تشهد القارة الأوروبية منذ عام 2025 تصاعدًا غير مسبوق في المواجهة مع جماعة الإخوان، وسط تحركات قانونية وأمنية وسياسية مكثفة، امتدت من ألمانيا إلى فرنسا والسويد وبلدان أخرى.
ما بدأ كتحذيرات أمنية في مدن محددة مثل برلين، فيينا وبراجا، تحوّل اليوم إلى حملة أوروبية واسعة، مدفوعة بتقارير استخباراتية تتحدث عن تغلغل ممنهج ومحاولات اختراق مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ما يهدد القيم الديمقراطية واستقرار المجتمعات الأوروبية.
ألمانيا: خطة شاملة لمواجهة الإخوان
كشف مصدر حكومي رفيع في برلين عن إطلاق وزارة الداخلية الألمانية خطة شاملة لمكافحة جماعة الإخوان، تستهدف القضاء على نفوذها وقطع شبكات التمويل المرتبطة بها داخل ألمانيا وأوروبا.
وتقوم الخطة على إنشاء هيئة استشارية متخصصة بمكافحة الإخوان الإرهابية، ستتطور لاحقًا لتصبح مركزًا لرصد نشاطات الجماعة وتمويلاتها، على أن تُبنى على تقاريرها قرارات محتملة لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.
وأوضح المصدر أن الهيئة تضم 15 خبيرًا متخصصًا في مجالات الدين، الاجتماع، الوقاية من التطرف، والأمن والاستخبارات، بهدف وضع تمييز واضح بين الإسلام كدين والإسلاموية كأيديولوجيا سياسية متطرفة، وتعمل الهيئة على تطوير خطة عمل مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات تشمل:
- مكافحة التطرف الرقمي ومنع التجنيد الإلكتروني
- تدريب الموظفين على التمييز بين التدين المشروع والسلوك المتطرف
- مواجهة التمويل الخارجي المشبوه لشبكات الإخوان
- تعزيز برامج الاندماج داخل المجتمعات المسلمة لمنع استغلال الشباب
فرنسا: تشديد الخناق على الجماعة الإرهابية
تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية تشددًا تجاه الإخوان. فقد كشف تقرير حكومي عن ارتباط 139 مسجدًا و21 مدرسة و280 جمعية بالجماعة، تعمل ضمن شبكات محلية مثل منظمة مسلمو فرنسا، وتأتي هذه الإجراءات ضمن استراتيجية التغلغل الصامت التي تستخدمها الجماعة للتأثير على المجتمع، فيما أعلنت الحكومة الفرنسية عن مشاريع قانونية جديدة لتقييد نشاط التنظيمات ذات الطابع السياسي وضمان الالتزام بالقيم الجمهورية.
التحركات الأوروبية المشتركة
على المستوى الأوروبي، يناقش البرلمان الأوروبي فتح تحقيق شامل في نشاط الجماعة، مع التركيز على قطع التمويل عن منظماتها الفرعية، مثل FEMYSO وCEM، التي يُشتبه في كونها واجهات للتأثير السياسي والاجتماعي، كما بدأت بلدان مثل بلجيكا والسويد مراجعات أمنية لتقييم مدى تغلغل الجماعة في مؤسسات المجتمع المدني والتعليم.
وفي السويد، كشفت تقارير عن فضيحة مالية مرتبطة بالإخوان، حيث ترك المسؤولون عن شبكة مدارس وروضات إسلامية ديونًا ضريبية تجاوزت 100 مليون دولار، ما اعتُبر جزءًا من تمويل مشبوه يُستخدم لتوسيع نفوذ الجماعة داخل المجتمعات المحلية.
2025 علامة فارقة فى مواجهة تمدد الإخوان فى إسبانيا
وفي إسبانيا، شكل عام 2025 علامة فارقة في مسار مواجهة تمدد الإخوان. فقد كشفت أجهزة الأمن والاستخبارات عن نشاط متزايد لمراكز وجمعيات يُشتبه في استخدامها كواجهات لبث أفكار متطرفة وتجنيد أفراد بطرق غير شرعية. وأسفرت التدخلات الأمنية المكثفة خلال الأشهر الأولى من العام عن اعتقال 38 شخصاً مرتبطين بالشبكات الإرهابية، مع تركيز العمليات في إقليمي كتالونيا وفالنسيا حيث توجد خمسة مراكز رئيسية مرتبطة بالإخوان.
كما عزز جهاز الاستخبارات الوطني الإسباني (CNI) من آليات المراقبة والتحقيق، مشدداً على أهمية التصدي لاستخدام الشبكات المتطرفة لأدوات رقمية متقدمة وأساليب تمويه جديدة تهدف لإخفاء نشاطاتها عن السلطات. وقد أدى ذلك إلى تطوير تقنيات الرصد الرقمي وتعزيز التعاون الدولي لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول الأوروبية لمواجهة هذا التهديد عبر الحدود.
توازن صعب بين الأمن وحرية الدين
تشدد السلطات الأوروبية على أن الهدف من هذه التحركات ليس استهداف المسلمين، بل قطع نفوذ جماعة الإخوان التي تُصنّف كتهديد أمني واستراتيجي، مع السعي للحفاظ على الحريات الدينية. ويُعد عام 2025 عامًا مفصليًا، إذ تشير التحركات إلى تصعيد أوربي غير مسبوق لمنع استغلال الحرية التنظيمية لتحقيق أهداف أيديولوجية تهدد الأمن والاستقرار.
مظاهرات مستمرة حتى ديسمبر
في هذا السياق، شهدت عدة مدن أوروبية مظاهرات شعبية واسعة، تستمر حتى ديسمير ، بدءًا من فيينا وبراج ولندن، مروراً بباريس وبرلين، ووصولاً إلى هولندا وإيرلندا، طالبت بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية وحظر أنشطتها على الأراضي الأوروبية. وطالب المتظاهرون بتشديد العقوبات الدولية ضد التنظيم، بما في ذلك تجميد الأصول المالية، تفكيك الشبكات التمويلية العالمية، وقطع مصادر الدعم اللوجستي والإعلامي، معتبرين أن هذه الخطوات ضرورية لحماية المجتمعات من تأثير الفكر المتطرف.