هل قرأت من قبل رواية "الشمال والجنوب" لـ إليزابيث جاسكل والتي صدرت سنة (1855)، وتناقش صدام القيم بين ريف الجنوب ومدينة الشمال الصناعية، وما يخلّفه التصنيع من توتر اجتماعي وأخلاقي، حيث كتبت إليزابيث جاسكل الرواية بطلب من تشارلز ديكنز، ونُشرت أولًا مسلسلة في مجلته "هاوسهولد ووردز" بين 1854 و1855، ثم صدرت في كتاب عام 1855.
تستبدل جاسكل مدينة مانشستر الحقيقية بـ"ميلتون" المتخيلة، وتدفع بطلتها مارجريت هيل، ابنة رجل دين اضطر لترك منصبه، إلى قلب مجتمع المصانع، حيث أصحاب العمل والعمال على عتبة الإضراب.
هنا يتكون الخط الدرامي للرواية: وعي مارجريت يتبدل من نفور رومانسي من دخان المصانع إلى إدراك مركب لعلاقات "السادة والعمال"، بينما تنعقد علاقة متوترة بينها وبين صاحب المصنع جون ثورنتون، علاقة تجمع الجاذبية بالعِراك الأخلاقي حول معنى العمل والعدالة.
يمتاز النص بحضورٍ مبكر لموضوع الإضراب وسرد قريب من وقائع إضراب بريستون (1853–1854)، ما يجعل الرواية سجلًا أدبيًا لنشأة التفاوض الصناعي في شمال إنجلترا.
وتستبق الرواية كثيرًا من الأسئلة التي ستشغل السرد الإنجليزي لاحقًا: أثر التصنيع على الصحة والمدينة، حدود الإحسان الفردي، وإمكان بناء جسور بين "أخلاق الريف" و"منطق المصنع". وتلفت قراءات نقدية حديثة إلى أن "الشمال والجنوب" تعيد رسم الجغرافيا الأدبية لإنجلترا عبر خرائط المكان والعمل والجندر، لا كخلفية، بل كقوة دافعة للحبكة.
على مستوى التلقي، ظلّت الرواية تُقارن بأعمال أوستن وديكنز لتوازنها بين الرومانسية والهمّ الاجتماعي، ومع كل إعادة قراءة أو اقتباس مسرحي/تلفزيوني يتجدّد النقاش حول عدالتها للصراع الطبقي وصورتها لـ"السيدة العاملة" و"المليكون الجدد".
الشمال والجنوب