من الجد إلى الحفيد.. رحلة أسرة عشقت عرجون النخيل فى الوادى الجديد فانتجت منه آلاف القطع الفنية والديكورات وخزنتها فى منزلهم.. والطفل يوسف الشيخ يكمل مسيرة والده المتوفى لتحقيق حلم لم يكتمل بدعم جده.. صور

الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 01:00 ص
من الجد إلى الحفيد.. رحلة أسرة عشقت عرجون النخيل فى الوادى الجديد فانتجت منه آلاف القطع الفنية والديكورات وخزنتها فى منزلهم.. والطفل يوسف الشيخ يكمل مسيرة والده المتوفى لتحقيق حلم لم يكتمل بدعم جده.. صور قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

الوادى الجديد-ماهر أبو نور

"بشتغل أيام الإجازة فى المدارس ويساعد جدى بعد وفاة أبويا ونفسى الناس تشترى مننا علشان نسدد ديونا ونقدر نكمل حلم بابا" بهذه الكلمات بدأ الطفل يوسف محمد ربيع الشيخ حديثه وعيونه مليئة بالحزن الممزوج بالأمل وذلك بعد وفاه والده الشاب فجأة وبدون مقدمات وذلك منذ حوالى عام تاركا خلفه 4 أطفال أكبرهم يوسف 11 سنة حيث كان يمتهن حرفة عرجون النخيل وكان صاحب رؤية لتطويرها وفتح منافذ تسويق لها فى المناطق السياحية بالغردقة وشرم الشيخ والقاهرة وقبل وفاته كان يحلم بتنفيذ مشروع كبير وبدأ فى تنفيذه بالحصول على قروض ميسرة وبالفعل نجح فى بداية المشوار ولكن وفاته المنية فتوقف كل شيء وبدأت أزمة الديون تلوح فى أفق الروتين اليومى لحياة تلك الأسرة البسيطة مما استدعاهم للبحث عن حلول عاجلة لتلك الأزمة.

استمرار مسيرة حرفة العرجون فى الواحات بعد وفاة المؤسس

واستعادت الأسرة تماسكها نسبيا بعد صدمة وفاة صاحب الفكرة والمشروع حيث بدأ الحج وبيع الشيخ فى استكمال المسيرة وأخذ على عاتقه تعليم احفاده ما تعلمه من نجله محمد المتوفى حرفة العرجون وهى إحدى أعرق الحرف التراثية المتجذرة فى وجدان مجتمع الواحات بمحافظة الوادى الجديد حيث تبدأ رحلة تصنيع منتجات العرجون من لحظة جمعه عقب انتهاء موسم جنى البلح حيث يقوم هو وجده بجمع العراجين و تنظيفها من المخلفات العالقة والبدء فى تقطيعها على حالتها الجافة إلى أجزاء طولية متساوية باستخدام سكينة صغيرة أو منشار يدوى لتقطيعها حسب الشكل المراد تصنيعه بعد ذلك يتم ثنيها وتشكيلها بدقة لتكوين الهيكل الأساسى للقطعة سواء كانت سلة أو أى شكل آخر ثم يربط الأجزاء المتقاطعة باستخدام خيوط من ليف النخيل أو الخيوط البلاستيك الرقيقة التى لا تؤثر على المظهر التراثي.

حرفة العرجون.. رمز عزيمة وصمود أهل الواحات

وقال الحج ربيع الشيخ، لـ"اليوم السابع" إن حرفة العرجون تؤكد على مدى عزيمة أهل الواحات من الصغير للكبير وقدرتهم على تحويل ما يظنه البعض بقايا لا قيمة لها إلى تحف فنية تنطق بالحياة وتزين البيوت وتعيد إلى الذاكرة عبق الواحة وأصوات النخيل الذى يعيشون بينه وعلى خيراته، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على هذا التراث بأن ندعمه ونحميه وننقله للأجيال القادمة فهو ليس مجرد صناعة يدوية بل هو جزء من روح المكان وملحمة صامتة تحكى قصة صمود الإنسان فى مواجهة قسوة الطبيعة باستخدام أداة بسيطة منحته إياها النخلة التى قالوا عنها قديمًا إنها شجرة مباركة تعطى بلا حدود وتتحدى عوامل الزمن وتواجه الرياح وتمنحنا أجود الثمار ولسان حالها يطالب أهالى الواحات بأستمرار التمسك بعاداتهم وحرفهم مهما كانت التغيرات من حولهم.

 

وأضاف الشيخ، أن العرجون هو ذلك الجزء الصلب الذى يحمل العذق المليء بالبلح وبعد انتهاء موسم الحصاد يتحول العرجون من بقايا مهملة إلى كنز خام ينتظره الحرفيون ليعيدوا تشكيله بأيديهم وتحويله إلى سلال وكراسى وأدوات منزلية وهدايا تراثية تبهر كل من يراها حيث يعتمد أبناء الوادى الجديد منذ عقود طويلة على مبدأ عدم إهدار أى جزء من النخلة فالسعف يستخدم فى صناعة الخوص والجريد يستخدم فى البناء والتسقيف والعرجون يتحول إلى مادة صلبة ومرنة فى أن واحد قابلة للتطويع مما جعلها أساسًا لصناعات يدوية صبرت على الزمن وبقيت شاهدة على عبقرية الإنسان الواحاتى وقدرته على استخراج الجمال من أبسط الموارد الطبيعية.

 

انتقال المهارة بين الأجيال وتحويلها إلى مصدر دخل للأسر

وأكد الشيخ، أن هذه الحرفة تعود إلى مئات السنين حين كان الواحاتى الذى يعيش وسط النخيل يحتاج إلى أوعية لتخزين البلح أو أدوات لحمل المحاصيل أو مقاعد يجلس عليها فكان يأخذ العرجون ويقوم بتنظيفه من الزوائد ثم يشكله على شكل دائرى أو بيضاوى ويثبته باستخدام ليف النخيل أو شرائح السعف ليصبح سلة متينة أو طبق تقديم أو قفة لحمل التمر ومع مرور الوقت انتقلت المهارة من جيل إلى جيل فتطورت الأدوات وظهرت تصاميم جديدة وأصبحت الحرفة مصدر دخل حقيقى للعديد من الأسر خاصة النساء اللاتى وجدن فيها وسيلة للعمل من المنزل تتناسب مع طبيعة الحياة الهادئة فى الواحات ومع ظهور الجمعيات الأهلية ومراكز تنمية المرأة الريفية بدأت ورش التدريب تنتشر فى الداخلة والخارجة والفرافرة لتعليم الفتيات كيفية اختيار العرجون الجيد وطرق تقطيع وتقويسه وكيفية دمجه مع خامات أخرى كالخيش أو الجلد أو القماش لإنتاج منتجات أكثر تنوعا تلبى احتياجات السوق المحلية والسياحية.

 

مستقبل واعد لحرفة العرجون عبر السياحة البيئية والأنشطة التعليمية

وشدد ربيع الشيخ، على مستقبل حرفة العرجون واعد للغاية إذا ما تم ربطها بالسياحة البيئية التى تشتهر بها الواحات حيث يمكن تنظيم جولات للزوار داخل الورش ليشاهدوا مراحل التصنيع بأنفسهم ويجربوا العمل بأيديهم ثم يشتروا ما يصنعونه كتذكار شخصى كما يمكن إدخال الحرفة فى الأنشطة المدرسية كنشاط يدوى يحافظ على الهوية ويزرع فى نفوس الأطفال حب العمل والإبداع ويمكن أيضًا التعاون مع كليات الفنون التطبيقية واقسام التعليم الفنى لتطوير التصميمات وجعلها أكثر موائمة مع الأذواق العصرية دون فقدان روح التراث فالحرفة ليست مجرد مصدر رزق بل هى لغة حوار بين الماضى والحاضر وجسر يصل الإنسان بالأرض التى يعيش عليها.

 

جدبد بالذكر أن حرفة صناعة العرجون ما زالت تواجه تحديات كبيرة أبرزها ندرة الأيدى العاملة الشابة التى تميل إلى الوظائف السهلة والسريعة وربما ترى العمل اليدوى مجهودًا شاقًا لا يدر دخلًا مجزيًا كما أن بعض الحرفيين يعانون من نقص أدوات العمل الحديثة التى يمكن أن تسرع الإنتاج وتحافظ على دقة التشطيب بالإضافة إلى ضعف التسويق وغياب المعارض الدائمة التى تعرض منتجات العرجون للسكان والزوار وقد يضطر البعض إلى بيع منتجاته بأسعار زهيدة للتجار الوسطاء الذين يحققون أرباحًا أكبر عند إعادة بيعها فى المحافظات الأخرى مما يشعر الحرفى بالظلم ويضعف حماسه للاستمرار ومع ذلك فإن روح الصبر والإخلاص التى تميز أهل الواحات تجعلهم يتمسكون بحرفتهم ويعتبرونها رسالة قبل أن تكون تجارة.

 

وبذلت محافظة الوادى الجديد جهود حثيثة لدعم تلك الحرفة وغيرها من الحرف التراثية بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى والصندوق الاجتماعى للتنمية فى إنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لتجهيز ورش إنتاج مجهزة بمكاوى ضغط ومناشير كهربائية ومكينات صقل كما نظمت مديرية القوى العاملة دورات تدريبية للشباب مع منحهم قروضًا بدون فوائد لشراء الخامات والأدوات وشاركت الجمعيات الأهلية فى الترويج للمنتجات عبر معارض الحرف التراثية التى تقام فى القاهرة والإسكندرية والغردقة وشرم الشيخ مما أسهم فى تعريف زوار تلك المعارض بروعة منتجات العرجون وجذب أنظار المصممين ومهندسى الديكور الذين بدأوا فى استخدام تلك المنتجات فى تصميم المطاعم والمقاهى ذات الطابع البدوى.

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (10)

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (9)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (8)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (8)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (7)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (7)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (7)

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (6)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (5)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (5)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (4)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (4)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (4)

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (3)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (3)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (2)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (2)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (1)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد 

 

قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد (1)
قطع فنية من عرجون النخيل فى الوادى الجديد

 



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب