حازم الجندى

جذب الاستثمارات وطمأنة المستثمر.. مصر على الطريق الصحيح

الأربعاء، 26 نوفمبر 2025 12:00 ص


تعكس الجهود المكثفة التي تبذلها الدولة المصرية في الآونة الأخيرة لدعم وتشجيع الاستثمار حرص الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على استمرار معركة البناء والتنمية الاقتصادية والإرادة الصلبة في مواجهة التحديات الاقتصادية، فرغم ما تعرضت له الدولة من أزمات وتحديات إلا أنها استطاعت أن تعبر هذه الأزمات وتحقق الاستقرار الاقتصادي ومؤشرات إيجابية للاقتصاد المصري وسط إشادة المؤسسات الاقتصادية الدولية وتحسن تصنيف مصر الائتمانى.

كما أن الآونة الأخيرة تشهد مصر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقطاب الشركات العالمية لإنشاء مصانع وإقامة مشروعات استثمارية كبرى في مصر، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري واستقرار الدولة المصرية، وذلك لم يأتي من فراغ بل من خلال جهود كبيرة وحقيقية وملموسة على أرض الواقع وتوجيهات قيادة سياسية واعية ومخلصة وتحرص على مصلحة الوطن وتقدم الدولة المصرية.

الأمر الإيجابي أيضاً ما نشهده في الآونة الأخيرة من تناغم وتنسيق بين وزارات المجموعة الاقتصادية ومجموعة التنمية الصناعية، واجتماعات متواصلة من وقت لآخر، فضلاً عن اجتماعات رئيس مجلس الوزراء مع اللجان الاستشارية الاقتصادية المشكلة بمجلس الوزراء، لطرح المشكلات والتحديات الاقتصادية ومناقشة مشكلات تواجه المستثمرين وطرح الحلول المقترحة.

أيضاً اهتمام الدولة بإقرار حوافز استثمارية متعددة تشمل حوافز مالية وضريبية وتسهيلات عديدة المستثمرين، وحوافز وتسهيلات جمركية، مما يدفع ويشجع العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين على الاستثمار في مصر، وهو ما يبعث برسائل طمأنة للمستثمرين تعكس جدية الدولة المصرية في دعم وتحفيز المستثمرين، وخلق الثقة والأمان لدى المستثمر مما يحفزه على البقاء في مصر.

هذا بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتيسير حركة التجارة الخارجية وتحسين بيئة الأعمال في مصر،  وجهود الدولة لتطوير منظومة الإفراج الجمركي وتسهيل حركة الصادرات والواردات، وما تقوم به القيادة السياسية حيث تتابع باهتمام تنفيذ وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية والجهات المعنية برنامج شامل لخفض متوسط زمن الإفراج الجمركي،  وترتب على هذه الجهود النجاح في تقليص المدة من 16 يومًا إلى 5.8 يوم فقط، مع تحديد هدف قصير الأجل للوصول إلى يومين قبل نهاية العام.

جهود الدولة في هذا الملف لا يقتصر على الإجراءات الجمركية فقط، بل تمتد إلى تيسير حركة التجارة بشكل عام من خلال معالجة العوائق التجارية غير الجمركية التي تواجه المصدرين والمستوردين، وأكدت الحكومة في هذا الصدد أنه تم دراسة هذه العوائق تفصيلًا بالتنسيق مع الجهات المعنية لتقديم حلول عملية قابلة للتنفيذ، وانتهت إلى حزمة من التوصيات العملية، من بينها الإسراع في تنفيذ الربط الإلكتروني بين المنافذ، وتكثيف التنسيق بين الجهات الرقابية والمالية لتبسيط الإجراءات، مع متابعة الأداء بشكل أسبوعي لضمان تحقيق المستهدفات الزمنية والميدانية، بهدف الوصول إلى منظومة جمركية حديثة تواكب أفضل الممارسات العالمية وتدعم خطط الدولة لجذب الاستثمارات وتوسيع حجم التجارة الخارجية.

من الأمور الجيدة التي تتكامل مع هذه الجهود، الخطة الصناعية التي أعلنتها وزارة الصناعة لتحديد 28 فرصة صناعية واستثمارية واعدة، فالدولة تدخل مرحلة جديدة من وضع خرائط واضحة للصناعة، تستند إلى دراسات متعمقة لاحتياجات السوق، ومتطلبات الإنتاج، ومقومات التوطين الحقيقي للصناعة في مصر خلال السنوات المقبلة.
إعلان هذه القائمة المتنوعة من الصناعات خطوة تعكس إرادة سياسية قوية لتعميق الصناعة الوطنية وتقليل الفجوة الاستيرادية التي تتحملها الموازنة العامة منذ سنوات طويلة، فالوزارة قدمت حزمة محددة من القطاعات القابلة للنجاح الفوري، اعتمادا على معايير دقيقة تشمل توافر الطاقة بأسعار تنافسية، وتوفر الخامات الأولية، والعمالة الفنية، والبنية التكنولوجية، فضلا عن الطلب المحلي والإقليمي المتزايد.

الصناعات المدرجة تعكس رؤية شاملة، خاصة أن القائمة تمزج بين الصناعات الاستراتيجية عالية التقنية مثل مكونات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر والبرمجيات الصناعية والروبوتات، وبين الصناعات ذات الاحتياج المباشر للسوق المصري مثل المحولات الكهربائية والمضخات والأدوات الكهربائية والصناعات الغذائية والدوائية، وهو ما يضمن قدرة هذه القطاعات على النمو السريع وتحقيق عائد اقتصادي ملموس، كما أن إدراج صناعة السيارات ومكوناتها ضمن الأولويات يمثل نقلة مهمة في مسار بناء صناعة سيارات حقيقية في مصر، خاصة في ظل التحول العالمي للمركبات الكهربائية، ومصر تمتلك مقومات مهمة تمكنها من جذب شركات دولية للدخول في تصنيع الإطارات، والبطاريات، والمحركات، والإلكترونيات، وهياكل السيارات والأتوبيسات، وهو ما سيخلق الآلاف من فرص العمل ويدعم قيام منظومة صناعية متكاملة، بالإضافة إلى الصناعات الهندسية التي تضمنتها الخطة مثل المحركات الكهربائية، المولدات، المضخات، محطات التحلية، أنظمة التبريد، والمصاعد تمثل صناعات مطلوبة محليا بسبب حجم المشروعات القومية، كما أن لها اسواقا تصديرية جاهزة في أفريقيا والشرق الأوسط، في ظل حاجة هذه الدول لحلول هندسية بأسعار وجودة تنافسية، مثمنا منح أولوية لصناعة ألبان الأطفال من بدايتها وليس عبر التجميع فقط، فهذه الصناعة تمثل أمنا غذائيا ودوائيا في آن واحد، وأن توطينها داخل مصر خطوة استراتيجية تخفض فاتورة استيراد مرتفعة وتحقق الاكتفاء الذاتي في واحد من أكثر المنتجات حساسية للأسر المصرية.

إن إعلان هذه القائمة يمثل دعوة واضحة ومباشرة للقطاع الخاص للدخول بقوة في هذه الصناعات، خاصة أن الدولة وفرت البنية التحتية، والطاقة، والخامات، والتشريعات، وتعمل حاليًا على تهيئة بيئة استثمارية مستقرة تضمن للمستثمرين سهولة الإجراءات وسرعة بدء تنفيذ المشروعات.

ونجاح هذه الخطة يرتبط بتوفير حوافز استثمارية تمويلية وضريبية، وتقليص الإجراءات البيروقراطية، خاصة أن مصر تمتلك الموارد اللازمة لتصبح مركزا صناعيا إقليميا، والفرص الـ28 تمثل حجر الأساس لنقلة كبيرة في مساهمة الصناعة بالناتج المحلي خلال السنوات المقبلة.

والدولة المصرية بالفعل بدأت وبذلت خطوات كبيرة في تذليل معوقات الاستثمار والتيسير على المستثمرين، والمطلوب أن نستمر في هذه الجهود وأن تكون هناك خطة واضحة للترويج والتسويق لهذه الفرص الاستثمارية والمزايا والحوافز التي يمكن أن تجذب المستثمرين.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب