تمر اليوم ذكرى حرب الأفيون الثانية (1856–1860)، إحدى أشهر حروب القرن التاسع عشر وأكثرها أثرًا فى تشكيل علاقة الصين بالغرب، وهنا ثلاثة كتب ودراسات تكشف خلفيات الصراع ومساراته ونتائجه، وتقدم للقارئ مادة موثوقة تجمع بين السرد والتحليل والوثائق.
أحلام قاتلة: الأفيون والإمبريالية وحرب السهم (1856–1860) فى الصين
الكتاب تأليف جون يو. وونغ ويعد مرجعا أكاديمىا من أهم الدراسات المتخصصة فى حرب الأفيون الثانية (المعروفة أيضا بحرب السهم)، وينطلق وونغ من حادثة سفينة "Arrow" التى استُخدمت ذريعة دبلوماسية، ثم يوسع التحليل إلى شبكة المصالح التى ربطت تجارة الأفيون والشاى والحرير بالسياسات البريطانية والفرنسية والروسية والأميركية، مع إبراز دور الهند البريطانية وقطن لانكشير فى ميزان التجارة.
يراجع المؤلف أطروحات "الإمبريالية الليبرالية"، موضحًا كيف قادت تفاعلات الاقتصاد العالمى والسياسة الداخلية فى وستمنستر إلى الحرب، وما ترتب عليها من معاهدات تيانجين (1858) وبكين (1860) وتبدل موقع الصين فى النظام الدولي، مع إضاءة خاصة على واقعة نهب/حرق القصر الصيفى بوصفها فعلًا رمزيًا للقوة الإمبراطورية.
حرب الأفيون: المخدرات والأحلام وصناعة الصين الحديثة
الكتاب تأليف جوليا ليفل، وهو سرد تاريخي– تحليلى يغطى الحربين معًا، ويركز على كيف تحولتا إلى "أسطورة تأسيسية" فى الوعى القومى الصيني.
ولا تكتفى جوليا لَفِل بإعادة رواية الوقائع العسكرية والدبلوماسية، بل تتتبع صناعة الذاكرة العامة حول "قرن الإذلال" وأثرها فى خطاب الصين السياسى والثقافى المعاصر.
ويمتاز العمل بجمعٍ منظم للمصادر الصينية والغربية، وبقراءة تربط تجارة الأفيون وسوق الشاى والحرير وسياسات الإمبراطورية البريطانية بنشوء نظام معاهدات جديد غير موقع الصين فى العالم.
وحظى الكتاب بمراجعات واسعة ونال "جائزة جان ميخالسكِى 2012"، وأُدرج على القائمة القصيرة لـ"جائزة أورويل 2012" والطويلة لـ"جائزة كندِل للتاريخ"، مع مبيعات لافتة فى عاميه الأولين.
سرد حملة الصين سنة 1860
يقدم الكتاب شهادة ميدانية لضابط بريطانى شاب يدعى غارنت ج. وولسلي، خدم ضمن طاقم السير هوب غرانت، وهى من أهم السرديات المباشرة للحرب الثانية.
يقدم الكتاب يوميات دقيقة لمسير القوات الأنجلو– فرنسية من خليج بياوتانغ إلى تحصينات تاكو، ثم دخول تيانجين، فمعركة "باليكياو" والتقدم إلى بكين.
قيمة العمل فى تفاصيله اللوجستية والتنظيمية والتفاوضية، وفى كونه مصدرًا أوليًا غنيًا بالوقائع يحتاج قراءة نقدية تميز بين الوصف الحربى وخطابه الاستعماري.
وتزداد أهميته بملحقه عن "تايبينغ": إقامة قصيرة فى نانكين ورحلة إلى هانكاو، تضيئان جانبًا اجتماعيًا– سياسيًا نادرًا من مناطق كانت خارج سيطرة دولة تشينغ آنذاك، مع توثيق لممارسات الاقتحام والنهب التى بلغت ذروتها فى حادثة القصر الصيفى (يوانمينغيوان).