بمجرد وصول الزائرين إلى ساحة المتحف المصري الكبير، تتجه أنظارهم إلى المسلّة المعلقة، التي تتوسط الواجهة الخارجية في مشهد مهيب يجمع بين عظمة التاريخ وجرأة التصميم المعماري الحديث. وتُعدّ هذه المسلّة الأولى من نوعها في العالم التي تُعرض بهذه الطريقة، إذ تستند إلى قواعد جرانيتية معلّقة تتيح للزائرين مشاهدة قاعدتها من جميع الاتجاهات.
تنتمي المسلّة إلى عصر الملك رمسيس الثاني، وقد تم العثور عليها في منطقة تانيس (صان الحجر) بمحافظة الشرقية خلال القرن التاسع عشر على يد عالم الآثار الإنجليزي فليندرز بتري عام 1884. وكانت المسلّة ضمن إحدى عشرة مسلّة اكتُشفت في الموقع، وقد وُجدت مهشّمة إلى ستة أجزاء، حُمّلت برقم 49 بينما حملت قاعدتها رقم 50، وتتميّز بوجود اسم رمسيس الثاني محفورًا في أسفلها.
وأوضح عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير أن المسلّة تُعدّ فريدة من نوعها، إذ حرص الملك رمسيس الثاني على نقش اسمه أسفلها، في خطوة غير مألوفة، خشية أن تُطمس النقوش أو تُمحى خلال العصور التالية.
وأشار عبد البصير إلى أن اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير، هو صاحب فكرة عرض المسلّة بهذه التقنية الحديثة، بحيث تُرفع على قواعد معدنية معلقة، ما يتيح للزوّار رؤية النقوش أسفلها، والتأمل في اسم الملك الذي حُفر منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.
بهذا التكوين المعلّق الفريد، تُجسّد المسلّة المعلقة أمام المتحف المصري الكبير تلاقي الفن الفرعوني بالابتكار المعماري الحديث، لتصبح أيقونة بصرية تستقبل الزائرين وتُعلن بداية تجربة لا تُنسى داخل هذا الصرح الحضاري العالمي.