خالد صلاح يكتب :الرئيس الذي لا يستكبر على الرسائل الغاضبة.. ولا يعتبر حرية الرأي على السوشيال ميديا عدوا للدولة.. بل منصات لتصويب المسيرة.. وضمان استقرار الأمن القومي في مصر

الإثنين، 17 نوفمبر 2025 04:27 م
خالد صلاح يكتب :الرئيس الذي لا يستكبر على الرسائل الغاضبة.. ولا يعتبر حرية الرأي على السوشيال ميديا عدوا للدولة.. بل منصات لتصويب المسيرة.. وضمان استقرار الأمن القومي في مصر خالد صلاح

أنت وأنا تابعنا كيف امتلأت مواقع التواصل خلال الساعات الماضية بحكايات وشكاوى وتساؤلات ونداءات حول بعض المخالفات الفردية في الإنتخابات البرلمانية المصرية ، بعضها صحيح وبعضها مبالغ فيه، وبعضها مختلط بين الحقيقة والانفعال، لكن ما لفت نظري حقا هو ان الرئيس لم يتجاهل كل هذا، ولم يتركه يتحول الى كرة ثلج أو مستنقع للشائعات ، ولم يشأ الرئيس أن يتدخل عبر الأدوات السياسية الرسمية كإصدار بيان عن متحدث الرئاسة ، أو توجيه خطاب رسمي إلى الهيئة العليا للإنتخابات ، لكن الرئيس توجه إلى الناس مباشرة عبر حساباته في السوشيال ميديا ، و خرج هو بنفسه وبكلماته المباشرة،ليضع القواعد ويفتح الابواب امام الناس كي يعرفوا الحقيقة كاملة ، وخرج الرئيس على الناس ، من نفس المنصات التى يتحدث عليها الناس ، كأنه يريد أن يقول إنني ( أسمع وأرى وأتابع مباشرة ، وستجدونني أقرب إليكم حين يحتاج المصريين إلى سماع صوتي مباشرة هنا على وسائل التواصل الإجتماعي ، بلا قنوات سياسية أو دبلوماسية ، وبلا تقارير أو وسطاء . 


هذا بالضبط ما أجد نفسي متأملا له ومتوقفا عنده دائما في ردود فعل الرئيس على ما يثار داخل مصر ، سواء كان ما تتداوله الترندات حقيقة أو شائعة ، فالرئيس  لا يستكبر على أن تصله رسائل المصريين عبر السوشيال ميديا ، ولم يتعال مرة واحدة  على ان تكون هذه المنصات رغم فوضويتها أحيانا وعبثية ما يطرحه البعض أحيانا أخرى ، إلا أنها صارت وفق منهج الرئيس طريقا شرعيا وآمنا لوصول نبض الشارع الى رأس الدولة المصرية مباشرة وبلا وسطاء .


وطالما سمعنا عن استجابة الرئيس لفيديو على انستجرام ، أو رسالة سيدة مصرية في لايف على تيك توك ، أو رسالة يكتبها شاب مصري على فيسبوك ، أو تحليل  تنشره صحيفة  مصرية ، كلها تصل مباشرة، وكلها تصنع أثرا عاجلا ، وكلها تؤدي الى قرار اذا كان القرار يخدم الحقيقة ويحمي إرادة  الناس ولا يتعارض مع القانون أو يتجاوز على حقوق الآخرين .


أنا وأنت تابعنا كذلك خلال السنوات الماضية كيف تعامل الرئيس السيسي  مع الشائعات التى تتفجر فجأة ، وعلى نحو متعمد ، على السوشيال ميديا ، ويدهشنا الرئيس حين يفتح ملفات هذه الشائعات على الهواء مباشرة أحيانا ، ليوضح ويفسر ويفند ويرد ويدحض المزاعم ، ويطمئن قلوب الناس ، وفي تقدير أن رأس الدولة المصرية في الجمهورية الجديدة يفعل ذلك بنفسه  ليس لان الدولة تفتقر الى المتحدثين الرسميين أو المؤسسات التنفيذية المختصة ، ولكن لأن الرسائل الجديدة التي تأتي من الشارع تحتاج الى قائد لديه الشجاعة كي يظهر في اللحظة المناسبة، ويمسك بزمام السردية، ويعيد ضبط اتجاه الحقيقة قبل ان تتسع الفجوة بين الدولة والناس  ، وهذه سمة من سمات القيادة الواثقة ، الذي لا تهزه شائعة ، أو يتردد في الإعتراف بتقصير فردي من أي من القيادات التنفيذية ، واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الضرورة  قائد لا يخشى المواجهة ويؤمن بفضيلة الاعتراف بالحق ، ويعتز بأنه يقتحم أسوار الباطل بنفسه وبلا حسابات .


وعندما وصلته خلال الساعات الماضية كل ما دار على المنصات من مخاوف وتساؤلات حول نزاهة المنافسة في بعض الدوائر، لم يتعامل معها باعتبارها مجرد ضجيج عابر ، أو ملف دستوري تختص به الهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها ، بل تعامل معها باعتبارها وسيلة تعبير حقيقية ، وطبق عليها المنهج نفسه في أنه رئيس يسمع ، ولا يتردد في التفاعل مع الناس ، ومن كتب بيانه وأذاعه على منصات السوشيال ميديا مما أدى لقطع الطريق على المضللين الذين يريدون افساد هذه التجربة المصرية في اختيار مجلس نواب جديد ، و حطم أيضا آمال هؤلاء الذين يتربصون في أوكار السوشيال ميديا بالشائعات الوضيعة ، ومفردات التضليل المصنوعة عمدا لإفساد حياة الناس .


لم تكن تلك تفصيلة هامشية ، لكنها نقطة تفرد عبقرية في شخصية الرئيس لم تعهدها مصر من قبل ، وفي تقديري أن هذه القدرة الرئاسية على التواصل المباشر هي التى صنعت الفارق في ملف الانتخابات البرلمانية خلال الساعات القليلة الماضية ، كما ظللت بحالة من الطمأنينية على نتائج المرحلة الأولى ، ومهدت الطريقة للمرحلة الثانية لانتخاب ممثلي الأمة في البرلمان الجديد .


أقول لك من وحي هذه القراءة السريعة فيما جرى أننا أمام رئيس يعتبر أن شرعيته الحقيقية تأتي من الشارع ومن قلوب الناس  وليس من محيط السلطة أو من منظومة تحالفات سياسية ،  ولذلك فإن السيسي لا  يرى في السوشيال ميديا خصما سياسيا ، أو عدوا للدولة ، مهما كانت عدائية ما يطرح أحيانا ، أو شيوع التضليل في أحيان أخرى ، بل يرى الرئيس ، في تقديري ، أن هذه المنصات بمثابة مراكز  إنذار مبكر إذا تعاملنا معها على نحو صحيح ،  ولا يعتبر الرئيس أن  الكلام العفوي للناس تهديدا لاستقرار مصر ، بل هو  فرصة حقيقية  لإصلاح ما يحتاج المصريون إلى إصلاحيه وتصويب مسارات الجمهورية الجديدة وفق رؤية مصر نحو المستقبل .


هنا أرى درسا لنا جميعا في الإعلام المصري ، ولجميع مؤسسات الدولة المعنية بملفات الرأي العام ، فإذا كان الرئيس يستمع ، ويتفاعل ويتجاوب ويرد ، ولا يعتبر هذه الحرية على منصات السوشيال ميديا عدوا للدولة ، بل ميزان لتصويب المسيرة ، فعلينا أن نؤمن أن هذه الحرية تصب دائما في مصلحة الاستقرار السياسي للبلاد ، وتضمن وحدة المصريين ، حين تستثمرها الدولة لإعلاء الحق وإبطال الباطل ، أو لتصويب الأخطاء عند الضرورة .
شكرا للرئيس على استماعك للأصوات الحرة ، الغاضبة أحيانا ، و شكرا على تدخلك المباشر دون استعلاء أو استعداء لهذه الأصوات .

 

ختاما وباختصار أقول  : 

حرية الكلمة صمام أمان للمجتمع حين يتم التعامل معها بهذه الحكمة الرئاسية المتفردة  ، وحرية الكلمة لم تكن عدوا ، بل هي من فتحت الباب للتدخل الرئاسي ، و أدت إلى طمأنة الناس على نزاهة الانتخابات ، ورسخت مكانة الرئيس الذي يتعامل مع الناس مباشرة ويسمع أصواتهم بلا وسطاء ، وتبقى حرية الكلمة دائما هي الحل ، وهي الأساس لأمن مصر .
وتبقى مصر من وراء القصد .




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب