يُعد معبد مدينة هابو واحدًا من أعظم المعابد الجنائزية في مصر القديمة وأكثرها حفظًا، وقد شيّده الملك رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد ليكون مركزًا لإقامة طقوسه الجنائزية ولعبادة الإله آمون. ويتميّز المعبد بضخامته المعمارية وغنى نقوشه التي توثق الانتصارات العسكرية للملك، إضافة إلى كونه كان مركزًا إداريًا وملاذًا آمنًا للسكان في فترات الاضطرابات.
وبحسب ما جاء في الموقع الرسمي لوزارة الآثار، فإن المعبد يمثل تحفة فنية ومعمارية بفضل حالته الجيدة وتخطيطه المستوحى إلى حد كبير من معبد الرامسيوم. وقد رُوعي في بنائه الالتزام بالتقاليد المتبعة في إنشاء المعابد خلال عصر الدولة الحديثة.
رمسيس الثالث.. بطل الحروب وضحية المؤامرة
حكم الملك رمسيس الثالث (1184–1153 ق.م) في الأسرة العشرين، واشتهر بخوضه معارك كبرى ضد الليبيين وشعوب البحر، وهي صراعات أدت إلى سنوات من الاستقرار والرخاء في مصر. إلا أنه في أواخر عهده وقع ضحية مؤامرة الحريم الملكي التي أنهت حياته.
التحصينات والبوابات
يحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن يحتوي على حجرتي حراسة، ويتوسطه مدخل كبير تحفّه أبراج ذات شرفات يُعرف باسم بوابة رمسيس الثالث. تقع البوابة في الجهة الشرقية، بينما كان هناك مثيل لها في الجانب الغربي قبل أن يتهدم مع الزمن.
وتقود هذه البوابة إلى: الصرح الأول، الفناء الأول، الصرح الثاني، الفناء الثاني، ثلاث قاعات للأعمدة، مجموعة من المقاصير.
قدس الأقداس والغرف الخلفية
كما يضم المعبد بقايا القصر الملكي والمخازن والإسطبلات والمباني الإدارية التابعة له. وتتنوع الأعمدة بين أعمدة مستديرة بتيجان على شكل بردي وأخرى يظهر فيها رمسيس الثالث بهيئة أوزيرية.
منشآت وآثار مجاورة
تضم المنطقة المحيطة بالمعبد آثارًا مهمة، منها: معبد أنشأته الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث في موقع معبد أقدم من عصر الأسرة الثانية عشرة، مقابر الزوجات الإلهيات للإله آمون رع التي تعود إلى الأسرتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين.
القناة المرتبطة بالنيل
كان للمعبد قناة متصلة بنهر النيل تتقدمها رصيف خاص، مما أتاح الوصول إليه بالمراكب وكانت المنطقة المحيطة بالمعبد تستخدم أيضًا كمأوى للسكان لحماية أنفسهم من هجمات الليبيين، نظرًا للوضع السياسي المضطرب في عهد رمسيس الثالث.
نقوش تحكي تاريخًا كاملاً
تُعد زخارف المعبد من أغنى ما تركته الدولة الحديثة، إذ تُظهر: حملات رمسيس الثالث ضد الليبيين، معاركه مع شعوب البحر، مشاهد الصيد والرحلات، مناظر دينية تُظهر الملك متعبدًا أمام الآلهة، تصوير الاحتفالات والمواكب الرسمية.