فى وقت تتقدم فيه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بوتيرة مذهلة، يبدو أن هناك مجالًا ما يزال البشر يتفوقون فيه بوضوح وهوالنكات اللفظية (Puns).
حيث كشفت دراسة جديدة أن النماذج اللغوية الكبيرة LLMs - على اختلاف قوتها - ما تزال عاجزة عن فهم النكات كما يفعل البشر، بل وتخدع نفسها أحيانًا بالاعتقاد بأن هناك نكتة حيث لا يوجد شيء مضحك أصلًا.
أبحاث تكشف “وهم فهم الدعابة"
فريق بحثى من جامعة كارديف وجامعة Ca’ Foscari فى فينيسيا نشر ورقة بعنوان:“Pun Unintended: LLMs and the Illusion of Humor Understanding" درس خلالها كيفية تفسير 7 نماذج لغوية مختلفة للنكات اللفظية، الخلاصة كانت صادمة: النماذج تستطيع التعرف على هيكل النكتة، لكنها تفشل فى فهم المعنى الحقيقى أو المقصود الكوميدي.
النماذج تكتشف الأنماط لا المعنى
عند اختبار النماذج بجملة مثل:“كنتُ كوميديًا سابقًا، لكن حياتى أصبحت نكتة"، تعرّفت النماذج على وجود نكتة، لكن حين غيّر الباحثون الجملة إلى:“كنتُ كوميديًا سابقًا، لكن حياتى أصبحت فوضوية"، استمرت النماذج فى اعتبارها نكتة - رغم اختفاء عنصر التلاعب اللفظى - ما يدل على اعتمادها على أنماط مألوفة وليس فهمًا حقيقيًا للسياق.
الأمر تكرر مع جملة:"القصص الخيالية الطويلة تميل إلى أن تَـ… تِـدراجون (dragon)"، وحتى عندما تم استبدال “dragon" بكلمات غير ذات صلة، ظل الذكاء الاصطناعى يعتقد أن الجملة تحتوى نكتة، فقط لأنه تعرّف على شكل جملة pun شائعة.يقول البروفيسور خوسيه كاماشو كولادوس من جامعة كارديف:"النماذج اللغوية تحفظ ما تتعلمه، لكنها لا تفهمه"، موضحًا أن
لماذا يفشل الذكاء الاصطناعى فى النكات؟
LLMs قادرة على التقاط النكات التى صادفتها خلال التدريب، لكنها لا تمتلك القدرة على تفسير الدعابة أو المراد الكوميدي.
الاختبار الأكثر طرافة كان مع جملة:"النماذج القديمة لا تموت… فقط تفقد الانتباه (attention)"، وعندما استبدل الباحثون كلمة “attention" بـ"ukulele"، واصلت النماذج التعامل مع الجملة كنكتة، فقط بسبب شبه صوتى غير مقصود - ما يظهر “إبداعًا" غير واعٍ، لكنه بعيد تمامًا عن الفهم الحقيقي.
بعيدة عن فهم الدعابة
وخلص الباحثون إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن الاعتماد عليه بعد فى المهام التى تتطلب فهم الدعابة، أو الحس الثقافى، أو التعاطف، ورغم أن الشركات التقنية تتحدث كثيرًا عن اقتراب عصر الذكاء الاصطناعى العام AGI، إلا أن فهم النكات ما يزال يحتاج المزيد من التطور.
وبينما تستمر النماذج فى التطور بسرعة، يظل البشر - ولو مؤقتًا - الأفضل فى التقاط المقصود من تلك النكات الخفيفة خصوصًا تلك التى يعجز عنها حتى “أغبى أصدقائك".