قلنا مرات ونؤكد أن مجلس النواب أو البرلمان بغرفتيه هو الأهم فى سلسلة البرلمانات، التى عرفناها بعد 30 يونيو، بل وبعد 25 يناير، لأنه يأتى فى مرحلة مهمة تتشابه فى التفاصيل والمطالب، والتحولات فى الإقليم والعالم، والداخل أيضا، ولهذا نأمل فى أن يكون هذا البرلمان معبرا عن خطورة وتحديات المرحلة المقبلة، وأن يكون ومعه الحكومة قادرين على قراءة الخرائط، والتصورات والتحولات التى تستمر فى التفاعل طوال 15 عاما وقبلها 5 سنوات أخرى، فقراءة التطورات والتحولات مهمة، وتثبت كل التجارب أن التحولات الكيفية لا تتم فجأة، لكن تسبقها تحولات كمية تتراكم لتصنع كل ما ينتج.
ولهذا نستكمل ما بدأناه عن أهمية أن تكون المؤسسات المختلفة قادرة على قراءة آراء الجمهور والمواطنين والشعب، وهذه المؤسسات هى البرلمانات بغرفها، والحكومة التى تمثل الطرف الأهم فى قراءة هذه الخرائط. ليس صعبا أن تكون هناك استطلاعات لآراء الجمهور فى زمن المنصات والتطورات التقنية ومراكز استطلاعات الرأى المختلفة، التى تعمل بعضها عامة والبعض خاصا أو أهلى، وهذه الطريقة مهمة ونراها فى كل الدول الحديثة بشكل واسع، وتقريبا بشكل شهرى أو فصلى، هناك استطلاعات رأى تجريها صحف أو مراكز أبحاث فى الولايات المتحدة، أوروبا، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، وغيرها، وتعلن النتائج وتحدد مدى صعود أو هبوط شعبية المسؤولين التنفيذيين، ودرجات رضا المواطنين عن السياسات العامة والمالية.
وفى مصر، لدينا مراكز معلنة وأخرى ترتبط بالمؤسسات تقيس آراء الرأى العام فيما يجرى، ومنها مثلا مركز معلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء، الذى يفترض أن يرتب استطلاعات رأى يقدم نتائجها للحكومة والوزارات المختلفة، لتعرف مدى التوافق على السياسات والإجراءات والقرارات أو التعامل معها، وميزه هذه الاستطلاعات أنها تجيب بالفعل عن أسئلة مطروحة، وتقول ما يجب، وليس ما يحب أن يسمعه المسؤول حتى يمكن للحكومة أن تعرف مطالب المواطنين.
وقد ضربنا أمثلة بضرورة أن تعرف الحكومة آراء المواطنين ومطالبهم فى ملفات الإسكان والصحة والأسعار والأسواق، بشكل يجعلها قادرة على التعامل مع واقع شعب أغلبيته من الطبقة الوسطى، وليس العمل باتجاه عدد محدود، بجانب التعامل مع القطاع الخاص والعام بشكل يضمن توازن الحقوق والواجبات بين أصحاب العمل والعاملين، وتكافؤ الفرص، والدفع نحو نظام توظيف تكون الأولوية فيه للكفاءة حتى يمكن أن تكون القيادة للأكثر قدرة، وهو ما يدفع بالموهوبين والقادرين إلى الصفوف الأولى، وكل هذا هو ما يرسم ملامح الجمهورية الجديدة، التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى مرات عديدة، باعتبارها نتاج جهد وعمل وبناء وتنمية طوال 11 عاما، وأهم ملامح هذه الجمهورية سرعة الاستجابة، والقدرة على التنبؤ، والتطبيق السليم لقوانين العرض والطلب التى تبدو أحيانا مختلة أو معطلة فى ملفات الأسعار والأسواق والعقارات، وقد سبق ووجه الرئيس الحكومة إلى أن تبحث عن آليات للتعامل مع تطبيق قوانين العرض والطالب، وموازنة هذا بشكل يضمن تطبيق هذه القوانين، مثلما يجرى تطبيقها فى الدول الحديثة.
لا بد أن تنعكس السياسات على السوق، ويشعر المواطن بالنتيجة بشكل عاجل ومتوسط وطويل المدى، وأهم مؤشر بجانب فرص العمل، الأسعار، التى يفترض أن تستقر ما دامت أسعار العملة مستقرة، وبسعر واحد، واختفاء السوق الموازى يفترض أن ينعكس على تراجع أسعار سلع ومستلزمات إنتاج، ما يؤدى لانخفاض فى أسعار سلع أخرى. وفى مارس 2024 تحدث الرئيس السيسى حول القضية الأهم التى تتعلق بالجمهور والناس والاقتصاد، وكيفية ضبط الأسواق، وتطبيق قوانين العرض والطلب بما ينتهى إلى وجود توازن بين الأسعار وأرباح التجار، لأن هذه القوانين غالبا تطبق عند ارتفاع أسعار العملات، وتتعطل عند انخفاض الأسعار، وهذه القوانين مطلوبة فى كل وقت، وليست فى السوق فقط بل مع المؤسسات والسلطات جميعا.