استضافت مكتبة "ديوان" بالزمالك ندوة أدبية خاصة للروائي والأسير الفلسطيني المُحرر باسم خندقجي، أدارها الكاتب الدكتور طلال فيصل، في أمسية ألقت الضوء على تجربة إبداعية تتشكل خلف القضبان، حيث تتحوّل الكتابة إلى أحد أشكال المقاومة، ويتحوّل الخيال إلى مساحة حرة في مواجهة الاستعمار.
وقال باسم خندقجي، إن بداياته كانت مع الشعر، قبل أن تتقدّم الرواية وتصبح الشكل الأهم في تجربته، موضحًا أن رواياته "هي من تلح عليه حتى يكتبها"، وأنه حريص في كل عمل على أن يستمتع الكاتب بعملية الكتابة وأن يتأثر بها، لأن النص – في رأيه – لا يولد حقيقيًا إلا إذا لمس صاحبه أولًا. وأشار إلى أنه يرى في الرواية امتدادًا للصورة الشعرية واللغة المكثفة التي حملها معه من عالم القصيدة.
وتناول خندقجي ظروف القراءة والكتابة داخل السجن، لافتًا إلى أن المعرفة لم تكن حقًا متاحًا بديهيًا للأسرى، بل كانت تُنتزع انتزاعًا عبر إضرابات قاسية، "دفعوا ثمنها من أجسادهم"، على حد تعبيره.
وأوضح أن جزءًا مهمًا من الكتب التي وصلت إلى الأسرى جاء نتيجة هذه المواجهات مع إدارة السجون، قبل أن تُشدّد القيود على مصادر المعرفة بعد أحداث السابع من أكتوبر، لتصبح كلمة "ممنوع" هي الأكثر حضورًا في حياة الأسير اليومية.
وأضاف خندقجي أنه كان يلجأ إلى مكتبة السجن كلما أراد أن يكتب، وأن رواياته كانت تدخل إليه بلا أغلفة، حتى لا تُكتشف هويتها أو محتواها، مشيرًا إلى أن الكتاب الواحد كان يمر على نحو ستين أسيرًا، في دورة قراءة تعكس تعطّش الأسرى للمعرفة رغم المنع والملاحقة. وأوضح أن السلطات كانت تمنع عنهم كل الكتب ذات الطابع الأمني أو التحليلي، في محاولة لعزل الوعي عن محيطه.
وفي حديثه عن اللغة، كشف خندقجي أنه بدأ تعلّم العبرية من طريقة كتابة اسمه، إذ طلب من أحد الأسرى أن يخط اسمه بحروف عبرية، ثم شرع في حفظها وتتبعها، معتبرًا أن تعلّم لغة العدو كان بالنسبة إليه "غنيمة حرب" تتيح له فهم الخطاب الصهيوني من الداخل، رغم أن هذه التجربة كانت "بطعم الدواء المر"، كما وصفها، لأنها تضعه وجهًا لوجه أمام منظومة القمع التي يعيش تحتها.