة بإشراف 8,000 معلم تابعين للوكالة
<< عمة الطفلة: أصعب وقت بحياتي عندما سألتنى الطفلة " وين أمي وأخواتي؟"
من بين ركام المنازل في أحد أحياء جنوب غزة، خرجت الطفلة ديما أمين أبو شكيان بعد ثماني ساعات من البحث المتواصل تحت الأنقاض، في 23 أكتوبر 2023، بعدما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة والدتها.
اقرأ أيضا:
الأردن وإيطاليا يبحثان تعزيز التعاون لتقديم الدعم الإنساني إلى قطاع غزة
الناجية الوحيدة
الطفلة التى كانت الناجية الوحيدة من أسرتها بعد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزل أسرة والدتها، خرجت بإصابات بالغة من تحت الأنقاض طالت رأسها، جعلتها لا تستطيع المشي، وأصبحت قدماها مهددتان بالبتر، بينما فقدت في تلك الحرب والدتها وأخواتها الأربعة، لتحتضنها عمتها في خيمتها، وبقيت ديما وحدها تواجه الوجع بابتسامة ملاك، رغم حجم المتاعب التي تعيشها بشكل يومى، وعجز الأطباء عن علاجها نتيجة نقص الإمكانيات.

الطفلة ديما أبو شكيان بعد إصابتها
ضحايا الحرب
وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومى بغزة الصادر في 5 أكتوبر، فإن 733 يوما من الحرب على القطاع خلفت 76,639 شهيدا ومفقودا، منهم 67,139 شهداء وصلوا إلى المستشفيات ، و 9,500 مفقود، منهم شهداء مازالوا تحت الأنقاض، أو مصيرهم مازال مجهولا، وأكثر من 20 ألف طفل شهيد وصل منهم للمستشفيات أكثر من 19450، وأكثر من 12500 شهيدة وصل منهن للمستشفيات 10160 بينهم 9 آلاف أم، بينما وصل عدد الآباء الشهداء إلى 22,426.
كما خلفت الحرب 1,015 طفلا استشهدوا وكانت أعمارهم أقل من عام واحد، وأكثر من 450 طفلا رضيعا وُلِدوا واستشهدوا خلال الحرب، و 1,670 شهيدا من الطواقم الطبية، و 140 من الدفاع المدني، و255 من الصحفيين، و من موظفي البلديات في القطاع بينهم 4 رؤساء بلديات، وأكثر من 787 شهيداً من شرطة وعناصر تأمين المساعدات، و894 من الحركة الرياضية من جميع الألعاب الرياضية.
وتسبب العدوان في تعرض أكثر من 39,022 أسرة للمجازر، بينهم أكثر من 2,700 أسرة أُبيدت ومُسحت من السجل المدني بعدد 8,574 شهيدا، وأكثر من 6,020 أسرة أُبيدت ومُتبقي منها ناجي وحيد بعدد 12,917 شهيدا، وأكثر من 55% من الشهداء هم من الأطفال والنساء والمسنين.
انهيار المنزل على أهل الطفلة
وتكشف العمة في تصريحات لـ"اليوم السابع"، بصوتٍ يختلط فيه الحنين بالألم: "الاستهداف كان في 23 أكتوبر، انهدم البيت على أهل أم ديما بالكامل، واستشهدت أمها وأخواتها الأربعة، وبعد ثمان ساعات من الحفر والبحث خرجت ديما من تحت الركام، كانت بين الحياة والموت."
صرخات المصابين في غزة
إصابات بالغة
"أصيبت ديما بإصاباتٍ بالغة؛ قطع في أعصاب الرجلين والأوتار، إصابة خطيرة في الرأس، حروق في الجسد، وكسر في الحوض"، هكذا تكشف العمة الحالة الصحية لابنة شقيقها، ورغم أن والدها نجا في البداية وعاش معي مع ابنته، إلا أن رحلة العلاج للطفلة كانت طويلة وشاقة.
وتتابع : "ديما دخلت في غيبوبة ثلاث أو أربع شهور، وتألمت كثيرا.. والله كانت أيام صعبة، وأنا وأبوها كنا معها خطوة بخطوة، وبعدها عاشت عندي عدما بدأت تتعافى بعض الشيء، لكن كانت لا تستطيع المشي، ورأسها كانت بها مشكلة كبيرة."

ديما أبو شكيان وأخوتها
أوجاع المرضى
وبحسب بيان لمدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، صدر في 20 أكتوبر، فإن المستشفى جهزت كشوفات لخروج المرضى لكن استمرار التعنت الإسرائيلى زملاحقة جنود الاحتلال لهم يهدد يارتفاع عدد الشهداء، متابعا: "لدينا 2000 مريض بتر وأكثر من 5000 مصاب بالسرطان بحاجة للعلاج خارج غزة، وتسجيل وفيات بين مرضى الكلى والأمراض المزمنة نتيجة منع الاحتلال إدخال المعدات الطبية".

آلاف الجرحى والمصابين في غزة يبحثون عن العلاج
وأضاف "أبو سلمية": "لدينا أكثر من 3000 مريض فقدوا البصر وأكثر من 1000 فقدوا السمع ويحتاجون لتدخلات جراحية عاجلة، والاحتلال يواصل حرب الإبادة بحق المرضى من خلال منع إدخال المستلزمات الطبية.
انهيار المستشفيات
ويؤكد مدير عام مستشفى غزة الأوروبي، الدكتور يوسف العقاد، أن الوضع الصحي في القطاع صعب للغاية عقب الحرب، بسبب الاستهداف المتعمد لطائرات الاحتلال للمستشفيات، بجانب قتل واعتقال العديد من الأطقم الطبية، مشيرا في تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلى التي وصفها بـ"قتلة الأطفال" قتلة يستهدفون الجميع بلا استثناء.

الطفلة ديما أبوشكيان
استشهاد الأب
مصائب ديما لم تتوفق عند فقدان الأم والأشقاء، بل جاءت لها الفاجعة الأخرى باستشهاد والدها، فبعد عام كامل من المجزرة، وبينما بدأت ديما تستعيد وعيها تدريجيا، جاءها فقد جديد، حيث تضيف العمة بحزنٍ عميق: "أبوها استشهد في 8 أكتوبر 2024، وهو ما جعل الطفلة تعيش الوجع مرتين، فقدت أمها وأخواتها أولًا، وبعدها أبوها، صارت الناجية الوحيدة من العائلة كلها."
ورغم كل هذا الألم، تبقى ديما وهي الطالبة المتفوقة التي حصلت على المرتبة الأولى على مدرستها مثالًا للأمل الفلسطيني، فدائما كانت تقول إن حلمها بسيط، وهو ما تكشفه عمتها قائلة: "كل أملها إنها تمشي، إنها تتعافى، إنها تقوم وتذهب للحمام لحالها، تتحرك لحالها، ما تحتاج لأحد يساعدها."
انتظار السفر للعلاج
وتشير إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن هناك 169583 جريحا وصلوا المستشفيات خلال الحرب، بينهم أكثر من 19 ألف جريح بحاجة إلى تأهيل طويل الأمد، وأكثر من 4800 حالة بتر بينهم 18% أطفال، بجانب وجود أكثر من 22 ألف مريض بحاجة للعلاج في الخارج ويمنعهم الاحتلال من السفر، وأكثر من 5200 طفل يحتاجون إجلاء طبيا عاجلا لإنقاذ حياتهم، وأكثر من 17 ألف مريض أنهوا إجراءات التحويل وينتظرون السماح لهم بالسفر، و12500 مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج، و350000 مريض مزمن في خطر بسبب منع الاحتلال إدخال الأدوية، و3000 مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج.

المصابون في غزة
تحتاج ديما أبو شكيان للعلاج خارج القطاع كي تستطيع أن تسير على قدميها من جديد، إلا أن ـأخر سفرها يزيد من حالتها الصحية سوءا، وهذا حال معظم أطفال القطاع الذين يحتاجون إلى السفر للعلاج بالخارج، حيث أكد مدير قسم الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي أحمد الفرا، أن الأوضاع زادت سوءًا رغم دخول التهدئة حيز التنفيذ، موضحا أن 80٪ من التحاليل الطبية في مستشفى ناصر بخان يونس غير متوفرة.
وأضاف خلال بيان له صادر في 20 أكتوبر، أن كل أدوية الأمراض المزمنة غير متوفرة في غزة ما يؤدي إلى زيادة الشهداء من هؤلاء المرضى، وما زال القطاع الصحي يعاني بشدة رغم دخول التهدئة حيز التنفيذ.
وأكدت منظمة الصحة العالمية، أن غزة بحاجة لمزيد من الدول التي تستقبل مرضى القطاع، ويجب السماح بالإجلاء الطبي وإدخال المساعدات والإمدادات الطبية، موضحة خلال بيان صادر في 19 أكتوبر، أنه ما بين 80% إلى 90% من المستشفيات والمراكز الصحية تعرضت للدمار أو أضرار وإعادة بنائها تتطلب وقتا.

حسائر 733 يوما من الحرب الإسرائيلية على غزة
وبعدها بـ24 ساعة، أكد الهلال الأحمر الفلسطيني، أن سلطات الاحتلال تعيق عمليات الإجلاء الطبي من غزة من خلال مواصلة إغلاق المعابر، موضحة أن دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع محدود للغاية ولم تتمكن من استلام أي منها، و22 ألف شخص في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي منهم 3800 طفل على الأقل، بينما 42 ألف شخص يعانون من إصابات غيرت مجرى حياتهم، وآلاف الجثامين في غزة ما زالت تحت الأنقاض والمستشفيات تعمل جزئيا.
تفوق ديما
رغم حصول "ديما"، على المركز الأول ضمن الطالبات المتفوقات في مدرستها، إلا أن هذه الحرب منعت الطفلة من الدراسة على مدار عامين، ليضيع معها عامين دراسيين، وأصبح مستقبلها التعليمي مهدد بالخطر، بينما تحتاج ديما للعلاج أولا كي تستطيع أن تستكمل تعليمها.

ديما أبو شكيان بعد إصابتها خلال الحرب
انطلاق العام الدراسي
ويؤكد عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، أن العملية التعليمية الجديدة انطلقت بعد وقف إطلاق النار بمشاركة نحو 300,000 طفل في مختلف مناطق غزة، بإشراف 8,000 معلم ومعلمة تابعين للوكالة.
ويوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن العام الدراسي تم تقسيمه إلى فصلين دراسيين، يمتد كل منهما لمدة أربعة أشهر، مشيرًا إلى أن التعليم يتم في معظمه بنظام التعليم عن بعد، وذلك عبر منصة إلكترونية تم رفع كافة مناهج الأونروا عليها، بما يتيح وصولًا مرنًا وآمنًا للطلبة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة.
انطلاق العملية التعليمية في غزة
ويضيف أن نحو 10,500 طالب فقط يتلقون تعليمهم بشكل وجاهي في مراكز معينة، خاصة أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المستمرة لتوفير فرص تعليمية رغم التحديات الكبيرة، لافتا إلى أن العملية التعليمية الحالية لم تبدأ من الصفر، حيث نفذت الأونروا خلال العام الماضي أنشطة لا منهجية ودروسًا تعليمية في مراكز الإيواء، استفاد منها حوالي 60,000 طفل، إلى جانب استمرارية التعليم عن بعد لجميع الطلبة، وهو ما شكل أساسا لما يتم تنفيذه حاليا.
ويشير المتحدث باسم وكالة الأونروا، إلى وجود صعوبات كبيرة تعترض العمل، إلا أن الوكالة تأمل في توسيع التعليم الوجاهي خلال الفترة المقبلة، ليشمل مناطق إضافية مثل خان يونس، شمال قطاع غزة، ومدينة غزة، ضمن خطط تدريجية لتحسين الوصول الآمن للتعليم.
وين أمي وأخواتي؟
تستذكر عمتها لحظة مؤلمة حين بدأت ديما تستعيد وعيها وسألتها عن أمها وأخواتها:"قالت لي: يا عمتي وين أمي وأخواتي؟ الناس بيحكوا إنهم بالمستشفى أو بالجنوب، احكي لي الحقيقة، كان أصعب وقت بحياتي لما صارحتها إنهم استشهدوا، كانت صدمتها كبيرة، وعيطت كثير."

ضحايا غزة
اليوم، بعد ما يقرب من عامين على المأساة، تعيش ديما مع عمتها بلا بيتٍ ولا عائلة، لكنها تملك إصرارًا على الحياة أكبر من جراحها، حيث تقول العمة : "أنا بتمنى إنها تمشي وتتعالج وتعيش حياة أفضل، لأنها تستاهل كل الخير، والله ديما مثال للقوة، رغم كل اللي شافته، لسه عندها أمل."