أكرم القصاص

الإصلاح والحوار الوطنى.. مصالح المصريين بعيدا عن "متاهات" اللجان

السبت، 08 نوفمبر 2025 10:04 ص


تثبت التجارب أن الإصلاح الاقتصادى، يفترض أن يسير مع الإصلاح السياسى، ونظن أن الوحيد الذى انتبه إلى هذه المعادلة مبكرا هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، عندما دعا إلى حوار وطنى لا يستبعد أحدا، ويشمل كل الأطراف السياسية والحزبية والحقوقية، وهو الوحيد الذى استجاب للتوصيات العاجلة، ووجه بضرورة التعامل مع التوصيات التى خرجت من الحوار، برلمانيا وحكوميا، لكن الحكومة كالعادة «عقدت لجنة»، انبثقت منها لجنة، دخلت معها لجنة، تاهت فى مسارات التقاطعات، بالرغم من أن الحوار استمر عامين، منذ دعا إليه الرئيس السيسى فى أبريل 2022، وتضمن جلسات ومناقشات وتوصيات فى كل مجالات ومحاور العمل المطلوبة، وهذا الإصلاح ضرورى ليتناسب مع حجم ما تحقق على أرض الواقع من إنجازات فى البنية الأساسية والطرق والمتحف الجديد والعاصمة والمدن، حتى تكون هذه الإنجازات لصالح المصريين، ويشعروا بثمارها لهم ولأبنائهم مثلما يقول الرئيس السيسى دائما، والذى يشكر المصريين على تحملهم ووعيهم، وتقبلهم للتحديات والتعامل معها.


لكن هذا كله يتطلب بالفعل عقلا لا يكتفى بتحقيق قفزات فى الأسعار وتكدسات مالية من الريع والمضاربة والسمسرة العقارية، وتعاملا بعيدا عن محاولات الترقيع أو صحوة الطلعات التصويرية الاستعراضية لمسؤولين اعتادوا الغياب عن الابتكار، الأمر بالفعل يتطلب عقلا مختلفا وتفكيرا جماعيا يستمع للكثير مما تم طرحه طوال سنوات، خاصة الحوار الوطنى الذى تجاهلته الحكومة، وتخلت عنه بعد أن عقدت لجنة انبثقت عنها لجنة تواصلت معها لجنة من دون أن يظهر لها صاحب!


الحوار الوطنى استغرق عامين تقريبا بمبادرة وتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسى، وشمل وتناول الكثير من الموضوعات والمحاور، وأنتج توصيات اعتمادا على آراء ومناقشات اشترك فيها مؤيدون ومعارضون وحقوقيون، واستجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى للتوصيات، وكان هو الوحيد الذى استجاب بتفعيل لجنة العفو الرئاسى، ووجه الحكومة بالاستجابة ومتابعة التوصيات فيما يخص السلطة التنفيذية والبنية التشريعية والمجال العام، لكن الأمر توقف عند لجان أساسية وأخرى فرعية ومنبثقة وكفى الله الجميع شر الحوار.


إن من تابع الأمر بجدية، يكتشف أن الحوار تضمن الكثير من النقاط التى تتعلق بالمحاور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومنها المجلس الأعلى للتعليم أو التعديلات الخاصة بحرية تداول المعلومات وإصلاحات تشريعية مهمة كلها نتجت عن مشاركات واسعة واستغرقت وقتا وإنفاقا يفترض أن يكون محل احترام من الحكومة والمسؤولين، لكن الوحيد الذى اهتمّ واستجاب هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، بينما الحكومة «على قديمُه» تذكرت النشاط والجولات والتحركات قبل التغيير المزمع، بينما الأمر بحاجة إلى تغيير حقيقى يتناسب مع مرحلة مهمة من تاريخ مصر يفرض التفاعل مع الأفكار واستعمال أدوات تواصل مع الشارع، وقدرة على التفاعل معها بدلا من البقاء فى حالة فراغ من الصعب تركها.


ونشير إلى أن المتحف الكبير او العاصمة الإدارية والحوار الوطنى هى محددات يفترض أن تتفاعل لتنتج واقعا جديدا فى الإدارة والسياسة، وحتى الانتخابات التى يفترض أن تعبر عن طموحات الجمهورية الجديدة بالفعل، وأن تكون الحكومة والجهات التنفيذية فى ملفات الإسكان والصحة والتعليم على نفس موجة الرئيس السيسى، أكثر استيعابا وتفهما لمطالب الشارع، وأن يكون هناك توازن بين مطالب أغلبية من الطبقة الوسطى ومصالح عقارية أو رأسمالية تخلو من التصنيع وتركز على الريع العقارى أو الأرباح المجهولة.


كل هذا بحاجة إلى فكر يتفاعل مع مجتمع لديه نطالب لا يستجيب لها سوى الرئيس، لكنها تقف عند الحكومة وتتوه فى غياهب نقص الخيال، وما زلنا نعتقد أن نفس الأسباب التى دفعت الرئيس لطرح الحوار الوطنى لا تزال فأئمة، وهنا تساؤل عن الفارق بين الملفات التى يديرها الرئيس وبين ما تتسلمه الحكومة لتدخله فى متاهات البطء والتعقيد والجمود.


هناك ضرورة لخيال يتجاوز هذا الأداء البليد، إلى براح يستوعب طموحات الجمهورية الجديدة برؤية الرئيس السيسى، بعيدا عن التمثيل الخالى من الإبداع فى الكثير من وزارات منعزلة ومعزولة عن بعضها، وهناك فرص سانحة أنتجتها حالة المتحف المصرى الكبير، وقبلها العاصمة الإدارية، تحتاج إلى حكومة تتفهم رؤية الرئيس وتوجهاته ورسائله، التى اعتاد إرسالها إلى الداخل قبل الخارج.

 


 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب