أكرم القصاص

الخيال والجمهورية الجديدة.. عقل على مستوى «المتحف الكبير والعاصمة الإدارية»

الجمعة، 07 نوفمبر 2025 08:18 ص


سواء المتحف المصرى الكبير، أو العاصمة الإدارية، هى إنجازات مصرية حية، العاصمة الإدارية ومعها مدن من الجيل الرابع، تمثل إنجازا معماريا مهما، وخلال سنوات، كان الهدف منها - وفقا لكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى - تغيير شكل ومضمون الإدارة، بمعنى ومفهوم «الجمهورية الجديدة»، بمعنى العمران وليس فقط البناء، وليس أن تعقد الحكومة اجتماعاتها فى العاصمة الإدارية الجديدة، لكن أن تنتقل فكرة الجيل الرابع إلى عقل الحكومة والمسؤولين، لأنه لا يفترض أن تكون العاصمة والمدن من الجيل الرابع، والحكومة من الجيل الأول أو قبل الأرضى، وهو ما يستلزم تغييرا فى شكل ومضمون الإدارة بما يتناسب مع حجم ما تحقق، وخلال سنوات أثناء افتتاح الرئيس السيسى لمشروعات متنوعة فى الصعيد أو الوجه البحرى، كان يتحدث عن أهمية تطوير الإدارة، ويرى أن الحكومة عليها أن تتطور بنفس القدر، وأن تجرى تحولات فى الإدارة تنعكس على حياة الناس وخدماتهم، وعلى الصحة والتعليم، وأن تنجز الأعمال بشكل سريع وعصرى، يطبق الرقمنة والتحديث.


أى مراجعة لمدى ما أنجزته الحكومة فى النظام الإدارى، يكشف عن غياب التحديث، واستمرار البيروقراطية، والبطء فى الأداء الحكومى، وتكفى نظرة على عدد من التفاصيل منها المصالحات فى المبانى أو التسجيل فى الشهر العقارى أو الخدمة الصحية فى المستشفيات والوحدات الصحية، تكشف عن غياب تام للتطوير، فقط إعلانات من وزارات العدل أو من المحليات، من دون فعل، أما أحوال المستشفيات والوحدات الصحية فهى تكشف عن سيادة طريقة قديمة هى طريقة الزيارات المفاجئة للمسؤول أو المحافظ، والتى تكشف عن تقاعس وتأخر وضعف أداء فى الخدمات المتعلقة بالجمهور.


العاصمة الإدارية قامت مع مدن من الجيل الرابع، العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، ودمياط وأسيوط والمنيا الجديدة، والأنفاق التى تربط سيناء بالوادى والدلتا، يفترض أنها لم تقم باعتبارها مصايف أو منتجعات موسمية، لكنها مدن تستوعب سكانا بالملايين، وتفتح مجالا للطبقات الوسطى لتسكن وتمارس عملها، فالطبقات الوسطى هى عماد أى مجتمع ودولة، وهى التى تقدم المتعلمين والخبرات والخيال، وهم من ساهموا فى البناء والتعمير، ويفترض أن تستوعب المدن ملايين المواطنين، وتمتص الزيادة السكانية، وتتضمن أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واجتماعية، ومجتمعات قادرة على التوسع وتشكيل إضافات لجهود التنمية، من دون نسيان لنصيب الأقاليم، وخصوصا الريف والقرى، فى التنمية، وهنا يأتى مشروع «حياة كريمة» والذى يهدف إلى إعادة صياغة حياة نصف المصريين وحقهم فى الخدمات، والمرافق والمنشآت التعليمية والصحية.


والسؤال هل تستوعب حكومتنا الحالية هذا المفهوم؟ وهل تمتلك من الخيال ما يجعلها قادرة على تقديم أفكار استثمارية واقتصادية للمصريين تشجع الشباب وتضمن تكافؤ الفرص، وتجاوز فكرة أن تكون كل الأفكار هى تكرار لمنتجعات أو مناطق موسمية مع تجاهل مطالب ملايين المواطنين؟ أم أنه من الطبيعى توسيع التفكير بشكل ابتكارى وإبداعى، وعدم التوقف عند نفس الطريقة؟!.


من هنا نضرب أمثلة بوزراء أو مسؤولين أصحاب خيال، مثل فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، والذى كانت لديه خيالات وقدرة على المزج بين تقديم ثقافة شبه مجانية، مع استثمارات تدعم الفكر، وهو أمر يتجاوز الأفكار الرأسمالية المتوحشة، وعندما نضرب أمثلة بوزير للتعليم «المعارف» مثل طه حسين، أو رئيس وزراء مثل عزيز صدقى أو شريف إسماعيل، فننحن لا نريد إعادة تجاربهم أو استنساخها، لكن التعلم من هذه التجارب، واستيعاب أهمية التفكير بشكل يتناسب مع المجتمع المصرى، بأغلبيته المتوسطة، الذى يتطلب نظاما اقتصاديا إنسانيا، بعيدا عن عقول التجارة والاحتكار والتكويش، التى سبق تجريبها.


ربما على الحكومة أن تراجع مخرجات الحوار الوطنى، وتعليمات الرئيس خلال السنوات الماضية، وترى ما إذا كانت حققت ما يناسب العاصمة الإدارية، والمتحف المصرى الكبير، فهى ليست مبانى، وإنما طريقة تفكير تحتاج إلى من يلتقطها ويعمل وفق تجلياتها.


 
اليوم السابع

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب