- "خريجو التربية الرياضية ممنوعون قانونيا من علاج المرضى.. "مستشفيات جامعية رصيدها 'صفر' من أخصائى العلاج الطبيعي.. وتعين تربية رياضية للتعامل مع المرضى المسنين"
- "أغلقنا 200 مركز مخالف فى عامين.. وسمكرية البنى آدمين ودجالون العلاج بالقرآن يهددون حياة المرضى"
- "أرسلنا 18 فيديو لنقيب الأطباء عن طبيب يكشف عورات المرضى ويستخدم ألفاظ خادشة.. وننتظر إعلان اجراءات صارمه حياله
- قدمنا 5 ملايين جنيه لوزارة الصحة لحل أزمة التكليف.. ولدعم وصول الخدمة للقرى والنجوع
أكد الدكتور سامى سعد، نقيب العلاج الطبيعى، أن النقابة تخوض حربا مستمرة لا هوادة فيها ضد الدخلاء على المهنة، مشددا على أن حماية المريض المصرى تأتى على رأس أولويات النقابة، وقال فى حوار خاص لـ"اليوم السابع"،: هدفنا الأساسى هو حماية المريض المصرى من الممارسات الخاطئة والخطيرة التى يرتكبها غير المتخصصين، وليس مجرد حماية المهنة.. وفى هذا الإطار، نجحنا فى إغلاق أكثر من 200 مركز مخالف حتى الآن.. وأؤكد أننا لن نتوانى عن ملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بصحة المواطنين قانونيًا مهما كلف الأمر".
• نص الحوار..
- بداية، كيف ترى الدور الذى يجب أن تلعبه النقابات المهنية فى ظل التحديات التى تواجه الدولة المصرية؟
نحن نؤمن بأن دورنا لا يقتصر على حب المهنة فقط، بل يرتكز على ثلاثية أساسية: حب العقيدة، ثم حب الوطن، ثم حب المهنة. من هذا المنطلق، لا يمكننا أن نقف صامتين أمام ما يحاك ضد الدولة من مؤامرات ممنهجة، سواء كانت من الخارج أو الداخل. النقابات المهنية جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، ومن واجبنا أن نكون صوتا وطنيا مخلصا يخدم الصالح العام. دورنا هو النصح والإرشاد، فمصر هى وطننا الذى لن نجد لنا معيشة سواه، وترابه جزء من عقيدتتا.
- ذكرتم أن للعلاج الطبيعى دورا مهما فى الحد من الولادات القيصرية.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
أسمحى لى أن أقول أن جوهر النجاح فى هذا الملف هو التعاون والعمل الجماعى بين أطراف المنظومة الطبية، المفترض أن يكون هناك ارتباط وثيق وتنسيق دائم بين أخصائى جراحة النساء والتوليد وبين أخصائى العلاج الطبيعى المتخصص فى صحة المرأة، سواء على المستوى العلمى أو الإكلينيكي.
للأسف، هذا التعاون غير موجود بالشكل المطلوب حاليا، وبرغم أن وزارة الصحة تشدد على الحد من الولادات القيصرية، إلا أن الأمر ما زال يحتاج إلى تنسيق حقيقى، وإلى منظومة تعتمد على المؤتمرات والندوات وورش العمل المشتركة، بحيث يتوافر وعى كاف لدى السيدات والفتيات بخصوص كيفية الاستعداد للولادة الطبيعية ومخاطر الإفراط فى القيصريات.
العلاج الطبيعي هنا ليس رفاهية، بل جزء أساسى من رحلة الحمل والولادة، فهناك قسم كامل فى كليات العلاج الطبيعى يسمى علوم صحة المرأة، ومتخصصوه على مستوى عال للغاية، عندما تعتمد المرأة برنامجا علاجيا صحيحا قبل الحمل وأثناءه، برنامج قائم على تقوية عضلات البطن والحوض، وعلى تمرينات تنفسية لعضلات الصدر، يصبح الجسم مهيأ للولادة الطبيعية، وتصبح فرص اللجوء للقيصرية أقل بكثير.
نحن للأسف أعلى دولة فى العالم فى معدلات الولادات القيصرية وفقا لتصنيف منظمة الصحة العالمية، وهذا يدق ناقوس الخطر، لو كانت عضلات البطن والحوض تمتلك القوة الكافية، ولو وضعت السيدة على برنامج وقائى وعلاجى بإشراف متخصص فى العلاج الطبيعى، ستصبح الولادة الطبيعية أكثر أمانا وسهولة.
لكن الأزمة لا تقف فقط عند نقص التعاون؛ هناك أيضا بعد أخلاقى، فبعض الأطباء – وقلة قليلة بالطبع – قد يتساهلون فى اللجوء للقيصرية لأسباب تتعلق بالوقت والسرعة، وهذا يؤذى المرأة على المدى الطويل، نحن نتلقى آثار هذه القرارات فى صورة التصاقات وضعف عضلات وآلام مزمنة، ونعالج هذه الحالات بنجاح كبير بعد ذلك، البدو مثال واضح: كل نساء البدو تقريبا يلدن بشكل طبيعى بسبب الحركة اليومية والنشاط البدنى المستمر. وهذا يؤكد أن الطبيعة حين تفعل بشكل صحيح تغنينا عن كثير من التدخلات الجراحية.
باختصار، الولادة القيصرية يجب أن تتوقف عند الحالات الضرورية فقط، والطريق يبدأ من التعاون والتنسيق، ومن الاعتراف بأن العلاج الطبيعى شريك أساسى فى حماية صحة المرأة وتعزيز فرص الولادة الطبيعية.
- أجريتم دراسة عن تشوهات العمود الفقرى لدى أطفال المدارس.. ماذا وجدتم؟
نعم، أجرينا بالتعاون مع نقابة المهن التعليمية مسحا طبيا فى بعض المناطق الشعبية والمدارس الشعبية، دخلنا مدرسة فيها 120 طالبا قاعدين على الأرض، ووجدنا أن نسبة 80% يعانون من تشوهات العمود الفقرى، عملنا ورقة استراتيجية وأرسلناها لوزارة التربية والتعليم، وأنا عاتب جدا على وزير التربية والتعليم أيا كان، سواء الحالى أو السابق، لأننا قدمنا هذا المشروع القومى لحماية الأطفال من تشوهات العمود الفقرى ولم نجد استجابة، هذا ليس مشروع نقابة بل مشروع بلد.
وأوضح أن السبب فى هذه التشوهات، أولا العادات السيئة وحمل الشنط بأوزان ثقيلة جدا على ظهر الطفل، أى إنسان يشيل حاجة على ظهره سيحنى ظهره، فما بالك بطفل عموده الفقرى فى مرحلة النمو حتى 20 أو 21 سنة؟ حين تحمل على العمود الفقرى 5 كيلو على الأقل، يحدث انحناء للأمام وبعد 10 سنين يكون عنده ألم فى المنطقة القطنية.
أيضا الغذاء السليم مهم جدا، التوعية الصحية داخل المدارس لازم يكون فيها برامج تعليمية وتوعوية عن الأكل الصحى، يجب أن يكون هناك أخصائى تغذية يقول للأطفال ماذا يأكلون وكيف يجلسون وكيف ينامون، وأيضا التكنولوجيا وأثرها على الأطفال، فليس هناك طفل بدون موبايل، وهو يجلس طوال النهار بوضعية خاطئة.
- هل هذا يتطلب تعيين أخصائيى علاج طبيعى فى المدارس؟
نعم، طلبت من وزارة التربية والتعليم فى خطابين رسميين لتعيين أو تكليف أو التعاقد مع دكتور علاج طبيعى داخل المدرسة ليعطى المعلومات الصحيحة، وأيضا أخصائى تغذية، العلم تطور والعلوم المعرفية تطورت، وأنا أريد خريجا عقله سليم وصحته سليمة وبنيانه سليم وفكره سليم.
بعد ما شاهدناه فى الآونة الأخيرة من العملقة الإعلامية للمؤتمر العالمى للآثار المصرية، المفروض هذا يدرس، يجب أن نبدأ من الصغر، من الأطفال الصغار.
- أشرت إلى وجود "دخلاء" على مهنة العلاج الطبيعى، ما حجم هذه الظاهرة، وما هى إجراءات النقابة لمواجهتها؟
للأسف، مهنة العلاج الطبيعى أصبحت هدفا للكثير من الأدعياء والدخلاء والنصابين، تماما مثل أى مهنة ناجحة ومرغوبة، تبرز هذه الظاهرة بشكل خاص مع بعض خريجى كليات التربية الرياضية الذين ينتحلون صفة أخصائى علاج طبيعى، بالإضافة إلى ظواهر دخيلة مثل "سمكرية البنى آدمين" التى انتشرت مؤخرا.
كنقابة، نحن لا نخجل من فتح هذه الملفات ومحاربتها بقوة، إجراءاتنا متعددة وتشمل تقديم بلاغات للنيابة العامة، ومخاطبة مباحث الأموال العامة وجهاز حماية المستهلك، والتنسيق مع إدارات العلاج الحر، نحن نمتلك "ضبطية قضائية" لكننا نعتمد بشكل أكبر على الأجهزة التنفيذية للدولة. خلال العامين الماضيين فقط، أغلقنا ما يزيد على 200 مركز مخالف يديرها غير المتخصصين، حربنا ضد هؤلاء هى لحماية المريض والمجتمع من ممارساتهم الخاطئة والخطيرة.
نحن نعتبر النقابة العامة للعلاج الطبيعى جزءا وذراعا من أذرع الدولة، لدينا سلطة الضبطية القضائية ولكن ليس لدينا سلطة تنفيذية، لذا علينا أن نعلن عن المخالفين ونحاكمهم بالقانون، نحن نحيل المخالفين من مراكزنا إلى تحقيقات وتأديب، أما الآخرون فنحيلهم إلى النيابة العامة.
وأرى أن أشد ضراوة هم النصابون والدجالون الذين يعملون بالعلاج بالقرآن والعلاج بالأعشاب، فضلا عن بعض خريجى كليات التربية الرياضية الذين وجدوا فى أنفسهم ضالتهم ليتقمصوا شخصية الدكتور فى استقبال المرضى وعلاجهم واستخدام أجهزة طبية.

- وما الذى يمنع خريجى التربية الرياضية من ممارسة العلاج الطبيعي؟
القانون الصادر لحماية المريض، قانون المساءلة الطبية الصادر سنة 2025 من مجلس النواب والمصدق عليه من رئيس الجمهورية، ينص على أنه لا يجوز لهم التعامل مع المريض إطلاقا ويعتبر ذلك تحريما وتجريما، لا يجوز لهم استخدام الأجهزة الطبية، ولا يجوز لهم عمل دراسات عليا فى مجالات بحثية طبية.
كون أن كلية التربية الرياضية فيها قسم علوم الصحة الرياضية، وعندهم برامج، فلا علاقة لهم بصحة الإنسان المريض، يجب أن يشتغلوا فى تقوية البنية البدنية ورفع معدلات اللياقة البدنية، أنا أقولها بكل وضوح وصراحة: طالما هناك نقابة قائمة للعلاج الطبيعى، فليس لهم دور مع المريض أصلا، منشآتهم رياضية داخل المدارس، نواد اجتماعية، أولمبيات، اتحادات رياضية، والقرار الوزارى واضح.
العجيب أن هذه الظاهرة يقويها بعض الداعمين لها الذين يرتزقون من وراء هذه الظواهر غير القانونية، فهم يجلبون لهم مرضى، هناك مافيا متمثلة فى النصابون الذين يروجون للمشعوذين، أى دكتور يظهر على الميديا ويعمل أشياء خاطئة ويروج خطأ، ثقى تماما أنه لا ينتمى لمهنة الطب بكافة أنواعها.
الحمد لله، كنا جالسين مع قيادات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وصدر قرار رقم 9 بأنه حتى فى الإعلام والقنوات الفضائية، نريد أن يظهر العضو المنتمى لنقابة أولا وأن النقابة تسمح له بالظهور بمؤهلاته وخبراته لصالح المجتمع.
- ما ردك على من يقول أن مراكز العلاج الطبيعى نفسها يديرها غير متخصصين؟
سأجاوبك بصراحة، مثلما أتكلم عن الغير بأنه مدع ودخيل ونصاب، أنا عندى فى مهنتى 20% أو حتى 30% لديهم مخالفات، هؤلاء لا يريدون احترام آداب وتقاليد المهنة، حين تأتى مخالفة، الحمد لله عندى إدارة قانونية قوية نحيلهم بها.
ربما شاهدت البيان الأخير الذى صدر عن النقابة بتحذير أطباء العلاج الطبيعى من العمل فى الميزوثيرابى والحقن والفيلر والبوتوكس، نزلت بيانا رسميا... لماذا؟ أولا احتراما لمهنتى، ثانيا حماية المريض، ثالثا احترام المهن الأخرى وأصحاب التخصص فى التجميل أو الجلدية، فمثلما أحارب الخطأ فى أعضائنا، أحارب الخطأ أكثر ممن يعتدى على المهنة، الطبيب أيا كان تخصصه إذا مارس مهنة العلاج الطبيعى فهو دخيل ومدع، النقابة قوية وليس عندنا مجاملات فى هذه المسألة.
- أصدرتم بيانا بإحالة عضوة للتحقيق لعملها فى تخصص بالطب البشرى، وأشادت نقابة الأطباء بذلك، لكنكم خاطبتموهم بخصوص طبيب يعمل فى تخصص العلاج الطبيعى ولم يردوا.. فما تعليقك؟
نعم، هذا صحيح، نحن كنقابة لا نخجل من فتح ملفات المخالفات داخل مهنتنا، حينما أصدرنا بيانا بإحالة عضوة للتحقيق، فهذا كان فخرا لنا لأنه يثبت أننا لا نتستر على أخطاء أعضائنا ونحرص على احترام تخصصات المهن الأخرى وحماية المريض أولا وأخيرا، فجميع المهن الطبية لديها مخالفات تمثل من 10 إلى 20%.
وبالفعل، نقابة الأطباء المصرية أصدرت بيانا تشيد فيه بصحة إجراءاتنا، ونحن نقدر لهم هذا الموقف، لكننا فى المقابل كنا ننتظر منهم موقفا مماثلا، ليس فقط ب"إحسان الكلام" ولكن ب"إحسان الفعل".
لقد أرسلنا ملفا كاملا مدعوما ب 18 مقطع فيديو وخطابا رسميا للسيد نقيب الأطباء، الدكتور أسامة عبد الحى، يوثق تجاوزات طبيب بشرى يمارس مهنة العلاج الطبيعى بأساليب مسيئة، ويكشف عورات المرضى على وسائل الإعلام، ويستخدم ألفاظا قبيحة جدا أثارت حفيظة طلابنا وأصابتهم بضرر نفسى بالغ، هذا الطبيب لا يسيء لمهنتنا فقط، بل يسيء للمنظومة الطبية بأكملها.
للأسف، حتى تاريخه، لم يصلنا أى رد رسمى بالإجراءات التى تم اتخاذها. وإلا، وهذا ليس تهديدا، فإن النقابة لن تتوانى عن اتخاذ مسارات قانونية أخرى، لأننا لن نسمح بهذا العبث، قانون المسؤولية الطبية، الذى شاركنا فى صناعته مع الدكتور أسامة عبد الحى نفسه، يمنع تماما ممارسة أى شخص لمهنة غير مهنته.
نحن لا نطلب سوى تطبيق القانون واحترام التخصصات، مثلما نحاسب أعضاءنا على أى تعد على مهنة الطب البشرى، كان يجب عليهم أن يتخذوا الإجراء نفسه مع من يعتدى على مهنتنا، نحن ننتظر الرد الكافى الشافى الوافى الذى يردع أى طبيب عن ممارسة مهنة غير مهنته، حماية للمريض ولسمعة المهن الطبية كلها، كما ننتظر الاجراءات ضد تعيين خريجى تربية رياضية فى مستشفيات جامعة عين شمس.
- ماهى قضية خريجى التربية الرياضية فى مستشفيات جامعة عين شمس؟
هذه تحديدا أعتبرها "فوضى إكلينيكية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأنها تحدث داخل صرح أكاديمى وطبى عريق، المشكلة تتلخص فى قيام الجامعة بتعيين 31 شخصا من خريجى كلية التربية الرياضية للعمل مباشرة مع المرضى، وتحديدا فى "مركز طب المسنين"، حيث يقومون بمهام علاجية وتأهيلية لا يملكون أى مؤهل علمى أو قانونى للقيام بها.
هذا الأمر يمثل كارثة متعددة الأبعاد، أولها وأخطرها هو الخطر المباشر على صحة المرضى، فوضع كبار السن، وهم فئة ذات حالات صحية دقيقة، فى أيدى أشخاص غير مؤهلين طبيا هو أمر غير مسؤول ويعرض حياتهم للخطر، إلى جانب ذلك، يعد هذا الإجراء مخالفة صريحة لجميع القوانين والقرارات الصادرة عن وزارات الصحة والشباب والرياضة والمجلس الأعلى للجامعات، والتى تحصر عمل خريجى التربية الرياضية فى المنشآت الرياضية والتعامل مع الأصحاء فقط، هذا بخلاف أن هؤلاء يتقاضون رواتب ومكافآت من ميزانية الدولة لوظائف ليسوا مؤهلين لها، ولهذا أناشد الرقابة الإدارية بفتح تحقيق عاجل فى هذا الملف، فهو أيضا إهدار لفرص المتخصصين الحقيقيين، ففى الوقت الذى يعانى فيه خريجو العلاج الطبيعى من تحديات التكليف، يتم تجاهلهم وتعيين غيرهم، مما يغلق الباب أمام أصحاب الحق الأصيل.
نحن كنقابة لم ولن نسكت على هذا الأمر، لقد قمت بإرسال خطابات رسمية ومباشرة إلى رئيس جامعة عين شمس، ووزير التعليم العالى، ورئيس المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، أوضحت فيها حجم الكارثة وطالبت بإجراء فورى، نطالب ب "طرد وإقصاء وإجلاء" هؤلاء الأفراد فورا من المنظومة الطبية بمستشفيات جامعة عين شمس، القانون يجب أن يطبق على الجميع، وصحة المريض خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
- شهدت الفترة الأخيرة جدلا واسعا حول قرار وقف تكليف خريجى العلاج الطبيعى، كيف تقرأ هذا المشهد؟
بداية، نحن لا نريد أن نظلم الدولة، فلديها رؤية استراتيجية شاملة وتتعامل مع موارد عامة محدودة توزع على قطاعات عديدة مثل الصحة والتعليم، وقراراتها تبنى على مشاورات بين مختلف الوزارات وتصب فى النهاية فى المصلحة العامة.
فى الواقع، أن الإسراع الذى حدث فى الماضى لإنشاء كليات علاج طبيعى كان فى حد ذاته دليلا على قوة المهنة وأهميتها، ففى ذلك الوقت كنا نصدر خريجينا للخارج وكانوا سفراء لمصر ويساهمون فى توفير العملة الصعبة.
المشكلة التى نواجهها اليوم هى نتيجة لتغير الظروف؛ فالعديد من الدول العربية والأوروبية بدأت فى إنشاء برامجها الخاصة للعلاج الطبيعى، مما قلل من فرص عمل خريجينا فى الخارج وأدى إلى حدوث ما يشبه "التكدس" فى الداخل، لكن هل هذا يعنى وجود فائض حقيقي؟ الإجابة قاطعة: لا.. المشكلة ليست فى زيادة الأعداد، بل فى عدم استيعاب المنظومة الصحية لهم رغم الحاجة الماسة.
على سبيل المثال أكبر صرح طبى فى مصر، مستشفيات جامعة القاهرة "القصر العيني"، والتى نعتبرها عنوانا للمهنة عالميا، ستجد أن عدد أخصائيى العلاج الطبيعى فيها لا يتجاوز 400 متخصص، فى حين أن العلاج الطبيعى هو "معط عام" لكل التخصصات الطبية والأقسام التى لا حصر لها، من العنايات المركزة وجراحات العظام والأعصاب إلى الحروق والتجميل. كل قسم من هذه الأقسام يحتاج وحده ما بين 10 إلى 20 أخصائى علاج طبيعى، لو تم تلبية الاحتياج الفعلى، فإن كل مستشفى جامعى قد يحتاج إلى ما يقارب الألف متخصص.
وهنا تكمن الأزمة الحقيقية التى نحاول كشفها، وهى وجود ما أسميه "وصاية" من تخصص آخر داخل بعض المستشفيات الجامعية، حيث تجد أن رصيدها من أخصائيى العلاج الطبيعى "صفر"، وفى المقابل يتم تعيين خريجى التربية الرياضية للقيام بمهام علاجية، وهذا يعد "ضربا" فى مهنة العلاج الطبيعى ومخالفة قانونية صريحة.
ولإثبات أن المشكلة ليست فى وجود فائض بل فى سوء التوزيع، كانت نقابة العلاج الطبيعى هى النقابة الوحيدة التى أعلنت صراحة استعدادها لتقديم 5 ملايين جنيه لوزارة الصحة بهدف إنشاء وحدات صحية للعلاج الطبيعى فى القرى والنجوع، لنصل للمرضى غير القادرين فى أماكنهم ونوفر فى نفس الوقت فرص عمل حقيقية لخريجينا، نحن نعتبر أنفسنا ذراعا داعما لسياسات الدولة، والحل لا يكمن فى وقف التكليف، بل فى تلبية الاحتياج الفعلى ومواجهة الدخلاء على المهنة داخل المنشآت الحكومية نفسها.
والحمد لله، وزير الصحة فى الآونة الأخيرة، أسبوع فقط، اجتمع بقيادات وزارة الصحة ووضع خطة لتطوير مهنة العلاج الطبيعى داخل وزارة الصحة والسكان، هذا أسعدنا جدا وأثلج صدرنا، ونزلنا بيانات عرفان وتقدير وامتنان لهذا النهج.

- تخصص "التغذية العلاجية" أصبح مثار جدل كبير بين مهن عدة، ما هو السبب الحقيقى وراء هذا الصراع الدائر؟
هذه نقطة ممتازة، فالجميع يجب أن يجلس ويتناقش فيها. الحقيقة أن مجال التغذية أصبح "مشاعا" بين تخصصات كثيرة: الطب البيطرى، الزراعة، الاقتصاد المنزلى، الطب البشرى، والعلاج الطبيعى، وكل يريد أن يمارسه.
لكن دعنى أكون واضحا، حتى هذه اللحظة، لا يوجد فى مصر تخصص طبى رسمى أو ترخيص من وزارة الصحة يسمى "طبيب تغذية علاجية"، ما يحدث هو أن الطبيب البشرى المتخصص، مثل طبيب الباطنة أو العظام، يقدم ملاحظات غذائية لها علاقة مباشرة بتخصصه، كأن ينصح مريض الكبد بتجنب أطعمة معينة، أو ينصح مريض النقرس بالابتعاد عن اللحوم، هذا جزء من الممارسة الطبية العامة، ولكنه لا يعنى وجود تخصص قائم بذاته لممارسة التغذية كمهنة مستقلة.
السبب الحقيقى وراء هذا الصراع الدائر هو أن الأمر تحول إلى "سبوبة" ومصالح مالية، هذا الفراغ التنظيمى فتح الباب أمام الجميع، بمن فيهم الأدعياء والدخلاء وحتى أصحاب صالونات التجميل، للعمل فى هذا المجال، مما يشكل خطرا كبيرا على صحة المواطنين.
نحن كأخصائيى علاج طبيعى، نقول بوضوح أن التغذية المرتبطة بأمراض عضوية دقيقة وحرجة، مثل أمراض الكبد أو الكلى، ليست من اختصاصنا المباشر، ويجب أن يشرف عليها الطبيب البشرى المختص بالحالة.
- فى ظل هذا التداخل، ما هو السند العلمى والقانونى الذى تستند إليه نقابة العلاج الطبيعى فى ممارسة أعضائها للتغذية العلاجية؟
سندنا قوى ومتعدد الجوانب، علميا، نحن أقرب المهن الطبية لممارسة التغذية المرتبطة بالجهاز الحركى، فمعظم أمراض العظام والمفاصل التى نعالجها ترتبط بشكل مباشر بالسمنة وزيادة الوزن، من غير المنطقى أن أعالج مريض خشونة الركبة وأنا أرى أن وزنه الزائد هو السبب الرئيسى دون أن أقدم له برنامجا غذائيا متكاملا، نحن نستخدم وسائل علاجية، مثل أجهزة الكافيتيشن، لحرق الدهون، وبالتالى فالتغذية هى وسيلة علاجية مكملة وأصيلة لعملنا.
أكاديميا وقانونيا، كليات العلاج الطبيعى العريقة مثل جامعة القاهرة وطنطا والدلتا وبنى سويف، تقدم بالفعل دبلومات مهنية متخصصة فى التغذية (كتغذية الرياضيين والمعاقين)، وهذا ليس مجرد برنامج دراسى، بل درجة علمية، والأهم من ذلك، أن المعهد القومى للتغذية نفسه أجاز لخريجى العلاج الطبيعى ممارسة هذا الدور، القاعدة التى نعمل بها واضحة: "كل وسيلة علاجية طبيعية هى من حقنا"، وهذا ما حدث مع تخصصات أخرى كانت مشاعا مثل الحجامة والوخز بالإبر، والتى تم تقنينها وأصبحت من صميم عمل العلاج الطبيعي.
أما الحل النهائى لهذا الجدل، فيكمن فى التشريع، نحن نؤيد تماما مقترح إنشاء "قانون موحد للمهن الطبية" يحدد اختصاصات كل مهنة بدقة ويمنع التداخل، كما أن الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية هى المسؤولة عن وضع البروتوكولات والمعايير، فقط نريد منظومة صحية متكاملة، لا صراعات مهنية، النقابة أنشأت أربع جمعيات علمية خاصة بالتغذية، ونقابة الأطباء أنشأت رابطة، وهذا حقنا وحقهم، لكن يجب أن يكون كل ذلك تحت مظلة القانون لخدمة المريض.