سلامة داود: الحذف والذكر في الدعاء النبوي تجسيد لبلاغة النبي

أكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن الدعاء النبوي الشريف يحمل في طياته أسراراً بلاغية بديعة، تتجلى في مواضع الحذف والذكر التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم بعناية فائقة لتوصيل المعنى بأدق وأبلغ صورة.
وفي حلقة جديدة من برنامجه "بلاغة القرآن والسنة" على قناة "الناس"، استعرض د. داود نماذج من الدعاء النبوي، مثل "سيد الاستغفار"، موضحاً كيف أن تكرار الضمير "أنا" في قوله "أنا عبدك" و"أنا على عهدك ووعدك" لم يكن عبثاً، بل جاء ليؤكد العبودية والالتزام بالعهد، وليجعل كل جملة مستقلة بذاتها، كقطعة ذهب أو جوهرة ثمينة.
دقة التعبير النبوي
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزن كلماته بميزان الذهب، فلا يزيد ولا ينقص، حيث يأتي الحذف في موضعه ليعطي المعنى قوة وعمقاً، كما يأتي الذكر والتكرار ليؤكد المعنى ويرسخه في النفس.
وضرب مثلاً بدعاء الجنازة "أنت خلقتها وأنت رزقتها..."، مبيناً أن تكرار الضمير "أنت" يفيد القصر والحصر، أي لا خالق ولا رازق إلا الله، مما يعزز التوحيد واليقين في قلب الداعي.
الاحتشاد للمعاني
وشدد د. داود على أن الوقوف أمام الله ومناجاته يتطلب "احتشاداً للمعاني والمباني"، وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه، حيث كان يختار ألفاظه بعناية ليعبر عن أسمى معاني العبودية والاضطرار إلى الله، داعياً المشاهدين إلى التأمل في هذه البلاغة النبوية واستلهامها في دعائهم.
واختتم الحلقة بالتأكيد على أن بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم في الحذف والذكر هي مدرسة في الأدب الرفيع مع الله، وفي حسن اختيار الألفاظ للتعبير عن مكنونات النفس وحاجاتها.