ولد عميد الأدب العربي طه حسين يوم الجمعة 15 نوفمبر 1889 في قرية الكيلو التابعة لمدينة مغاغة بمحافظة المنيا. وكان ترتيبه السابع بين ثلاثة عشر طفلًا في أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. وفي سن الرابعة أُصيب بالرمد، وهو ما أدّى إلى فقدانه بصره نتيجة جهل من حوله واستعانتهم بالحلاق بدلًا من الطبيب، فكان ذلك سببًا في إصابته بالعمى الدائم.
رحلة في مواجهة الظلام والجمود
ورغم فقدانه للبصر، لم تكن تلك العقبة حاجزًا أمام رغبته في التعلم؛ فالتحق بكتاب القرية وتمكّن من حفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز التاسعة من عمره، مخالفًا توقعات من ظنّوا أنه غير قادر على ذلك. ومع بروز نبوغه، انتقل مع شقيقه إلى القاهرة عام 1902 لمتابعة دراسته في الأزهر الشريف الذي كان يُعد منارة العلم آنذاك.
إلا أن طه حسين لم يجد في مناهج الأزهر ما يروي شغفه؛ إذ اصطدم بجمود بعض الأساليب وغياب التطوير في العلوم الدينية واللغوية، ما دفعه إلى مواصلة البحث والدراسة بجهده حتى حصل على درجة الدكتوراه عام 1914 عن أطروحته "ذِكرى أبي العلاء"، والتي أثارت موجة من الاعتراضات بسبب جرأته في مناقشة بعض الأفكار التقليدية.
بعد ذلك، سافر إلى فرنسا ليلتحق بجامعة مونبيليه، حيث قضى سنوات استطاع خلالها مقارنة نظم التعليم بين الأزهر والجامعات الغربية، وهو ما أثار حفيظة البعض بسبب صراحته في النقد. لكنه واصل مسيرته بعزيمة كبيرة، فقدم عمله الشهير "في الشعر الجاهلي" الذي اعتمد فيه المنهج الديكارتي، وانتهى إلى رأي مفاده أن كثيرًا من الشعر المنسوب إلى العصر الجاهلي كُتب في العصر الإسلامي لأسباب اجتماعية وسياسية. وقد أثار هذا العمل جدلًا واسعًا وزاد من مكانة طه حسين كمفكر جريء لا يخشى مواجهة التيار.