بالتوازى مع الفقر المائى الذى تعانى منه العديد من الدول على مستوى العالم بسبب القفزات السريعة لـ تغير المناخ، لجاء الدول للبحث عن حلول بديله حتى لا يدمرها الجفاف، ومن بينها حل تقنية الأستمطار الأصطناعي. التى تعد أحد التقنيات لحل وإدارة مشكلة الموارد المائية، حتى لا تتأثر سلبا قطاعات مهمة مثل الزراعة والصناعة والتغذية في العالم .
خلال هذا التحقيق نرصد الوضع فى دول العالم قبل الجفاف وكيف تحولت بلاد بالكامل للجفاف والتصحر وهل تقنية الاستمطار الصناعي تعد حل جيد لمواجهة المشكلة.
تقارير دولية
فى البداية رصدت التقارير الدولية لهيئة الأمم المتحده الخاصة بالاتفاقيات الاطارية لتغير المناخ، والتصحر، والأمن المائى ، والأمن الغذائى، انه كان يوجد على الأرض % 2.5 فقط من المياه العذبة، بينها % 1.75 على شكل أنهار جليدية ومسطحات جليدية، حيث كان في الماضي هناك ماء في كل جزء من العالم تقريبا، ومع تزايد عدد السكان و واستهلاك المياه بشكل كبير وغير منظم، اضافة للتوزيع غير المتكافئ لهطول الأمطار في المناطق المختلفة في العالم، تم انخفاض الموارد المائية المتاحة في الخزانات المائية في جوف الأرض وكذلك الأنهار.
شح المياه والأمن المائى
كما وصفت التقارير الدولية الصادرة مؤخرا خلال انعقاد قمة المناخ بالبرازيل بداية الشهر الحالى Cop30، أنه تعتبر ظاهرة شح المياه تهديدا كبيرا للبشرية في المستقبل، الأمر الذى دفع العلماء والباحثون الى البحث عن طرقا علمية، تزيد من معدل هطول الأمطار خاصة في تلك المناطق التي تكون فيها المياه شحيحة .
ووفقا لمنظمة ً اليونيسف التابعة للأمم المتحده ، انه يعيش 2.3 مليار شخص تحت تهديد شحة المياه، كما يعيش 733 مليون شخص منهم في مناطق تعاني من شحة المياه، وان زيادة إنتاجية المياة تؤدي إلى زيادة معدل النمو في القطاع الزراعي و الصناعي وهذا يؤدي إلى التقليل من الأخطار الناجمة عن التغيرات البيئية، كما ان زيادة عدد السكان في العالم ، الذى يعد أحد التحديات الطبيعية والتى تؤثر بشكل مباشر على تفاقم ازمه تغير المناخ، و التي مقدر لها أن تصل في عام 2050 الى اكثر من 10 مليار نسمة، فإن الأمر يبدو صعبا حيث أن شح المياه وقلة الأمطار وزيادة عدد سكان العالم يعجل بتطبيق الحلول البديله وهى الاستمطار الاصطناعي.
ما هو الاستمطار الاصطناعى؟
فما هو هذا الحل الخاص بالاستمطار الصناعى ، وهو ما أكده الخبير العربى الدكتور مجدى علام خبير التغيرات المناخية ، فى تصريحات خاصة لليوم السابع ، انه عملية إنتاج أو زيادة الامطار من خلال التحفيز الاصطناعي للسحب والغيوم، وذلك عن طريق حقنها بعوامل خارجية، مثل ثاني أكسيد الكربون المجمد أو مركب يوديد الفضة، أو غيرها من المواد الكيميائية بواسطة الطائرات أو الصواريخ.
ويوضح علام انه تعمل هذه المواد الاصطناعية على المساهمه في تحفيز وأستمطار السحب والغيوم لأسقاط المياه أو الأمطار المتجمدة على مناطق جغرافية محددة.
أول تجربة للأستمطار الاصطناعي
فيما رصد الدكتور حسبن اباظة الخبير الدولى للأمم المتحدة ، فى تصريحات لليوم السابع، انه تعود جذور أول تجربة للأستمطار الاصطناعي للسحب إلى عام 1946 وعام 1947. من خلال تجربة للباحثان فونيجت و شايفر كللت بالنجاح من خلال أفضل مركبين لتحفيز الأستمطار وهى يوديد الفضة ويوديد الرصاص ، منذ ذلك الحين. بدأت مراكز الأبحاث المختلفة بتوسيع الدراسات والأبحاث على استخدام هذه التقنية الخاصة بالأستمطار الأصطناعي للحد من خطورة الجفاف ومشكلة شح المياه.
دول رائدة فى الاستمطار الاصطناعي
من أبرز الدول السباقة فى استخدام تقنية الاستمطار الصناعي هى أستراليا والولايات المتحدة الأميركية، اضافة الى أكثر من من أربعين دولة على مستوى العالم تطبق هذه العملية، من أجل تعديل المناخ أو تحسين مواردها المائية، ومن أبرز هذه الدول الصين وروسيا وتايلند.
خبراء البيئة يرصدون فوائد الاستمطار الاصطناعي
الدكتور مصطفى حسين وزير البيئة الاسبق والذى يعد احد اهم الخبراء البيئين على مستوى العالم والمنطقة العربية أن تقنية الأستمطار الأصطناعي من الممكن أن تساهم في ايجاد حلول هامه تساعد على التعامل مع البيئات الجافة ، اضافة الى زيادة كثافة الغطاء النباتي والسيطرة على العواصف الترابية ، كما يعمل على الحد من البرد ، وإخماد حرائق الغابات ، وكذلك إعادة ملء السدود وزيادة مخزون المياه الجوفية لاستخدامها مستقبلا.
نتائج عكسية للأستمطار الاصطناعي
أكد الدكتور على أبو سنة رئيس جهاز شئون البيئة، أن تقنية الاستمطار الاصطناعي، بها بعض المخاوف العلمية، وهى مخاوف متعلقة بالتأثير العكسي على الطقس وأرتفاع نسبة المواد الكيميائية في الهواء ، وايضا ما يسموها ظاهرة سرقة الأمطار من الغيوم من قبل بعض الدول قبل دخول المجال الجوي لدول أخرى. كما أنه من الممكن أن تنتج مشاكل في التحكم في طقس الرقعة الجغرافية المستهدفة مستقبلا ،ومن النتائج العكسية ايضا قال ابو سنه:" انه من الصعب استهداف السحابة بدقة للحقن أو البذر الكيميائي، وأنخفاض نسبة نجاحها بنسبة تصل إلى 10 % فی بعض الظروف البيئية .
٣طرق لحقن السحب والغيوم
رصد بعض خبراء البيئة والعلوم والفضاء عدد من طرق حقن الغيوم المستخدمة بتقنية الأستمطار الأصطناعي، منها.
الطريقة الأولى وهى "حامل عبر الهواء" وتعد الطريقة الأكثر شيوعا، وذلك باستخدام الطائرات لإطلاق الخزانات الملحية المحفزة للسحب أو الغيوم ، حيث تحتوي هذه الخزانات على ملح المغنيسيوم وكلوريد البوتاسيوم، وكلوريد الصوديوم او يوديد الفضة، اذ انه تحتوي السحب في الغلاف الجوي على كتلتين هوائيتين، هما السحب العلوي والامتداد السفلي، وتسقط الكرات إلى الجزء العلوي، وتتركز كتلة الجزء العلوي حول بلورة الملح، وتعلق عليها و نتيجة لذلك تتم عملية الأستمطار.
اما الطريقة الثانية حامل عبر الأرض وهى طريقة لحقن السحب وتحفيز الأستمطار الاصطناعي بأطلاق الصواريخ الحاملة للخزانات الملحية المحفزة من الأرض بأتجاه السحب والغيوم. بدلا من إسقاط خزانات الملح من الطائرات إلى السحب، والطريقة الثالثة وهى استخدام تقنية النانو، والتى تتضمن حقن السحب والغيوم من خلال بلورات الملح المطلية بجسيمات ثاني أكسيد التيتانيوم النانوية، ويتم حقنها في السحب الموجودة لجعل جزيئات المطر أكثر كثافة. وزيادة فرصة الأستمطار الأصطناعي مقارنة مع طرق الأستمطار التقليدية .
تجارب الدول العربية للاستمطار الأصطناعي
هناك بعض التجارب العربية للاستمطار الأصطناعي منها العراق، وتونس و الأمارات والأردن والسعودية والمغرب وعُمان ، حيث أن العراق كانت من أول دول المنطقة التي حاولت تطبيق تقنية الأستمطار الأصطناعي والأستفادة منها في التسعينات، و أستهدفت المحاولات المناطق الزراعية في محافظة كركوك والموصل من خلال استخدام نترات الأمونيوم، كما اطلقت الإمارات مشروعا دوليا لأبحاث علوم الأستمطار لزيادة معدلات الأستمطار خاصة بالمناطق الجافة وشبه الجافة الأخرى.