مجدى أحمد على

يا سينما يا غرامى عن وزراء الثقافة - 3

الإثنين، 24 نوفمبر 2025 09:13 م


كان فوزي فهمي من قيادات وزراء الثقافة المحترمة في عصر فاروق حسني، وكان مع جابر عصفور يمثلان ذراعي الرجل في التعرف على كيفية قيادة المثقفين المصريين حتى انتشرت مقولة (أراها قبيحة أو مبالغة على أقل تقدير) أن فاروق حسني كان يتباهى أمام رؤسائه بأنه الوحيد الذي نجح في إدخال المثقفين إلى (حظيرة) الدولة.. المهم.


بتزكية من فوزي فهمي عين فاروق حسني المخرج الكبير والصديق العزيز مدكور ثابت رئيسا للمركز القومي للسينما.. وها هي تأتي المرة الأولى التي أعبر فيها عن رأيي في الفترة التي تولى فيها د. مدكور رئاسة المركز:


كان مدكور ثابت شخصا عصيا على الفساد غير قابل لطاعة المفسدين مؤمنا بدور المركز في تطوير الوعي وعارفا بأقدار المبدعين من حوله، ومدركا لدور الشباب والجيل القادم من السينمائيين، فدعم كثير منهم ووقف بجانبهم كما أنه -كونه مثقف وقارئ عظيم – أنشأ داخل المركز ما يشبه وحده لنشر الكتب والأبحاث السينمائية بدءا من رسائل الماجستير والدكتوراه حتى الكتب المستقلة وكان ينفق كثيرا من الجهد (والمال طبعا) على هذه المطبوعات والأغلفة التي يصر على مراجعته بنفسه مع ذكر طبعا موضوع (الِإشراف عليها) ولكن .. وآه من ولكن؟


حادثني مرة د. فوزي غاضبا من اهتمام د. مدكور المبالغ فيه بمسِألة نشرالكتب ومسألة سفره للخارج بشكل مستمر ومسائل أخرى كثيرة تخص حرص د. مدكور على البقاء في المنصب بما يستدعي إرضاء الكثيرين .. وقد أجبت د فوزي بأن صداقته مع د. مدكور كافية لأن يتحدثا مع بعضهما البعض دون تدخلي.. وللأسف كانت هذه الأسباب مع الأمراض التي هاجمت د. مدكور كنتيجة لتوتره الدائم سببا في انتهاء رئاسته للمركز.


ولكني أذكر أنه كان من أكثر من عاصرت إيمانا بالديمقراطية، وأذكر له موقفا اختلفت فيه مع تصرفه:


كان نزول فيلم (اللمبي) مناسبة معتادة لهجوم أعضاء في البرلمان على الفيلم باعتباره تشجيعا للشباب على البلطجة والمخدرات، وأن( اللمبي) سيصبح مثلا أعلى لجيل قادم.. إلخ.


وكان الهجوم متاهفتا وسخيفا، وكان سيناريو الفيلم قد تمت إجازته، بل وتم عرض الفيلم الذي يطالب أعضاء البرلمان  بسحبه من دور العرض وعلى الأقل عدم السماح له بالسفر إلى الخارج، حيث سوف يلحق الأذى بـ (سمعة مصر) بين الأممَ!!


وفعل د. مدكور شيئا غير مسبوق في التعامل مع قضية الرقابة ومسئولية الرقيب؛ إذ شكل لجنة تضم عددا من المثقفين والكتاب والسينمائيين؛ ليعرض عليهم الفيلم وليعلنوا رأيهم في مسأِلة منع تصدير الفيلم إلى الخارج.. كنت أحد أعضاء هذه اللجنة التي ضمت كثيرا من كبار صناع السينما والدراما والأدب، وأذكر أن الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة كان يجلس بجانبي في القاعة الصغيرة التي عرضت الفيلم، وأنه غضب بشدة عندما رآني أضحك بشدة مع الفيلم وأتفاعل معه وقلت له: ده فيلم كوميدي يا أستاذ... أمال هنضحك إمتى؟! ولكنه ترك الفيلم وغادر غاضبا .. وبعد العرض اجتمعت اللجنة مع د. مدكور فكانت مداخلتي التي

أغضبته قليلا تتلخص في الآتي:

1- الفيلم عادي جدا، ويعبر فعلا عن جزء من طبقة تعيش بيننا طال تجاهلها في السينما المصرية وهذا من بين أسباب نجاح الفيلم التجاري.

2- في عصر الأقمار الصناعية ووسائل الاتصال الحديثة لا جدوى من منع فيلم أو حصاره، خاصة أنه تم عرضه بالفعل، وأن هذا سوف يسيء إلى مصر والتي تعلن أنها بلد (ديمقراطي).

3- أرى (وهذا ما أغضب د. مدكور ) أنه لا ضرورة لهذه اللجنة التي أعتقد أنها محاولة لعدم تحمل المسئولة بصفتك رئيس للرقابة لك مطلق الحرية في القبول أو الرفض دون (الشعبطة) في قرار لجنة حتى لو كانت استشارية.. وأننا كمثقفين كان الأولى بنا أن ندعم قرارك لا أن نساعدك على اتخاذه!! تصالحنا بعد وقت وتمت الموافقة على الفيلم وصدرت أجزاء أخرى منه وبقيت فترة رئاسة مدكور للمركز فترة مميزة، رغم أنه قضى معظم الوقت في سفر دائم لكل المهرجانات والمناسبات السينمائية والثقافية مما كان يزيد في غضب فوزي فهمي وفاروق حسني.


وسوف أبدأ في المقال القادم الحديث عن وزراء الثقافة الذين مروا بمصر ودلالات وجودهم ومسألة المهرجانات التي تجاوز الكلام عنها حدود الفهم والمسئولية.
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب