حازم الجندى

انتخابات مجلس النواب.. صوتك يصنع المستقبل

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025 03:53 م


في لحظة فارقة من تاريخ مصر، تتجه الأنظار إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مجلس النواب 2025، حيث لا تُقاس قيمة المشاركة بعدد الناخبين، بل بوعيهم، ولا تُقاس الديمقراطية بضجيج الشعارات، بل بنبض الإرادة الحرة التي تختار وتقرر، فالمشاركة هنا فعل وطني يؤكد أن المصريين ما زالوا شركاء في رسم ملامح دولتهم الحديثة، لا مجرد متفرجين على مسرح السياسة.

لقد تغير مفهوم المشاركة كثيرا خلال السنوات الأخيرة، لم تعد مجرد ممارسة دورية تُمارس كل بضع سنوات، بل أصبحت أداة للتأثير، ورسالة للمستقبل، وصوتا يكتب شهادة ميلاد جديدة لكل مرحلة سياسية. فكل ورقة انتخابية تحمل توقيع صاحبها على مشروع وطني ضخم اسمه "مصر 2030"، مشروع لا يقوم إلا على الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، تلك الثقة التي تتجدد مع كل انتخابات، لتؤكد أن التجربة الديمقراطية المصرية ليست طارئة، بل متجذرة ومتطورة.

المشاركة في الانتخابات ليست فقط دفاعا عن الحق في الاختيار، وإنما دفاعا عن فكرة الوطن ذاتها، فحين يتردد البعض أو يتراجع عن النزول، يترك المساحة لغيره كي يقرر مصير الجميع، وكأن الغياب تفويض صامت لمن لا يمثلنا، ولذلك فإن الوعي الحقيقي يبدأ من إدراك أن "الحياد" في لحظات التغيير ليس حيادا على الإطلاق، لكنه هروب من مسئولية بناء الوطن.

في هذه الانتخابات، يتجلى مشهد مختلف: شباب ينزل لأول مرة مدفوعا بالأمل لا بالإحباط، نساء أصبحن شريكات في القرار لا في التمثيل الرمزي، وكبار ما زالوا يرون أن مصر تستحق عناء النزول والانتظار، هذا التنوع الإنساني في مشهد المشاركة هو أجمل تعبير عن نضج الوعي الجمعي المصري، الذي أدرك أن الديمقراطية لا تُمنح، بل تُنتزع بالممارسة الواعية والمسؤولية.

والحقيقة أن أهم ما يميز انتخابات 2025 أنها تأتي بعد عقد كامل من التجارب التي أعادت تشكيل الحياة السياسية في مصر أحزاب أقوى، ومؤسسات انتخابية أكثر تنظيما، ووعي شعبي تجاوز مرحلة "الاختيار بالوجه" إلى "الاختيار بالبرنامج"، الناخب المصري اليوم يبحث عمن يفهم لغة المستقبل، لذلك أرى ما يحدث نقلة من زمن العواطف إلى زمن الكفاءة.

ولعل أهم ما يجب أن يدركه المرشحون أن الناس لم تعد تنخدع بالبريق المؤقت، الناخب اليوم يُدقق، يسأل، يقارن، ويُحاسب. فقد تغير المزاج العام من "ننتخب من نعرفه" إلى "ننتخب من يستحق"، وهنا تتجلى قيمة المنافسة الحقيقية التي لا تقوم على الشعارات ولا على العصبيات، بل على القدرة على تقديم حلول واقعية لقضايا الناس اليومية، من التعليم والصحة إلى التشغيل والتحول الرقمي.

إن نزول المصريين إلى صناديق الاقتراع هو فعل مقاومة ضد اليأس، وتجديد للعهد مع الدولة التي اختاروا أن تكون قوية ومستقرة، فكل صوت يُدلى به هو رسالة إلى العالم بأن مصر ما زالت قادرة على صون تجربتها الديمقراطية، وأن إرادة البناء لا تزال أقوى من كل التحديات، لذلك المشاركة ليست واجبًا دستوريًا فحسب، بل مسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال القادمة، فكما ورثنا نحن من آبائنا وطنا صمد في وجه الأزمات، علينا أن نورث أبناءنا وطنا اختار طريق المشاركة والوعي لا اللامبالاة والانعزال.

لذلك جاءت المشاركة في انتخابات مجلس النواب تعبيراً صادقاً عن وعي الناخب المصري شباب ونساء وكبار السن وذوي الهمم، الجميع حرص على أداء الواجب الوطني ويدرك قيمة صوته الانتخابي في بناء الوطن والدفاع عن حقوقه.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب